مجانين يحولون “الطروليات” إلى “محشاشات وديكيات”
التحرش الجنسي الذي يتعرض إليه الركاب والمسافرين على متن وسائل النقل العمومية خاصة النساء منهم وإن لم يسلم منها الرجال أيضا
ظاهرة تعود إلى أمد بعيد حيث تطورت وأخذت أبعادا خطيرة تصل إلى درجة اتهام النساء بالإغراء والدفع بالآخر إلى الفسق، كل هذا في ظل الزحام الشديد الذي تشهده هذه الوسائل وسكوت أغلبية الضحايا على مثل هذه الممارسات اللاأخلاقية التي تمس بالكرامة وتخدش الحياء، حيث يعود السبب الرئيسي عن هذا الصمت المطبق إلى خشيتهن من الفضيحة والتشهير بأنفسهن، غير أن البعض الآخر يتحلى بالشجاعة ويتجرأ على فضح من يتخطى الخطوط الحمراء ويعتدى على عرضه ليلقى بذلك المنحل أخلاقيا مصيره من السب والشتم وحتى الضرب.
وبين الإفصاح عن هذه الممارسات وعدمه يجد الضحية نفسه دائما في حيرة من أمره وتحت ضغط وقلق كبيرين…
وخلال ما وقفت عليه “النهار” من حالات في الجولة التي قادتها إلى شوارع العاصمة قصد التعرف عن كثب على الأثر الذي تتركه مثل هذه التصرفات في نفوس المواطنين، خاصة المضطرين على استعمال الحافلات، اتضح لنا أن معظم الضحايا الذين يتعرضون للتحرش الجنسي لا يجرؤون على الحديث أمام من يحاول التقرب منهم والتحرش بهم مستغلا الزحام الشديد الذي لا تخلو منه وسائل النقل، خاصة في ساعات الذروة.
كريمة واحدة من بين الكثيرات اللواتي يتعرضن يوميا لمحاولات التحرش أثناء التنقل عبر وساءل النقل، حيث عبرت عن استيائها الشديد إزاء ما يحصل من تصرفات خليعة داخل الحافلات خاصة أمام أعين الركاب الآخرين الذين لا يبالون بما يحدث، تقول كريمة أنها تتعرض يوميا إلى محاولات من الشباب المنحرفين للتحرش بها جنسيا وملامستها في مناطق حساسة من جسدها بالاقتراب منها، كما أنكرت أنها ليست من هواة التشهير بالمعتدي تفاديا إذ تصبر عليهم في صمت وضعف متجاهلة إياهم إلى حين وصولي وهذا تفاديا للتشهير بنفسها. فمن لا يجد الضحايا خاصة النساء منهم مخرجا منها سوى بالتستر عليها.
أما سميرة فقد قالت أنها من غير الممكن أن تقبل بمثل هذه التصرفات التي لا تمت بصلة للانسانية والأخلاق، فهي اعتداء على الشرف والعرض، حيث عاشت سميرة تجربة في محاولة للتحرش بها لكنها أوقفت المتحرش عند حدوده وفضحت تصرفاته أين أمطره ركاب الحافلة بوابل من الشتائم وصلت حد ضربه، قبل أن تضيف محدثتنا ألا يتخيل هؤلاء المنحرفين أنه من الممكن أن تقع أمهاتهم أو أخواتهم في مثل هذا الموقف…؟
من جهة أخرى، من الضروري التأكيد على أن ظاهرة التحرش الجنسي في وسائل النقل ليست ظاهرة مقتصرة على النساء فقط وإن كن أكثر عرضة لها، وإنما لم يسلم منها الرجال وحتى الأطفال الذين يعتبرون فريسة ضعيفة بين أيدي أولئك المنحرفين، إلا أن كل من التقتهم “النهار” من الرجال لم يؤكدوا هذا بصريح العبارة باعتبار الموضوع يمس بالرجولة والكرامة.
وفي ذات السياق، أكد مصطفى ماضي، مختص في علم الاجتماع، في اتصال بـ” النهار” أن التكتم على مثل هذه الممارسات خوفا من التشهير والفضيحة يعد السبب الرئيسي في انتشار هذا الشكل من التحرش، معتبرا إياه “اعتداء جنسيا”، إذ أن الضغط الاجتماعي والثقافي الذي يمارسه المحيط والمجتمع الجزائري على الشخص، يساهم إلى حد كبير في تفاقم المشكلة، بدليل الضحايا من النساء واللاتي يفضلن التألم في صمت تفاديا لرد فعل عائلتهم التي حتما سوف تمنعهم عن الخروج بعد ذلك.