هذه هي أسباب تفوق الإناث على الذّكور في الدّراسة والحياة المهنية
والنساء الرّيفيات أكثر نجاحا من نساء المدينة..لاستنشاق ”أكسجين الحرية
كشف عصام بن ضيف الله، مختص في علم النفس المدرسي، أنّ أسباب تفوق الإناث على الذّكور سواء الدّراسة أو الحياة المهنية، هو ”الحافز اللاشعوري” الذي يجعلها في رحلة البحث عن ”مكانة مرموقة” بالمجتمع الذي تنتمي إليه، ببذل مجهودات أكبر لتحقيق النجاح والتفوق في الدراسة، لتصبح الدراسة ذات بعدين الأول ”معرفي” و الثاني ”اجتماعي” بالدرجة الأولى.
وأضاف عصام بن ضيف الله، في تصريح لـ’النهار’، أن الإناث يتفوقن على الذكور ليس فقط في الامتحانات الرسمية، لاسيما امتحان شهادة نهاية المرحلة الابتدائية، شهادة التعليم المتوسط وشهادة البكالوريا، وإنما قد سجلن تفوقهن على الذكور حتى في الاختبارات العادية المبرمجة خلال الموسم الدراسي. ودائما عن أسباب التفوق، أكد المختص في علم النفس المدرسي، أن ‘الحافز اللاشعوري’ للفتاة أو للمرأة بصفة عامة هو الذي يدفعها لبذل مجهودات أكبر لتحقيق التفوق والنجاح في مشوارها الدراسي، سواء بقيامها بإثبات ذاتها، خلال المرحلة التعليمية الإجبارية بدءا بالطور الابتدائي ووصولا إلى مرحلة التعليم العالي ‘الجامعة’، أو حتى خلال مرحلة التعليم غير الإجباري، حين تتمكن الفتاة من احتراف مهنة بجدارة واستحقاق كبيرين، بعد تخرجها من مراكز التكوين، سواء في مجال الخياطة، الحلاقة أو حتى الطبخ ومهن أخرى، وذلك بغية حصولها على ”مكانة” لائقة بالمجتمع الذي تعيش فيه، مؤكدا في ذات السياق؛ بأن ذلك ”الحافز اللاشعوري” يعد بالعامل الإيجابي أو بمثابة ”الأكسجين” الذي يمنحها هامشا من الحرية، خاصة و أن المرأة تدرك جيدا بأن الفرصة الوحيدة للحصول على ”مكانة مرموقة” في المجتمع، هو ”مواصلة الدراسة” تحت أية ظروف، المهم هو تحقيق الذات وفقط، يضيف بن ضيف الله. وأضاف محدثنا أنّه من الناحية السيكولوجية؛ فإن اللاشعور هو فعلا الذي يسير كل هذه الأشياء، لكن من جهة أخرى؛ فإن المرأة على وعي كبير بأن الفتاة العاملة التي تمكنت من الحصول على ”وظيفة محترمة”، ليست كالفتاة غير العاملة و الماكثة بالبيت، كما هي على وعي كبير بأن المرأة المثقفة والتي استطاعت أن تكمل دراستها وتنال شهادات عليا، ليست كالمرأة التي توقفت عن الدراسة أو محدودة المستوى، وعليه فإننا نجد أن الفتاة في رحلة اسمها ‘المقارنة’ بين كل هذه المعطيات التي سلف ذكرها. وفي نفس السياق، أشار بن ضيف الله عصام، أن الجانب الإجتماعي والنفسي الإجتماعي يعد من الحوافز الإيجابية التي تدفع المرأة الجزائرية لبذل مجهودات أكبر لتحقيق النجاح في الدارسة، ومن ثمة في الحياة العملية، بحيث ذهب إلى أبعد من ذلك، حين أكد بأن المرأة الريفية أو المرأة المتواجدة بالمناطق النائية أو المعزولة، في غالب الأحيان تتمكن من تحقيق نتائج إيجابية وجيدة في الدراسة، أحسن من النتائج التي تحققها المرأة المتواجدة بالمدن الكبرى، لأنها على علم بأن الدراسة هي السبيل الوحيد الذي يمكن أن يمنحها هامشا من الحرية و يحسن مستواها المعيشي والإجتماعي، عكس المرأة بالمدينة التي تملك نوعا ما سلطة اتخاذ القرارات في المجتمع الذي تعيش فيه. وعلى صعيد آخر، أفاد بن ضيف الله، بأن تفوق النساء على الذكور في الدراسة يعد ظاهرة عالمية، وليست محصورة فقط في المنظومة التربوية الجزائرية، وذلك دائما في إطار إثبات الذات والحصول على وظائف مهنية محترمة، تمنح لهن المكانة الحقيقية التي ستحقنها ضمن مجتمعاتهن.