كيف أسترجع حياتي التي سُلبت منّي بالغش والخداع
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أمّا بعد:
بدأت حكايتي بزواج سعيد وكانت ثمرة حبنا المتواصل ثلاث بنات، كانت حياتي مليئة بالحب والهناء، كنت أتقاسم مع زوجتي كل المشاعر الزّوجية الصّادقة، لم يكن لي صديق غيرها، ولم أكن أقدر على فراق بيتي وأولادي، كنت أعامل زوجتي كطفلة أخاف عليها من النّسيم، وأنصحها وأرشدها دائما للتمييز بين الخطأ والصواب، كنت لها حبيبا وزوجا وأخا وأبا، وللأمانة كانت تبادلني نفس الشّعور.
كانت عندما أغيب عن البيت، لا تلبث أن تتصل ولا تتحمّل فراقي، حتّى إن هذا كان يزعجني، ولكن في نفس الوقت كنت ممتنا من أن هذه هي الزوجة الأمينة على محبة زوجها، كانت الثقة بيننا عالية جدا، لدرجة أنّني لم أفكّر في الشّك أو الغيرة عليها، وبعد عشر سنوات من زواجنا المثالي فوجئت بأنها تحب رجلا آخر، رغم اكتشافي لهذا الأمر أعطيتها الفرصة للرجوع عن ذلك، والإحتفاظ بكرامتها وكرامة زوجها، ولكنها استمرت في الكذب والخداع، على أساس أنه لن ينكشف أمرها ولم تشعرني أبدا بوجود اختلاف في حياتها، وكانت مع ذلك ثقتي بها كبيرة خصوصا أنّها مرت بهذه التجربة قبل الزواج، وعانت من عواقبها، ولكن لم يكن هذا رادع لها، بل استمرت وبطريقة أقوى قبل أن أكتشف الأمر.
كانت الفاجعة لي حيث كنت أعتقد أن كلامها مع هذا الشيطان لم يتعد عبارات الإعجاب والغزل، ولكنني فوجئت بأنّه قد وصل إلى مرحلة تحريضها على الطلاق.
سيدة نور؛ أنا لا أريد أن أدمّر هذه الأسرة، وفى نفس الوقت عقلي يحاول أن يبعدني عنها ويقول لي أنّها خانتك، أريد حلا منطقيا لمشكلتي وشكّي في زوجتي، وعدم غفران ما فعلته بهذه الأسرة، الأمر الذي حول حياتي إلى جحيم، والذي قد يدمّر بيتي وبناتي، وفي نفس الوقت أن أبقى معها، فلا أستطيع أن أسامحها أو أغفر لها أنّها أحبت شخصا آخر، علما بأنّها الآن نادمة وتكرهه بشدّة لأنّه تخلّى عنها عند اكتشاف المشكلة، أرشديني إلى حل أستطيع به أن أعيد حياتي التي سلبت منّي بالغش والخداع طوال هذا الوقت، أنا مكسور ومجروح ولا يفارقني التّفكير في هذا الموضوع.
نور الدين / الوسط
الرد
أرى منك ميلا شديدا لأن تسامحها وتغفر لها، بل أراك قد غفرت لها بالفعل، وما تحمله في صدرك هو فقط من أثر إحساسك بكرامتك المجروحة، فأنت تعذب نفسك لإحساسك بأنّها خانتك، وفي نفس الوقت تحبها ولديك استعداد كبير للصفح عنها، وتلتمس لها في ذلك أعذارا كثيرة، منها أنّها باتت تكره هذا الشّخص بشدّة، لأنّه تخلّى عنها رغم أنّ الأمر المنطقي جدا هو أن يتخلى عنها، وماذا كنت تنتظر أنت أو هي من شخص لا يمانع في التّحدث مع امرأة متزوجة، وفي الحقيقة أنت رجل شجاع قوي، تقدر مصلحة بيتك وبناتك على اعتباراتك الشخصية، حتى لو سقطت زوجتك من نظرك، فأنت تفكّر في بناتك ولو تطلّب الأمر أن تظلم نفسك.
لو فكّرت في قول الله تعالي:” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس”، تجد نفسك طبقت هذا المبدأ القرآني العظيم بكل خطواته، فكظمت غيظك وعفوت عن زوجتك، وبقي فقط أن تحسن إليها وأظنك قد أحسنت إليها بالفعل، ولعل ذلك يكون درسا لها يعيد إليها صوابها ويمنعها من العودة مرة أخرى إلى أمور المراهقة، مع أنّني لا أعرف السّبب الذي دفعها إلى الدّخول في هذه المغامرة الصّبيانية، هل هو تقصير منك أم استهتار وطيش منها؟
كل هذه الأسئلة يجب أن تجيب عنها أنت، إن كنت تعرف زوجتك جيدا، وعلى أساس الإجابة سيكون حكمك عليها في أن تبقى معك وتسامحها على ما فعلت وتعفو وتصفح أو تسرحها بإحسان، وإن كنت لا أميل إلى الحل الثّاني، كونك رجل فاضل لا تريد لبناتك السّوء، بل الأفضل أن ينشأن بين أب وأم وجو أسرة طبيعي.
سيدي؛ كرامتك المجروحة علاجها أن تكون حازما مع زوجتك، فلا تتهاون فيما أخطأت فيه، فقط لتعرف أنّك رجل لا يستهان به، لا تجعلها تشعر بأن تسامحك معها يمثل أي نوع من الضعف، بل تسامح الأقوياء الذين يتصفون بالعفو وعدم التّجني على الضعفاء، أنت في قرارة نفسك اتخذت القرار بأن تعفو عنها وتغفر لها زلتها خاصة وإن كانت هذه هي النزوة الوحيدة في حياتها، المهم أن تنصحها بالحسنى لتعرف خطأ ما فعلته وتتجنّبه في قادم الأيام وتذكرها بواجبها نحو أولادها كأم وقدوة، وأنت كزوج محب تأبي أن تهتز صورة زوجتك في عيون بناتها، وترى أن ما تفعله لا يليق بها ولا بمنزلتها كأم فاضلة، فالمشكلة ليست في الصّراع بين قلبك وعقلك، بل بين مصلحة بناتك ورغبتك في الثّأر لكرامتك وبأيهما سوف تضحي، وما هو العائد والمكسب من وراء أي خطوة ستقوم بها، فالثأر لكرامتك قد يريحك بعض الوقت، لكّنك لن تسلم من المنغصات التي سيجلبها عليك إحساسك بالذّنب فيما بعد، إذ أنّك قد لا تسامح نفسك على ما تسببت فيه من تشتيت للأسرة وتخريب للبيت، لكّنك لو منحت زوجتك فرصة التّكفير عن خطأها، ستكون قد كسبتها وكسبت بيتك وضمنت لبناتك النشأة السّوية، فأنت حرّ فيما تقرّره وتفعله ففكر جيدا وامنح نفسك فرصة التّفكير دون ضغوط.
ردت نور