إعــــلانات

مطربة الأندلس الأولى، بهجة رحال، لـ “النهار”:المسؤولون لا يتصلون بي لأنني لا أسكت، وتحصلت على المرتبة الرابعة في 2001

مطربة الأندلس الأولى، بهجة رحال، لـ “النهار”:المسؤولون لا يتصلون بي لأنني لا أسكت، وتحصلت على المرتبة الرابعة في 2001

“الصدفة هي التي صنعتني”.. أغاني بهجة رحال تسوق في الخارج باللغة العبرية

دخلت الكونسرفتوار صدفة، اختارت آلة الموندولين صدفة، احترفت الغناء صدفة، تقريبا كل الأشياء الجميلة في حياتها جاءتها صدفة. هكذا تقول المطربة المغتربة “بهجة رحال”، التي أعطت نظرة سوداء عن وضع الفنان في الجزائر مقارنة مع المكانة التي يحتلها في المجتمعات الغربية وحتى المشرقية، منتقدة تعامل الجهات الوصية والتماطل في توفير شروط الحماية المعنوية قبل المادية، كما حذرت من مساعي جمعيات يهودية للاستحواذ على تراث الفن الأندلسي في المغرب العربي وكل العالم العربي، مؤكدة أنها صادفت ترديد أغانيها في الخارج باللغة اليهودية، ودون علمها، كما شمل لقاؤنا بالمطربة “القوية” بمقر الجريدة عدة قضايا أخرى، ومنها قضاء يومياتها الرمضانية وهي مغتربة.

* رغم أنك تقيمين في الغربة إلا أنك لا تفوتي أي فرصة للعودة إلى الوطن، وخاصة شهر رمضان؟

بهجة رحال: شهر رمضان فرصة لا تعوض، ويجب علينا استغلالها كاملة، لهذا تجدونني في كل مرة أضرب عصفورين بحجر واحد، أزور العائلة وأحيي حفلات للجمهور الجزائري الذواق جدا. يقولون أن الجمهور الجزائري لا يحب إلا الأغاني الراقصة الخفيفة لكنني لم يسبق لي الغناء وهناك مقاعد شاغرة، وهذا ما يشجعني دائما على العودة والالتقاء بجمهوري هنا.

** ألا تظنين أن الفن الأندلسي الأصيل مهمش و”محڤور” نوعا ما بالمقارنة مع الطبوع الأخرى التي تلقى الاهتمام من كل الجهات؟
ـ لا أظن ذلك، لأنني أنا شخصيا لم أشعر بهذا، ربما من طرف وسائل الإعلام فقط لأنهم هم كذلك تجار ويبحثون عن الأشياء التي يبيعون بها جرائدهم. الفن الأندلسي ليس تجاريا لكنه ناجح كثيرا، تصوروا أنني في 2001 تحصلت على المرتبة الرابعة في السوق، في وقت كان الراي يأكل الأخضر واليابس. ويقال إن النوع الأندلسي غير مرغوب فيه، لكن هذا الكلام غير صحيح، لأنني أندهش للرسائل التي تصلني من الشبان ومن كل القطر الجزائري، الجمهور الجزائري فنان ونحن الذين نوجهه للطريق الصحيح.

** هل كنت تحبين الفن الأندلسي وأنت صغيرة؟

ـ صدقوني، وجدت نفسي في هذا العالم صدفة، كنا صغارا، والدتي أخذتنا للكونسيرفتوار مثلما أخذت إخوتي الذكور لممارسة الرياضة، كان عندنا بيانو في البيت، والدتي طلبت منا أن نختار الآلة التي نريد تعلمها، اخترت الموندلين لأن شقيقتي اختارتا البيانو، وأنا كنت أريد الحصول على آلة خاصة بي، في حياتي لم أختر لا الفن ولا النوع الأندلسي ولا الموسيقى أصلا، لأنني خريجة المعهد البيولوجي الجامعي، وسبق لي وأن درست، لأنني لم أكن أفكر أبدا في احتراف الغناء، أكذب عليكم لو قلت أنني كنت أحلم بالميكروفون والحفلات، ولم أكن أحب الغناء ولا فضيلة دزيرية ولا أي فنان آخر. الصدفة لعبت أدوارا كثيرة جدا في حياتي.

** كيف احترفت الغناء إذن؟

ـ عندما توجهت إلى فرنسا كان عمري 30 سنة، قررت دخول عالم الغناء لأنني عرفت أن الفنان هناك لديه قيمة في المجتمع، ولديه قانون يحميه، نقابة، تقاعد، مكانة في المجتمع، لكن لو فكر الفنان هنا في الجزائر القيام مثلا بإضراب ويطلب منه المسؤولون مهنته، فلا يوجد مهنة في الجزائر اسمها “فنان”، غير معترف به، لا يحبني المسؤولون هنا لأنني أتكلم في كل مرة عن هذا الموضوع وأطلب بالاعتراف بالفنانين وإعطائهم حقوقهم، تستطعين القول بأنني لا أظهر كثيرا في التلفزيون أنني أتكلم كثيرا ولا أسكت عن الظلم. الفنان في الخارج محمي ولديه برنامج وتخطيط على طول السنة، عكس ما يحصل هنا تماما، ولهذه الأسباب “بهجة رحال” غير مطلوبة وغير محبوبة عند المسؤولين.

** وربما هذا ما يجعل الفنانين يهربون إلى الخارج بحثا عن حقوقهم ولا يريدون إحياء حفلات هنا؟

ـ لا نستطيع رفض الدعوات التي تأتينا من الجزائر، يجب علينا أن نلتقي بجمهورنا لأنه غير مسؤول على ما يجري هنا. الفنانون الجزائريون المتواجدون في الجزائر مجبرون على إحياء الأعراس لكي يتكفلوا بأنفسهم، بماذا تعيشين لو تنشطين حفلتين أو ثلاثة في السنة، وفي المقابل لا يوجد عندك لا تقاعد ولا حقوق. أنا شخصيا لا أستطيع أن أحيي أعراسا، زمان كان هناك فرق بين فنان و”مسامعي”، لكن اليوم كل مطربة أو مطرب مجبر على إحياء أعراس لكي يعيش ويؤمن حياته.

** هل سبق لك وأن طلبت إحياء حفلات هنا وقبلت دعوتك، وهل تقبلين الغناء بدون مقابل أومثلا في مسرح الكازيف، ونحن نعلم أن النوع الذي تؤدينه يحضره جمهور معين؟

ـ نعم، طلبت مثلا من السيد محمدي، مدير مؤسسة فنون وثقافة، إحياء حفلات وقبل، وتصوروا وجد المسؤولون في القاعة أنفسهم في أزمة من كثرة الجمهور الذي أراد حضور الحفل. بكل أسف عندما يتعلق الأمر بفنان جزائري كل شيء يصبح صعبا ومستحيلا، لماذا يجد الفنانون الأجانب الذين يغنون في الجزائر كل التسهيلات والفنادق الفخمة وطلباتهم كلها أوامر. أنا كذلك مقيمة في الخارج وأحب الشيراتون والبساط الأحمر وو.. أنا لا أستطيع الغناء في مكان والجمهور يتكلم أو يتحرك أو يأكل… لا أستطيع الغناء في الكازيف، مثلا، أو في مكان يكون الدخول فيه مجانيا، حتى أنهم لا يدفعون لنا تذاكر الطائرة وينتظروننا عندما نأتي لزيارة العائلة ويبرمجوننا. كرامتي لا تسمح لي بالغناء بمبلغ رمزي، يجب تقييم الفنان في الجزائر لكي يحظى بنفس التقييم في الخارج.

** ألاحظ أنك متشائمة جدا لوضعية الفنان والفن في الجزائر، ولهذا تحيين حفلات أكثر في الخارج؟

ـ متشائمة لا، لكنني ثائرة، تصوري عندما نذهب لإحياء حفل في أي قاعة لا يوجد حتى الماء أو مكان لتغيير ملابسك أو تركيزك. في الخارج تمضين العقد سنة أو سنتين من قبل وعندما يقترب موعد الحفل يتصلون بك لكي تطلبين ما تريدين في الكواليس لك ولفرقتك من مشروبات ومأكولات ودعوات… الفرق شاسع، وتمنيت لو أنني لم أشاهد ما يجري في الخارج حتى لا أتألم إلى هذا الحد. أحييت حفلات في أمريكا ومعظم البلدان الأوروبية وحتى في بعض البلدان العربية مثل مصر، سوريا ولبنان، في كل مرة نفس الترحاب والمستوى والتقدير، لكن عندنا من سيء إلى أسوأ.

** ما هو الشيء الجديد الذي أضافته بهجة رحال للأغنية الأندلسية؟

ـ بكل تواضع، أضفت صوتي وأدائي المميز والراقي، درست الموسيقى الأندلسية مدة طويلة وسجلت أول ألبوم لي بعد 21 سنة من دخولي عالم الفن، تعلمت على أيدي شيوخ كبار، كما أنني مختصة في نوع الصنعة الخاص بالجزائر العاصمة، لأن هناك مدارس أخرى مثل الغرناطي لمدينة تلمسان أو المالوف الخاصة لمدينة قسنطينة، كل مدرسة عندها أساتذتها واختصاصها، أنا ضد مزج كل هذه الطبوع مع بعضها البعض، لأنه لا يصبح تراثا، لأننا إذا تحدثنا عن التراث يجب المحافظة عليه كما هو، ولا نجدده أونعصرنه لأنه لا يصبح تراث، وأطالب السلطات المعنية بحماية هذا التراث من تهديدات بعض الجهات اليهودية التي تدعي ملكيتها له، لقد وجدت الكثير من أغاني في الخارج تؤدي باللغة العبرية.

** ما هي مشاريع المطربة “بهجة رحال” الغائبة عن الجزائر؟ وكيف تقضين يومياتك الرمضانية؟

ـ نزل لي ألبوم فيه عدة نوبات لم أسجلها من قبل، ولو بقيت سنوات طويلة أخرى سوف لن أسجل كل التراث الموجود، لدي عدة حفلات خاصة بشهر رمضان، الذي أقضيه مع عائلتي في الجزائر، لست من هؤلاء الذين يترددون كثيرا على المطبخ، خاصة عندما أكون هنا مع والدتي وأخواتي، كما أنني لا آكل كثيرا في رمضان.
 
أكدت الفنانة “بهجة رحال” على أهمية الدور الذي قدمه اليهود للأغنية الجزائريةMيجب على الدولة أن تحمي التراث الأندلسي من أطماع اليهود

أكدت الفنانة “بهجة رحال” على أهمية الدور الذي قدمه اليهود للأغنية الجزائرية في العشرينات من القرن الماضي، والمتمثل في وضع الخطوة الأولى في تسجيل الأسطوانات، وتشجيع للأغنية الأندلسية، باعتبارهم من مالكي النفوذ في ذلك الوقت.
وذكرت المتحدثة في تصريحها لـ “النهار” أن الكثير من رواد الأغنية الشعبية والأندلسية في الجزائر هم يهود، ومن بينهم الشيخة طيطمة، ميمي، رينات، وعارضت المتحدثة كل من طالب بهذا التراث الجزائري الأندلسي، من جمعيات يهودية تنشط في الخارج حاليا، والتي تدعي في كل مرة ملكيتها لهذا التراث، وتطالب باسترجاعه في كل مناسبة، شأنه شأن كل التراث العربي الإسلامي القيم، والذي تمتد أصوله إلى بلاد الأندلس، وأضافت بهجة أن المسؤول عن حماية هذا الإرث أمام أطماع اليهود هم مؤسسات الدولة، التي يجب عليها أن توفر له كل الحماية حتى لا يكون عرضة للسرقة والادعاء، مشيرة إلى أنها وجدت الكثير من أغانيها تؤدى في الخارج باللغة العبرية.
وعبرت الفنانة عن أسفها لانعدام الاهتمام بكل ما هو تراث في الجزائر، كما لا يوجد احترام للفنان، الذي يفتقد أي قانون يحميه ويمثله مقارنة مع ما هوموجود في الدول الأخرى، التي يمثل فيه الفنان ثقل كبير، وقوة فاعلة تحترمه الجهات المسؤولة وتخافه، ووأضحت المتحدثة أن السبب في ذلك هو انعدام التضامن بين الفنانين، وانشغال كل فنان بنفسه وجريه وراء مصالحه الخاصة.
كما تحدثت المطربة عن إقصاء الفنان الموجود في الجزائر من قبل المنظمين، والقائمين على الشأن الثقافي، مشيرة إلى أنها لم تدع في مهرجان الأغنية الأندلسية، وذلك يعود حسب رأيها إلى أن المنظمين يرفضون التكفل بمصاريف الجزائريين إذا ما دعوا لحضور فعاليات ثقافية داخل الوطن، في حين تضيف المتحدثة أنهم يرصدون الملايين في استضافة مطربين أجانب وعرب، ويوفرون لهم الإقامة الجيدة، وظروف عمل مناسبة، وهو ما جعلها تتساءل “هل لأننا جزائيين لا نستحق المعاملة الجيدة؟”.
وفيما يتعلق بالمساعي التي تقوم بجمع المدارس الثلاث من أجل توحيد التراث، كما ذهب إليه رشيد قرباس، رفضت الفنانة هذه الفكرة، ووصفتها بالسطحية، طالما أن تأدية أي نوع من الأندلسي، يتطلب حسب رأيها تعمق في المقامات والنوبات، وهو ما لا يمكن أن يتوفر لدى أي فنان حيث يجب أن يكون ملما ومتعمقا في المدارس الثلاث.

رابط دائم : https://nhar.tv/V1Um1