''النعال'' و''البونتاكور'' تمنع مواطنين من دخول المحاكم وتجرّهم إلى السجن
مع بداية لفحات الصيف الأولى وانتشار حرارته، ومع عودة الثياب الصيفية الخفيفة والقصيرة، تعود المشاكل عند مداخل محاكم العاصمة مجددا، حيث يمنع رجال الشرطة والحرّاس المواطنين من الجنس الخشن بشكل خاص، والذين يرتدون نصف سروال ”بونتاكور” أو سروالا رياضيا وحتى النعال ”البليغة ”من الدخول إلى المحكمة منعا باتا، سواءً جاؤوا لحضور الجلسات كضحايا أو متهمين، أو حتى ممّن يقتربون من المحاكم بعرض استخراج وثائقهم.وهو ما يتسبب في ضياع لحظات هامة وحاسمة في حياة العديد منهم، أو يتطور الأمر ليتحوّل لمواجهات وشجار بين رجال الشرطة والمواطنين. ”النهار” والتي تسجّل حضورها دوما في قاعات المحاكم شهدت العديد من الخلافات حول الثياب جمعت لكم هذه الحكايات.”مدلّل” يتحوّل إلى”سلفي” ليتمكّن من الحصول على شهادة السوابق العدلية
قصد شاب في مقتبل العمر، يدعى ”س.ع” يسكن في ضواحي القبة، محكمة حسين داي، الأسبوع الماضي، لاستخراج شهادة السوابق العدلية مرتديا ”بونتاكور” من الجينز وقميص ”لاكوست” وردي فاتح شدّ انتباه الجميع عند مدخل المحكمة بقصة شعره الكستنائي الجميلة، غير أنه وبمجرد تخطيه العتبة وصعوده السلالم الأولى، طلب منه الشرطي أن يعود أدراجه لارتدائه ”بونتاكور”، وهو ما رفضه، مشيرا أنه بحاجة لشهادة السوابق العدلية لتقديمها في ملف عمله غدا لكن الشرطي رفض الإنصات له، لكن الإصرار والعزيمة التي يتمتّع بها ”س.ع” جعلته يتوجّه لأحد المحلات القريبة من المحكمة ويقتني ”قميصا” رمادي اللون، طويلا وبالأكمام، لبسه فوق ثيابه ودخل للمحكمة واستخرج وثائقه.
”البونتاكور” حلال في بئرمراد رايس حرام في حسين داي
هو التعليق الذي أطلقه أحد الشباب، الذي جاء لمحكمة حسين داي لحضور جلسة محاكمة قريبه، حيث منع من الدخول بسبب السروال الصيفي أين ردّد على مسامع الشرطي أنه يدخل يوميا مئات المرات لمحكمة بئرمراد رايس بسعيد حمدين مرتديا نفس ”البونتاكور” ولم يتلقى أي ملاحظة بشأن ثيابه أو سرواله بالتحديد، سوى في محكمة حسين داي، مستغربا من وجود تعليمة كهذه وعن مدى تأثيرها على العدالة أو سير المحاكمة، يضيف محدثنا، وهو طالب في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أنه كان يجدر بالساهرين على سلك العدالة تعليق التعليمة التي تمنع ارتداء الثياب الصيفية عند مدخل المحكمة كي يطّلع عليها جميع المواطنين ويتفادوا الإحراج والطرد.
النعال تحرم ضحايا ومتهمين من الدخول إلى قاعة الجلسات
ليس ”البونتاكور” فقط من كاد يحرم ”س.ع” من تحقيق حلمه، بل حتّى الخفاقات أو يسمى بالعامية ”البليغة” حرمت العديد من المتقاضين متهمين وضحايا من حقّهم في حضور جلسة المحاكمة والإدلاء بتصريحاتهم، ”عبد الودود” شاب يبلغ من العمر 25 سنة يقيم في ضواحي باش جراح بالعاصمة، ضحية سرقة هاتف نقّال بالتهديد، حيث قطعت عصابة طريقه بالقرب من نفق واد أوشايح وجرّدته من هاتفه النقّال غير أن التحريات الأمنية استطاعت الوصول لأحد الجناة، وفي يوم المحاكمة المشهود منع من الدخول لقاعة الجلسات لارتداءه ”بليغة” رغم أنه أخبرهم بضرورة مواجهته للمتّهم وتأكيده الوقائع، لكن ذلك لم يجدي نفعا، محاولا إقناعهم بأنه مصاب في قدمه وقد كانت جروحه بادية للعيان يستحيل معها ارتداء حذاء، لكن ذلك لم يشفع له، فرجع بخفي حنين يجر أذيال الخيبة بعد أن اعتقد أن هذه الجروح وهي من يوم الحادثة ستكون دليلا على الاعتداء وستساعد العدالة في الوصول للحقيقة، غير أنها حرمته من المطالبة بالتعويض، ما وقع مع عبد الودود تكرّر مرات عديدة ويحدث يوميا عند عتبات المحاكم، غير أن أنماط الناس المختلفة تجعل البعض يغادر في سلام والبعض يهمّ بالمغادرة لكن يتراجع ليحدث الفوضى، وهو حال ”ش.ك” 19 سنة، تلميذ في النهائي، كان مقبلا على اجتياز شهادة البكالوريا فتوجّه للمحكمة في شهر ماي الماضي لاستخراج شهادة الجنسية، لكنه منع من الدخول بسبب ”الخفاقات” ولأن حالته النفسية لم تكن جيدة، خاصة وأن البكالوريا لم يتبق لها سوى شهر بالتمام والكمال ولم يستخرج بعد بطاقة التعريف، وبمجرد أن منع من الدخول ثار في وجه الموظّف وبدأ بالصراخ والسب، خاصة عندما شاهد فتاة تدخل المحكمة مرتدية ”الميني جيب” وحذاءً صيفيا من نوع ”كلاكيت” فراح يردّد عبارة حلال عليهم حرام علينا مواصلا أن التعليمة يجب أن تطبّق على النساء وليس الرجال فقط أو تطبق على الجنسين معا لمطالبة النساء المستمرّة بالمساواة، ليتدخّل بعدها رجال الشرطة ويوضحوا له أنها القوانين وهو ماجعله يهدأ ليشرح لهم ظروفه بالتفصيل وصراعه مع الوقت وهو ما جعله دائم التوتّر والقلق.
’‘اللّحية” تمنع سلفيا من الدخول لجلسة علنية في حسين داي
تتسبّب قرارات المنع وغياب تعليق تعليمة واضحة بالثياب المحظورة في وقوع مشادات والتي تتطور في الكثير من الأحيان ليجد زائر المحكمة نفسه في الحبس لسبب بسيط تافه، فقد مثل أمام محكمة حسين داي ”م.ح” من مواليد 1983 ويقيم في المقرية موقوف بالمؤسسة العقابية بالحراش لمواجهة تهمة التعدّي بالعنف على رجال القوة العمومية والتحطيم العمدي لملك الغير على خلفية قيامه بلكم الضحية ”م.م” وهو شرطي بمحكمة حسين داي على مستوى العين، مسبّبا له عجزا قدّره الطبيب الشرعي بـ10 أيام، كما حطّم قطع من الرخام تزيّن مركز الشرطة داخل المحكمة، وخلال الجلسة صرّح المتّهم أنه قصد المحكمة لسماع حكم شقيقه، ولأنه ملتحي وكان يرتدي القميص، منعه الشرطي من الدخول للجلسة العلنية، مؤكّدا على أنها تعليمة من النيابة تمنع دخول أي شخص لا يحمل استدعاءً، وهو ما أغضبه فوقعت مناوشات بينهما، مؤكدا على أنه لم يضربه أو يحطّم الرخام، مواصلا أنه تضرّر جراء الحادثة ونظارته الطبية كسرت مما تسبب في ضعف بصره