مترفعة عن الزواج خوفا من ألسنة الناس
سيدتي، ممتنة لك لأنني وجدت وعبر منبر قلوب حائرة حيزا استنير فيه بنصحك، ولن أخفيك أنني من أشد المعجبات بهذا الفضاء الطيب الذي لم أتردد للتواصل معه حتى افرغ ما في قلبي من حيرة.
سيدتي، أنا إنسانة متأملة حساسة ذات قلب طيب،لطالما تجدينني أقلّب دفتر ذكرياتي لأسترجع عديد المواقف التي نلت من خلالها النجاحات فتوّجت أحلامي على أرض الواقع، ولعلّ أكثر شيء يهزّني أنّ فضل الله وواسع كرمه هو من وضعني في أعلى المراتب. درست إلى أن نلت شهادة عليا مكنّتني من طرق أبواب العمل،وقد إرتقيت في منصبي وصرت مسؤولة وهلّل والداي بما بلغته، حققت الإكتفاء المادي من خلال بيت وسيارة مكناني من الإستقلالية في العيش. كل هذا والحمد لله وأنا لوحدي من دون أن يكون لي بعد الله ودعاء الوالدين من سند.
يحسدني العديد من معارفي على البحبوحة التي أحياها، ويقر الأغلبية من المحيطين بي بضرورة أن يكون لي رجل حتى تكتمل جمالية الصورة الإجتماعية التي أحياها فلا كمال للمرأة من دون رجل يسندها ويكون إلى جانبها، إلا أنني ولما أقف وقفة المتأملة أجد نفسي على مشارف الستين غير أهلة للزواج أو الإرتباط، فقد ألفت حياة الوحدة، ولن يكون بمقدوري أن أجتمع تحت سقف واحد مع رجل قد يكون لديه من الغيرة أو عدم الإعتراف بما حققته من نجاحات فيكسر بذلك جميع ما في قلبي من هيبة ونشوة كفاح إنتهى بتجسيد كل ما كنت أتمناه وأربوه. لن يمكنني تحقيق حلم الأمومة وأنا في سني هذا، ولن يكون بوسع قلبي أن يسكن فيه أحدا يأتيه كمن أتى يحصد نجاحا لم يتعب عليه قط. كلماتي هاته نابعة من قناعة وصميم فؤاد قد يلين بكلام منك ومن خلال منبرك الجميل.
أختكم س.جميلة من الشرق الجزائري.
الرد:
لا تمنحنا الحياة أكثر مما نستحق، وفي عديد الأحيان تكون بعض النجاحات والتألقات للمرء على حساب أمور أخرى لا تقل أهمية عن تلك المتعلقة بالعمل والدراسة، أمور حسية من شأنها أن ترفع من شأن وقوة صاحبها . وهذا أختاه تحديدا ما تحيينه، فقد مضيت في طريق حصد النجاحات ولم تعيري إهتماما لأبسط حلم يعانق قلب أي فتاة وهو الزواج وتكوين أسرة وهذا ليس بالعيب، فقد ترفعت بذلك عن علاقات عابرة وأخرى كانت ستهلك قلبك وتدمي فؤادك وأنت في مرحلة تكوين نفسك وبناء شخصيتك. ولتسمحي لي هنا أن ألومك أنك وبعد أخذ قسط من النجاحات لم تلتفتي إلى مسألة الظفر بزوج يمنحك الأمان ويزيدك تألقا على تألق، وإن كان الأمر مسألة مكاتيب ، فالقدر أيضا -وحسب ما جاء في رسالتك-لم يسق إليك من طرق أبواب بيتك وقلبك خاطبا ، وإلا لكنت اليوم أما تفرحين بنجاحات أبنائك وحتى بتألق زوجك في عمله وحياته إلى جانبك.
وأنت في سنك هذا لازالت لديك قابلية للنهل أكثر من أمور تتمنين تحصيلها، ومن حقك أيضا أن ترتبطي بمن سيكون رفيق عمرك إلى أخر يوم في حياتك. حاولي أن تفتحي أسوار قلبك التي بنيتها ليس غرورا ولا تعاليا وإنما وأنت في غفلة منك، وتأكدي من أن الله سيرسل لك من بوسعه تقدير والإعتراف بما بلغته من كيان و سيجعله فخورا بك مشيدا بكفاءتك ومعترفا بك.لا تربطي الزواج بمسألة الإنجاب أو بعض التفاصيل الحميمية، لأن الزواج أولا وقبل كل شيء تناغم وتكافؤ نفسي وكيمياء بين روحين. أعيدي التفكير في أفكار لا أعتبرها قناعات بقدر ما أرى أنها إرهاصات أنثى لم تجد من يدلها على أصوب طريق، فبات عليها أن تحسم الأمر بقرار وإختيار.
ردت:”ب.س”