لمجة الرفاه.. ظاهرة تغزو الإبتدائيات وتكسر نفوس المعوزين
إنتشرت مؤخرا ظاهرة تكاد تكون غريبة على المجتمع الجزائري، وسط المدارس الإبتدائية، والتي أضحت تؤرق الكثير من الأولياء وبصفة خاصة التلاميذ، ألا وهي “اللمجة” أو مايعرف كذلك بـ “الصبيرة” التي بالغت فيها بعض العائلات.
وفي زمن غير بعيد كانت اللمجة عبارة عن قطعة خبز مطلية بقليل من المارغرين أو المربى أو الجبن. حسب ما توفر في المنزل وإذا بلغت قمة الرفاهية تكون عبارة عن حبة هلاليات. غير أنه إنتشرت مؤخرا عادة وسلوكيات غريبة من خلال ملء علب خاصة باللمجة من كل ما لذّ وطاب لأبنائهم من أجل سدّ رمقهم وجوعهم خلال الفترة الصباحية من الدراسة.
وانتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي “فايسبوك”، صور عديدة للمجة التي يصطحبها التلاميذ معهم إلى المدارس، تكون تقريبا وجبة كاملة، مُشَكلة من عصائر، فواكه، أجبان، ياغورت، مكسرات.. وغيرها من المأكولات. إلا أن هذا الأمر أصبح يحزّ كثيرا في نفوس بعض التلاميذ الذين لا تسمح لهم ظروفهم المعيشية أو بالأحرى القدرة الشرائية لأوليائهم باقتناء مثل هذه المأكولات كباقي زملائهم. ما يجعلهم ينظرون إليهم ويتمنون أن يتناولوا ولو نصف ما يتناول هؤلاء التلاميذ. فتتحرك شفاههم ويسيل لعابهم. وهناك حتى من يخجل أن يخرج لمجته البسيطة ليأكلها بعد أن يرى ما تحمله علب زملائه خوفا من الإستهزاء والتنمر.
كما تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي بمختلف الشرائح والفئات هذه الظاهرة. أين تضاربت الآراء بين مؤيدين ومعارضين لمثل هذا النوع من اللمجة التي في غالب الأحيان تخلق حساسيات وسط التلاميذ وتضعهم في مواقف يعجز اللسان عن التعبير عنها.
من جهتهم، نشر بعض الأساتذة عبر منصة التواصل الإجتماعي فايسبوك. نداء للأولياء لتخفيف اللمجة وجعلها على الطريقة التقليدية غير المبالغ فيها. لأن وقت الإستراحة أصبح يثير قلق الكثير منهم خاصة بعد مشاهدة نظرات التلاميذ المعوزين للمجات الفاخرة التي يتناولها آخرون.
كما دعا بعض الأولياء إلى توحيد اللمجة وجعلها عبارة عن قطعة خبز وحبة جبن. لتفادي دخول التلاميذ في أزمات نفسية كالإكتئاب، الحزن، خاصة عند تعرضهم للتنمر من قبل زملائهم.
في حين ترى عائلات أخرى، أنه من الضروري أن يتاول أبنائهم مثل هذه اللمجات بحجة أنها صحية وتعود بالفائدة على أجسام أطفالهم.
أخضائية نفسانية: الفوارق الإجتماعية موجودة منذ زمن
من جهتها، أكدت الأخصائية النفسانية حفصة حيدر، “للنهار أون لاين”. أنه للمدرسة والأساتذة دور جد مهم بخصوص هذا الشق، غير أنه لايمكن منع الأولياء من تقديم وجبات صحية لأبنائهم بحكم عدم تمكن زملاء آخرين من توفير لمجة مثلها.
كما أكدت ذات المتحدثة، أن الفوارق الإجتماعية موجودة منذ زمن بعيد ومستمرة ولا يمكن إلغائها.
ومن جهة أخرى، قالت حفصة حيدر، أنه بامكان المدارس اقتراح لمجة موحدة تكون صحية وضبطها بأسعار معقولة، لتفادي هذه الحساسات التي انتشرت بين التلاميذ.
وفي ذات السياق، أوضح رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، أحمد خالد، أنه هناك فوارق فردية وإجتماعية. بالإضافة كذلك إلى القدرة الشرائية للعائلات الجزائرية، إلا أنه من الضروري أن يتفهم الأولياء هذا الأمر. ويؤخذوا بعين الإعتبار الظروف المعيشية لتلاميذ آخرين.
مؤكدا أنه على الأولياء الذين يحرصون على تقديم لمجة صحية لأبنائهم من الميتحسن تقديمها في المنزل. وليس من الضروري أن يتناولها التلميذ في المدرسة على مرأى تلاميذ آخرين لايمكنهم اقتناء هذه الأنواع من اللمجات. مضيفا “نحن لانشجع مثل هذه الظاهرة التي أصبحت تعود بالسلب على بعض التلاميذ”.
من جهة أخرى، أكد ذات المتحدث أنه بداية من السنة المقبلة سيتم إنشاء الديوان الوطني للمطاعم المدرسية. والذي سيتشكل قريبا، حيث سيقدم وجبات كاملة متزنة ومتساوية عبر جميع المدارس حضرية كانت أم ريفية.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور