هذا ما أتمنى لك ابنتي لأنك قرّة عيني
ابنتي الحبيبة، إن وجدت مني يوما ما يضايقك أو ما يخالف هواك، فاعلمي أن ذلك من باب الحرص الشديد عليك والخوف على مستقبلك، ومن باب خبرة السنين ومرور التجارب، فأنا أريد أن تكوني أفضل مما مرّ عليّ من تجارب، وأدعو الله أن يحفظك من أن تمرّي بتجربة سيّئة.
ابنتي الغالية، إعلمي أن كل مخلوق يؤخذ من كلامه ويُرد، فلتكن اللغة السائدة بيننا هي لغة الحوار والمناقشة القائمة على منتهى الصراحة والوضوح من دون تردد أو خوف من شيء، وأعدك أنك ستجدين كل احترام لرغبتك وكل آذان مصغية إلى رأيك، طالما أنه لا يصطدم مع شرع الله عزّ وجل، ولا يتعارض مع عُرف صحيح يجب أن نحترمه.
ابنتي الحبيبة، عاهديني أن تقفي مع نفسك وقفة صادقة متأنية، لتبحثي فيها عن جوانب التقصير في علاقاتك بالله وبنفسك وفي دراستك، وبكل المحيطين بك، عسى أن يطلع الله تعالى على صِدق عزمك وعلو همتك، فيشرح بذلك صدرك وينير بصرك وبصيرتك ويغفر لك ما مضى من تقصير، وأن يوفقك فيما هو قادم من حياتك المستقبلية، فتكوني من السعداء وهذا هو غاية ما أتمناه لك.
قرّة عيني، إعلمي يقينا أن هذا جُهد ليس بالهيّن إلا على من أحسن التوجه لله تعالى وطلب منه العون والتوفيق والسداد، فاستعيني بربك واعلمي أن ما عند الله لا يناله العبد إلا بطاعته، يعينك على كل ما سبق أن تجعلي ما جاء في كتاب الله تاجا على رأسك، وسُنة نبيّه «صلى الله عليه وسلم» وساما على صدرك، وعليك بصحبة الأخيار واتباع الحق ولو كان مرّا، والابتعاد عن الباطل، فظاهره فيه الرحمة وفي باطنه الشقاء والعذاب.
كلما غرّد الفجر ورقص الزهر وأثمر وتألق القمر وأسفر، وزقزق الطير وصفر، وتلثمت الشمس بجلباب الغروب، تسحب خلفها أشعة ثيابها البرّاقة وتلوّح بكف قرصها للوداع، وبدأ يغوص وجهها في أعماق المغيب، عندها رفعتُ يديّ لربي خاشعا ووقفت في المحراب داعيا «اللهمّ احفظ بناتي وبنات المسلمين، اللهمّ استر بناتي وبنات المسلمين، اللهمّ اعصم بناتنا من الشر، اللهمّ وفقنا لتربيتهن وأدبهن واجعلهن لنا سترا وحجابا من النار».
قرّة عيني… احفظي عني هذه العبارة: «السعيد من جعله الله يعتبر بغيره ولم يجعله هو عبرة لغيره».