إعــــلانات

ما أسـعد والـدتـي‮ ‬بطـلاقـي‮ ‬وعــودتــي

ما أسـعد والـدتـي‮ ‬بطـلاقـي‮ ‬وعــودتــي

السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:

أنا سيدة عاصمية في الأربعين من العمر، كانت علاقتي بوالدتي جد قوية، عندما تركنا والدي وأنا في سن العاشرة، كنت الأكثر حنانا عليها، بعد أن تزوج الكل، وبقيت أنا وأختي المتمردة، كانت والدتي دائما تشتكي لي من عدم حنان إخوتي عليها، وتعترف أني البارة بها أكثر منهم، حتى أن الجميع كان يلاحظ ذلك.

مرت الأيام وتخرجت من الجامعة وحصلت على وظيفة جيدة، فلم أتوانى في إسعادها، أرسلتها إلى الحج وكانت فخورة بي كثيرا، ليس ذلك فحسب، كنت أساعد إخوتي وأبناهم لأجل خاطر والدتي. لكن علاقتي بهم كانت متوترة، بسبب شكوى والدتي من إهمالهم، وحتى والدي كانت دائما تقر أنه إنسان سيئ جدا، ممّا جعلني عندما ألتقي به، أكلمه بقسوة وأدافع عن أمي بشدة، إذا تفوه بكلمة سوء في حقها.

تزوجت وتم طلاقي وارتبطت مرة ثانية، وأنا الآن في مرحلة الطلاق، وفي المرتين عندما أعود إلى البيت العائلي، كنت ألتمس سعادة والدتي، فهي لم تحاول أن تصلح الأمر، أو تتصل بالطرف الآخر لمعرفة إن كنت أنا المخطئة، ولكن هذه المرة معي طفلة عمرها سنة.

أشعر يا سيدة نور، أنها تغار من معاملتي الطيبة لابنتي، وهذا ما جعلها تتقرب من إخوتي فأصبحت تتودد لهم رغم جفائهم.

إخوتي الآن لا يحبونني، لأنهم يظنون السوء بي. وأقسم أنّي لا ذنب لي، بل هي من عملت على تدهور علاقتي بهم، وبوالدي الذي أفعل ما بوسعي الآن لأصلح علاقتي معه.

أشعر أن والدتي دمرت حياتي في الدنيا، وأخاف أن تكون سبب دمارها في الآخرة، لأني أصبحت أكرهها، فأنا في أغلب الأحيان أبذل جهدا كبيرا لكي أبرها، ولو بالمعاملة الحسنة، لكن في كثير من الأوقات أعلن لها عن غضبي الشديد وتذمري منها.

أعيش في دوامة وضميري يؤنبني كثيرا، لأن حبي لها تحول إلى كره شديد، وكل ما أخشاه غضب الله، أتمنّى لو كنت مثل إخوتي، لم يكونون على قدر من الحنان، ولكن يأتون لزيارتها فقط، وترضى عليهم ويذهبون إلى بيوتهم دون عقوق.


الرد:


قرأت رسالتك وآلمني ما صارت إليه العلاقة مع والدتك، وإنّني أقدر جوانب البر التي قدمتها لوالدتك ولأخواتك.

عزيزتي، لقد بدأت علاقتك تسوء بعد طلاقك الأول

 ربما، والسبب في بداية تحول هذه العلاقة، إحساسك الدّاخلي أن والدتك لم تكن قامت بالدّور المأمول، من محاولة إصلاح ذات البين بينك وبين طليقك، بل تقولين إنّها لا تفرح، وكأنّك تنظرين لفرحها هذا هو لطلاقك وليس لرؤيتك، ولعيشك معها بعض الوقت.

عزيزتي، كما تعلمين أنّ أية أم لا تحب لفلذة كبدها أن تمر بمرحلة الطّلاق، لأنّ قساوة الحياة بعد الطّلاق أصعب منه قبل الزّواج، وبالتالي فلا ينبغي أن يخطر ببالك أن والدتك تفرح بطلاقك على الإطلاق، بل إنّها تتألم بداخلها.

أمّا لماذا لم تحاول الإصلاح، فهذا مرجعه لأمرين، الأول: نظرتها للأزواج نظرة سلبية، حيث عانت ـ ولا زالت تعاني ـ وبشهادتك من زوج سيء جدا، فهي تظن أنّ المشكلة بزوجك، ولذا ليس من المصلحة أن تتعذبين معه، كما تتعذب هي مع زوجها “والدك”.

أمّا الأمر الثاني لعدم تدخل الأم: فربما يرجع لأنك لم تطلبي منها التدخل، ومن ثم فليس من اللائق أن تقتحم أسرارك، وأنت لم تطلبي ذلك منها.

أمر آخر يفسر هذا التغير في العواطف نحو والدتك، فشلك في حياتك الزوجية ـ وقد لا يكون السبب راجع لك ـ وهو حالة الإحتقان والغضب الذي تعايشينه، فطبيعي أن تبحثي عن مصدر تلقين عليه اللّوم، ويكون في موقف ضعف، فكان الشّخص الأنسب هو الوالدة، لذا ومع وجود الشّيطان الذي يزين الشّر، جعلك تسقطين الألم والحسرة على الأم.

عزيزتي، ربّ ضارة نافعة، وأتمنى ألا يتم الطّلاق، وأسأل الله أن يصلح الحال بينكما، ولكن هذه الأمور جعلت أمك تقترب من إخوتك وجعلتك تقتربين من والدك، وربما أنّك اقتربت من خالقك أكثر من السابق.

احذري أن يزين لك الشيطان، أن والدتك هي من دمرت حياتك، أو أن إخوتك يظنون أنك من تحرضين أمك عليهم، كلا فلا تفسدي ما قمت به تجاه أمك وإخوتك من خير وبر، ولكن استمري في المعاملة الطيبة مع الجميع، واسعي أن يرضى عنك والداك، واسأليه أن يصلح لك الذرية والزوج، ولا تيأسي من الدّعاء في هذا الأمر.

إياك أن تغضبي والديك، واعلمي أنّ الجنة تحت أقدام الأمهات، ولا تتمنّى أن تكوني كإخوتك، لكن بُريها أكثر تكسبي دعاءهما الصادق.

أسأل الله أن يصلح بينك وبين والديك وزوجك إن شاء الله.


 ردت نور

رابط دائم : https://nhar.tv/2xRia