محتالون في جبة رقاة يدخلون عالم البزنسة
يدّعون قدرتهم على الشفاء وصنع المعجزات، بارتداء عمامة صفراء أو عباءة بيضاء، للنصب والاحتيال، وزرع إشاعات في الشفاء من العين والسحر، في سبيل تحقيق أغراضهم والاستيلاء على أموال السذج بطرق المراوغة، تجدهم منتشرين في المقاهي والمساجد لنصب شباكهم على بعض ضعاف الإيمان.
اشتهر النصابون بقدرتهم على الإقناع واللباقة في الحديث وسرعة البديهة، حين يعكف النصاب على استخدام طرق احتيالية، خاصة منهم الرقاة غير الشرعيين، الذين يوهمون ضحاياهم ببعض الإغراءات تارة، والوعود الكاذبة تارة أخرى، لاسيما ادّعاء قدرتهم على الشفاء من السحر والعين بالنسبة إلى المرضى، بسلب أموالهم فلا يحصد الضحية إلا الوهم والسراب، بعد أن يفقده المحتال ممتلكاته ونقوده. فكان اختيار ”النهار” للظاهرة المنتشرة مؤخرا، لتسليط الضوء على قضايا تم تداولها في جلسات المحاكم ومجالس القضاء.
ماء ملوث بمليوني سنتيم لإخراج جن أجنبي ”سكن” جسد مريض
يلجأ الكثيرون من السذّج والمصنفين ضمن قائمة الضحايا في حل مشاكلهم، إلى من يدّعون قدرتهم على المساعدة باسم الدين، بعد أن لاقت هذه الظاهرة رواجا هائلا في الآونة الأخيرة، بالرغم من أن الإسلام شجّع على تعلم الطب والعلوم الحديثة، إلا أن أحد الدجالين ادّعى أنه راقٍ شرعي للنصب على الضحية المدعو ”ب. س” في العقد الرابع، كان يعاني من اضطرابات نفسية صدق وعود الشيخ الدجال الذي طلب منه مبلغ مليوني سنتيم مقابل إخراج جن أجنبي ”سكن” جسده، بعد أن تخطى ماءً نجسا وقت المغرب، موهما إياه بأنه سيقضي عليه إذا مكث طويلا داخل جسده ولابد من إخراجه، حيث اصطحب الضحية من ادّعى أنه راقٍ شرعي إلى منزله، ليتلو عليه بعض الآيات القرآنية غير المفهومة نطقا، بعد أن أمسكه من رأسه، ثم أعطاه قارورة ماء لونها غريب، وحين استفسر الضحية عن ذلك، أخبره الراقي بأنها ممزوجة بالأعشاب الطبية الشافية، خاصة وأنها نادرة كونها مستوردة من الهند، وقبض مبلغ مليوني سنتيم ثمن العلاج المقدّم من طرفه. لكن ما حدث أن الضحية عندما شرب الماء المرقي، نقل على جناح السرعة إلى المستشفى، بسبب آلام حادة في المعدة، وبعد تحليل الماء تبين بأنه ملوث، مما سبّب له تسمما حادا، كاد أن يودي بحياته، وبعد تماثله للشفاء، بحث عن الجاني فوجده اختفى نهائيا، ليقدم الضحية إلى مركز الشرطة لإيداع شكوى، وتعالج قضيته أمام محكمة سيدي امحمد، بعد أن راح ضحية نصب واحتيال.
المحامي”بشير بقاح” لـ”النهار”:
وجود فراغ قانوني ساعد في تفشي ظاهرة الرقية غير الشرعية
أيّد المحامي ”بشير بقاح”، فكرة انتشار ظاهرة المشعوذين والدجالين، الذين يدّعون قدرتهم على شفاء المرضى، مشيرا إلى وجود فراغ قانوني في معالجة هذه القضايا المطروحة أمام القضاء، على أساس أنه يجب صياغة مواد قانونية صارمة للردع والتصدي للدجالين والمشعوذين، خاصة مع تعرض أصحاب النفوس الضعيفة إلى الاحتيال بطرق غير شرعية، تمكّن الدجالين من الاستيلاء على حلي ومجوهرات النساء، من أجل إيهامهن بإبعاد السحر والعين عنهن أو تحقيق رغبتهن في الزواج.
عقوبات ما بين 5 و10 سنوات سجنا لكل مشعوذ أو دجال
وأردف المتحدث أن المشرّع الجزائري عاقب في المادة 456 من قانون العقوبات، كل من يتخذ مهنة العرافة والتنبؤ بالغيب أو تفسير الأحلام، كما عرّج على الجرائم المرتكبة من قبل المشعوذين، كتدنيس المصحف الشريف، الفعل المنصوص والمعاقب عليه بنص المادة 160 من قانون العقوبات، والتي تتراوح ما بين 5 و10 سنوات سجنا، ناهيك عن نبش القبور المعاقب به قانوني بالمواد 150، 151 و152، وختم الأستاذ استشارته القانونية، أن ظاهرة اللجوء إلى المشعوذين مسّت حتى الطبقات المثقفة من المجتمع، لغياب الوازع الديني.
الشيخ أبو عبد السلام لـ”النهار”: الرقية الشرعية تكون بتلاوة القرآن والدعاء
اكتفى ”أبو عبد السلام” في مداخلته بالقول، إن الرقية الشرعية تكون بالقرآن والدعاء، كما هو ثابت في القرآن والسنة النبوية، وأن المريض أو الشخص يمكّنه رقية نفسه بنفسه، من خلال الإكثار من تلاوة القرآن، داعيا الهداية.