هكذا اختلس إطارات في تعاضدية الجماعات المحلية أموال “الزوالية” طيلة 10 سنوات!
فتحت محكمة الدار البيضاء في العاصمة، واحدا من أهم الملفات الفساد التي اختلست فيها أموال “الزواولة” من عمال البلديات والولايات المنخرطين في التعاضدية الوطنية لعمال الجماعات المحلية والإدارة، التي تعدّ هيئة عمومية ذات طابع اجتماعي، تورط فيها كلا من المدير العام للتعاضدية المدعو “خ.الهادي”، والآمر بالصرف المدعو “ب.دراجي”، وكاتبة المدير العام “ب.جميلة”، بعد اختلاس فاق 13 مليار سنتيم على مدار 10 سنوات.
ووجهت للمتهمين جنحة التزوير واستعمال المزوّر في محررات مصرفية، التزوير واستعمال المزوّر في وثائق إدارية، التزوير في محررات عرفية، إساءة استغلال الوظيفة، الغدر، والثراء غير مشروع.
ملابسات القضية تعود إلى شكوى قيدتها التعاضدية الوطنية لعمال الجماعات المحلية والإدارة الممثلة من طرف رئيس مجلس الإدارة “ح.فواد” ضد كل من “ب.دراجي” و”ب.جملية” على أساس اختلاس الممتلكات والغدر وإساءة استغلال الوظيفة والثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر، حيث أكد الشاكي بأن التعاضدية هيئة عمومية ذات طابع اجتماعي تخص القانون الخاص وذات غرض غير مربح، حيث أن التعاضديات تهدف إلى القيام بأعمال التضامن والمساعدة والاحتياط لفائدة أعضائها المنخرطين وذوي حقوقهم، لا سيما من خلال دفع الاشتراكات، وذلك عن طريق دفع الأداءات الفردية والجماعية، إلى غير ذلك من مختلف الخدمات المقدمة، ويشغل المتهم الأول “ب.دراجي” منصب الآمر بالصرف لدى التعاضدية، حيث تتمثل مهامه في إعداد القوائم النهائية للمنخرطين المستحقين للأداءات والخدمات بعد الإطلاع على ملفاتهم التي تمكنهم من الإستفادة من هذه الأداءات ومراجعتها والتحقق من صحتها، ومن ثم إصدار الأمر النهائي بصرف تلك المبالغ.
وأن المتهمة الثانية تشغل منصب كاتبة المدير العام لدى التعاضدية، حيث أن رئيس مجلس الإدارة الذي عيّن موخرا بتاريخ 18 جويلية 2019، تلقى مراسلة من طرف المدير العام “ع.الهادي”، مفادها وجود اختلاس مبالغ مالية ضخمة من طرف المشتبه فيهما سالف ذكرهما، وهو ثابت من خلال الجدول المحرر من طرف مدير المركز الوطني للصكوك البريدية التي تحصلت عليه التعاضدية بناءً على طلبها بخصوص وجود عمليات مالية مشبوهة بمبالغ ضخمة تم صبها من حساب التعاضدية إلى حساب المشتكى منهما، وقد تحصلت الشاكية على الجدول الخاص الذي يثبت صبّ هذه المبالغ منذ 2010 إلى يوم تقييد الشكوى، يثبت اختلاس أموال ضخمة لم تستطع تقديرها وتقييمها بدقة، وذلك عن طريق إصدار أمر بالصرف من الحسابين البريديين للتعاضدية إلى الحسابين البريديين للمشتبه فيهما، حيث أن المتهم الأول “ب.دراجي” كان يقوم بإعداد القوائم العادية الحقيقية الخاصة بالمنخرطين المستحقين للأداءات والتعويضات بناءً على ملفات صحيحة، علما أن القوائم متكونة من عدة صفحات، ثم يحولها إلى المدير العام للمصادقة عليها بعد الإطلاع عليها، وتأكده من صحة مضمونها، وذلك عن طريق وضع ختمه وتوقيعه وفي الصفحة الأخيرة فقط من القوائم، ثم يرجعها إلى المتهم الأول، ليقوم هذا الأخير بالتلاعب بالقوائم عن طريق تزويرها واستبدال أسماء المستفيدين الحقيقيين باسمه وأسماء باقي المشتبه فيهم، وبالتالي صب المبالغ المالية المختلسة من حساباتهم، كما تثبته الجداول المرفقة الخاصة بعشر سنوات السابقة، ويوقع على الصفحة الأخيرة فقط بختمه الشخصي الذي يحمل اسمه باعتباره الآمر بالصرف، مضيفا أنه يتضح أن المبالغ المختلسة كانت موجهة في الحقيقة إلى مختلف المنخرطين من جميع الولايات والبلديات عبر كامل التراب الوطني.
هذا وقد حققت مصالح الأمن المختصة فيما ورد في مضمون الشكوى، وتمكنت بعد تعيين خبير من اكتشاف ثغرة ضخمة تجاوزت 13 مليار سنتيم، تم صبها في حساب كلا من المتهمين السالف ذكرهما.
وقد أثبتت أن القائمة التي كانت تحول لمركز الصكوك البريدية لا تتوافق مع القائمة الإسمية الموقع عليها من قبل المدير العام.
وبسماع أقوال المتهم “ب.دراجي”، اعترف باختلاسه لأموال التعاضدية وأموال “الزواولة” من عمال الولايات والبلديات المستحقين للتعويضات بناءً على ملفاتهم، مؤكدا أن ذلك بإيعاز وتدبير من المدير العام “خ.الهادي”، مؤكدا أنه هو من قام بعرض الفكرة على المتهمة الثانية بعد إعلامها أن المدير العام على علم بذلك، وأن نصيبها كان يتراوح بين 15 و60 مليون سنتيم، وأن الطريقة التي كان يعمل بها هي تحضير قائمتين، إحداها تحمل اسمهما وهي القائمة التي يحتفظ بها، والقائمة التي لا تحوي على اسميهما تحوّل على المحاسبة.
وبسماع أقوال المتهمة “ب.جميلة” التي تم إبلاغها بنتائج التحقيق والتلاعب بقوائم المستفيدين من التعويضات في التعاضدية، هي وزميلها المتهم الأول، مصرحة أنها كانت تتلقى مبالغ مالية بين 5 و10 آلاف دج في حسابها من طرف زميلها الذي كان يتكفل بالتزوير والتلاعب، مؤكدة أنها ليس لها علاقة بذلك سوى أنها كانت تتستر عليه، وأشار إلى أنها لا تستبعد علم المدير العام بذلك، مؤكدة أنها كانت تقوم بصرف كل ما تتلقاه في حسابها في المأكل والمصروف، عكس ما كشفت عنه خلال التحقيق الأولي، الذي صرحت من خلاله أنها كانت تسحب مبالغ مالية بين 100 و150 مليون سنتيم من حسابها لتسلمه له ويسلمها بالمقابل مبالغ مالية بين 15 ألف دج و 60 مليون سنتيم، مؤكدة أن مهامها كانت بعيدة عن تحضير قوائم المستفيدين وتتلخص في الرد على المكالمات الهاتفية والمراسلات الإدارية وتحضير جدول الأعمال الخاصة بالجمعية العامة.
وبسماع أقوال المدير العام للتعاضدية المتهم “خ.الهادي”، أكد أنه علم بالقضية لدى انطلاق التحقيق فيها، مؤكدا أنه ضحية تلاعب الموظفين المتهمين في الملف، موضحا أنه كان يوقع على القائمة الإسمية المحررة من قبل الموظفين سالف ذكرهما، واللذان كانا يقومان بإدراج فيها أسماء وهمية للقائمة التي يوقع عليها في الصفحة الأخيرة، قبل أن يتلاعب فيها المتهمان لاحقا بتغيير الصفحة ويستبدلان فيها الإسمان الوهميان باسميهما، نافيا علمه أو تورطه برفقتهما في ذلك، ما مكن حسب الخبرة كلا من المتهم “ب.دراجي” الآمر بالصرف من صب مبلغ يفوق 9 ملايير سنتيم بحسابه، ومبلغ يفوق 3 ملايير في حساب شريكته كاتبة المدير العام.
كما أضاف هذا الأخير أن المدير العام المدعو “خ.الهادي” كان على علم بإدراج اسميهما في القائمة، وأنه كان يسلمه المبالغ المالية نقدا بعد سحبها.
وهي التصريحات التي فندها المدير العام جملة وتفصيلا، وأكد أنها مجرد افتراء، خاصة وأن تمرار نفس الأسماء في فترات متقاربة فاضح ومكشوف، خاصة وأن المستفيدين يتحصلون على مبالغ مالية تتراوح بين 300 و400 مليون سنتيم كل 15 يوما، وأنه يستغرب تصريح كاتبه باشتباهها في علمه بالأمر.
هذا وقد تأسست التعاضدية الوطنية لعمال الجماعات المحلية والإدارة طرفا مدنيا، وطالبت بضرورة إلزام المتهمين باسترداد المبالغ المختلسة مع تعويض مادي عن الضرر اللاحق بها.
وقد التمس وكيل الجمهورية توقيع عقوبة 5 سنوات سجنا نافذا، مع مليون دج غرامة مالية.
جميلة.ق
يتيح لكم تطبيق النهار الإطلاع على أخبار عاجلة وأهم الأحداث الوطنية.. العربية والعالمية فور حدوثها
حمل تطبيق النهار عبر رابط “البلاي ستور”
https://play.google.com/store/apps/details?id=com.ennahar.androidapp