كوسوفو بين اعتراف رسمي من واشنطن انقسام دولي وأوربي
أعلن وزير الخارجية السلوفيني ديميتري روبل الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوربي أمس انه يتوقع ان يعترف عدد كبير من الدول الأعضاء في الاتحاد باستقلال كوسوفو،
في الوقت الذي يشهد فيه الإقليم حالة غليان، حيث قررت صربيا احالة كل من رئيس كوسوفو فاتمير سيديو ورئيس وزرائه هاشم تاتشي ورئيس البرلمان إلى القضاء واتهمتهم بإعلان دولة زائفة على الأراضي الصربية.
ما كاد برلمان كوسوفو يقر استقلال الإقليم عن صربيا, وقيام “دولة كوسوفو”، حتى توالت ردود الفعل المؤيدة والمنددة والداعية إلى الهدوء وضبط النفس, فواشنطن اعتبرت على لسان رئيسها جورج بوش “ان سكان كوسوفو باتو الان مستقلين” مضيفا اعتراف الولايات المتحدة بكوسوفو كدولة مستقلة, أما “حلف شمال الأطلسي” فأكد ان قوة الحلف في كوسوفو “كفور”, “تواصل تحمل مسؤولياتها, ما لم يصدر قرار مخالف عن مجلس الأمن الدولي”, بالمقابل, شددت صربيا أنها لن تعترف باستقلال كوسوفو, واصفة إياها بـ¯”الدولة الزائفة”, ومهاجمة الرئيس الأميركي جورج بوش وأنصاره الأوروبيين, في حين طلبت روسيا من مجلس الأمن الدولي, عقد جلسة فورية طارئة، “لاتخاذ إجراءات فعالة وحاسمة”, من اجل العودة بالوضع في كوسوفو, حيث أعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين ان بلاده تريد من بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو اعتبار الإعلان استقلال الإقليم من طرف واحد باطلا وملغي وأعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان إعلان استقلال كوسوفو من طرف واحد يشكل انتهاكا لسيادة صربيا ولميثاق الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن 1244.
بينما دعى الرئيس الكوسوفي المسلم هاشم تاتشي جميع الدول والحكومات العالم من اجل الاعتراف باستقلال كوسوفو.
ودعت سلوفينيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوربي كافة الإطراف المرتبطة بكوسوفو إلى التصرف بمسؤولية وتجنب أي نوع من العنف كما دعا الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوربي الخارجية خافيير سولانا الجميع للتصرف وبطريقة مسؤولة معربا عن قناعته بان القادة الكوسوفيين سيكونون على مستوى مسؤولياتهم.
وأعربت الصين عن قلقها العميق من الإعلان الأحادي الاستقلال كوسوفو حسب ما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو جياتشاو أمس وقال المتحدث في بيان يخشى ان تخلق الخطوة الأحادية الجانب التي أقدم عليها إقليم كوسوفو ، مؤكدا ان ذلك سيكون له انعكاسات سلبية خطيرة على السلام والاستقرار في منطقة البلقان .
وعلى غرار أمريكا دعت عدة دول غربية إلى الهدوء والحذر لتجنب أعمال عنف جديدة بين الألبان والصرب وطالب الفاتكان أمس المسؤولين السياسيين في صربيا وكوسوفو إلى الحذر مشددا تجنب ردود الفعل المتطرفة والانزالاقات العنيفة .
وتنتظر سويسرا التي تؤوي جزءا كبيرا من الجالية الكوسوفية من سلطات كوسوفو التعهد بحماية حقوق كافة الأقليات أما هولندا فدعت الكوسوفيين والصرب إلى ضبط النفس موضحة ان احترام كوسوفو لكافة المواطنين وحده سيسمح بالتفكير في اعتراف.
وفي ألمانيا دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير جميع الإطراف إلى الهدوء والاعتدال.
وأفاد مصدر دبلوماسي ايطالي ان روما أخذت علما بإعلان استقلال كوسوفو لكنها ستأخذ الوقت الكافي لدرسه مع شركائها الأوربيون في بروكسيل داعيا صربيا وكوسوفو إلى الاعتدال.
كما تمنى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي شغل في السابق منصب الممثل الأعلى للأمم المتحدة في كوسوفو حظا سعيدا لكوسوفو معتبرا ان هذا التطور يشكل نجاحا للأسرة الدولية ولأوربا مضيفا انه سيضع حدا للمعاناة.
وأعلنت ايرلندا أنها تنوي الاعتراف باستقلال كوسوفو فيما رأت بريطانيا ان الإعلان يشكل تطورا مهما.
وسبق ان أعلنت ست دول أوربية هي قبرص وسلوفاكيا واسبانيا واليونان عن معارضتها للاستقلال واعتبرته سابقة للحركات الانفصالية حول العالم.
إما ابخازيا واوسيتيا الجنوبية منطقتا الحكم الذاتي في جورجيا فاعتبرتا ان الوضع في كوسوفو يشكل سابقة وأعلنتا أنهما ستطلبان من روسيا والأمم المتحدة الاعتراف باستقلالهما وذلك فور إعلان استقلال إقليم كوسوفو الصربي .
احدث تباين في المواقف الأوربية ان لم نقل انشقاق وتصدع داخل الاتحاد الأوربي حيث أعلنت مدريد رسميا بعدم الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة.
كوسوفو في سطور
تبلغ مساحة إقليم كوسوفو 10.877 آلاف كلم مربع، عاصمته بريشتينا، وتحده ألبانيا في الجنوب الغربي، ومقدونيا في الجنوب الشرقي، ومونتينغرو في الغرب.ويقدر عدد سكانه بمليوني نسمة، حوالي 90 في المائة منهم من أصل ألباني.
شهد كوسوفو الذي كان مركز المملكة الصربية في 1389 هزيمة الصرب، ما فتح الطريق أمام السيطرة العثمانية على البلقان التي استمرت 500 سنة.وفي 1974 أصبح كوسوفو إقليما يتمتع بحكم ذاتي داخل جمهورية صربيا بموجب الدستور اليوغوسلافي في عهد الماريشال تيتو. وفي 1989، قام الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش بإلغاء هذا الوضع الخاص وحل كل أجهزة الحكم المحلي الألباني في 1990.
في أكتوبر 1991، أعلن الإقليم استقلاله اثر استفتاء. وفي العام التالي انتخب ألبان كوسوفو برلمانا ورئيسا للجمهورية هو إبراهيم روغوفا، الذي أعيد انتخابه في مارس 1998 في انتخابات جديدة لم تعترف بها بلغراد. وبدءا من 1997 أطلق «جيش تحرير كوسوفو» حركة تمرد ضد الجيش والشرطة الصربيين.
وأدت حملة للتطهير الاتني شنّها نظام ميلوسيفيتش إلى مقتل الآلاف وتهجير أكثر من مليون من ألبان كوسوفو.في مارس 1999، شن حلف شمال الأطلسي غارات جوية على صربيا، ما أرغم ميلوسيفيتش على الانسحاب من الإقليم الذي وضع تحت حماية الأمم المتحدة والحلف الأطلسي.وجرت مفاوضات بشأن الوضع النهائي لكوسوفو بين الصرب والكوسوفيين الألبان، قدم في ختامها مارتي اهتيساري الذي كلفته الأمم المتحدة إعداد وضع نهائي للإقليم خطة تقضي باستقلاله تحت إشراف دولي، دعمها الأميركيون ومعظم الأوروبيين.