كان مقربا من تبون.. القصة الكاملة لمحتكر استيراد الخمور ومستشار الرئاسة وسيط الرشاوى
يثير اعتقال رجل الأعمال عمر عليلات والمستشار السابق بالرئاسة زين حشيشي أسئلة كثيرة حول دورهما في شبكات الفساد، إبّان النظام السابق.
ولمن لا يعرف رجل الأعمال عمر عليلات، فهو برلماني خلال العهدة السابقة الممتدة بين 2012 و2017.
كما أنه معروف بعلاقاته الوطيدة مع وزراء ومسؤولين سابقين، مثل المترشح للرئاسيات عبد المجيد تبون ووزير الصناعة الأسبق عبد السلام بوشوارب وغيرهما.
من استيراد “البيرة” إلى مبنى البرلمان!
تم انتخاب عليلات عضوا في المجلس الشعبي الوطني عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي بولاية بجاية.
وعليلات رجل الأعمال، هو ناشط في مجال استيراد الخمور، ويكاد يحتكر مجال تجارته بالجزائر.
وكثيرا ما جلبت نشاطاته التجارية الظاهرة والمستترة الأضواء نحو عليلات في أكثر من مناسبة على خلفية ذكر اسمه في العديد من التحقيقات حول الفساد.
وكانت أبرز قضية ذُكر فيها اسم عليلات، هي قضية الرشاوى وشبكة الفساد التي حققت فيها مصالح الأمن والعدالة الإسبانية.
حيثما كانت الفضيحة يكون!
غير أن قضية التوسط في رشاوى الإسبان لم تكن القضية الوحيدة التي ذُكر فيها اسم عليلات، حيث أنه ما لبث أن تم ترديد اسمه في فضيحة تبون صيف 2017.
ومعروف أن اسم رجل الأعمال عليلات، كثيرا ما اقترن باسمي الوزير الأول الأسبق والمترشح الحر للانتخابات الرئاسية المقبلة، عبد المجيد تبون، والوزير الأسبق عبد السلام بوشوارب.
بل إن عليلات كان في الكثير من الأحيان بمثابة ظل تبون الذي لا يفارقه على الإطلاق، حتى في المناسبات العامة.
يتذكر الجزائريون ما حدث في صائفة 2017، بمناسبة الزيارة الشهيرة التي قام بها تبون إلى فرنسا وقيل حينها إنها تمت من دون إبلاغ مصالح الرئاسة.
ويتذكرون أيضا أن تبون رافقه في رحلته المشؤومة تلك رجل أعمال قيل أنه يحتكر استيراد الخمور.
لم يكن ذلك المستورد سوى عمر عليلات، صاحب العلاقات الواسعة والمتشعبة مع رجال المال والسياسة في فرنسا وتركيا وإسبانيا.
وقد رافق عليلات تبون خلال عطلته الصيفية في تلك الرحلة، بدءا من فرنسا مرورا بتركيا وصولا إلى مولدافيا.
وقد تردد حينها أن عليلات هو من عرّف تبون على رجل أعمال تركي يمتلك يختا فخما تم استعماله في رحلة تبون السياحية إلى دولة مولدافيا.
كما يشتبه في أن عليلات هو أحد ممولي أبرز المترشحين للرئاسيات المقبلة.
وقد أثار استئجار أحد المترشحين لطائرة خاصة لاستغلالها في تنقلاته بين الولايات، خلال الحملة، الكثير من الجدل والأسئلة حول مصدر تمويل حملته.
مهندس الحملات الإعلامية لتزيين الأصحاب وإسقاط الخصوم
أما بشأن الزين حشيشي، فإن هذا الاسم ارتبط كثيرا بعالم السياسة والمال وأيضا بعالم الصحافة وأوساط الصحافيين.
الزين حشيشي، هو مختص في مجال الترجمة، عمل مستشارا بمصالح رئاسة الجمهورية، لفترة قصيرة من الزمن.
ورغم ذلك المرور القصير بالرئاسة، إلا أنه كثيرا ما نُسب لحشيشي وقوفه وراء حملات إعلامية استهدفت تبييض صورة تلك الشخصية أو تسويد صورة شخصية أخرى.
ولا نشيع سرا إن قلنا أن حشيشي كان يتفاخر بعلاقاته مع كثير من الصحافيين وتأثيره عليهم، مثلما كان يتفاخر إعلاميون أيضا بمعرفته.
من هنا بدأت القصة
في صيف 2016، فجرت صحيفة “إلموندو” الإسبانية فضيحة، إثر نشرها تحقيقا صحافيا، حول شبكة فساد ورشاوى تمتد من إسبانيا إلى الجزائر.
وكان من ضمن ما قالته الصحيفة الإسبانية واسعة الانتشار في تحقيقها، هو أن مسؤولين جزائريين كبار متورطين في قضايا فساد مع رجال أعمال إسبان.
وفي التفاصيل، قالت “إلموندو” إن التحقيقات تلك وصلت إلى ذكر اسمي شخصيتين نافذتين في الجزائر، هما البرلماني عمر عليلات والمستشار السابق بالرئاسة زين حشيشي.
وأوضحت “إلموندو” نقلا عن تحقيقات الأمن الإسباني أن مسؤولين جزائريين تلقوا رشاوى لمنح تسهيلات لشركات إسبانية للإستثمار بالجزائر.
وكان الوسيط في تلك الرشاوى هو عليلات وحشيشي، حسب نفس المصدر.
18 مليون دولار رشاوى!
وتقول الصحيفة إن تحقيقات الأمن الإسباني ركزت بشكل خاص على رشاوى منحها مسؤولو مجمع “فيلارمير” للفوز بصفقات والحصول على تسهيلات.
وبالنسبة لزين حشيشي، فإن اسمه ورد في مناسبتين، الأولى بعد تحقيق للعدالة الإسبانية، والثانية بعد تحقيق للبرلمان الإسباني.
ونُسبت لحشيشي وآخرين تلقي رشاوى بقيمة 18 مليون دولار، للقيام بتسهيل عمل شركات إسبانية، تحصلت على عقود مشاريع ضخمة بالجزائر.
ومن بين تلك العقود، مشروع لمجمع “فيلارمير” لإنجاز أكبر مصنع للأمونياك في العالم.
الرسالة التي فضحت المستور
وقادت التحقيقات الإسبانية إلى رصد تحركات لمسؤول بارز في إحدى الشركات الإسبانية المستثمرة بالجزائر، يدعى “تومي كريستوف”.
وكان تومي كريستوف هو أحد مندوبي شركة “فارتيبيريا” إحدى فروع مجمع “فيلارمير”، بالجزائر.
وكشفت التحقيقات أن “تومي كريستوف” وجه رسالة بالبريد الالكتروني إلى إسبانيا ورد فيها اسم الزين حشيشي، الذي وصفه بالمرتشي.
وكانت الرسالة تتضمن في أحد مقاطعها هذه العبارات “حاولوا كيف يمكن تنظيم لقاء لنا مع وزير الصناعة والطاقة من أجل حل مشكل شركة فارتيبيريا”.
أما بالنسبة للبرلماني عمر عليلات، فقد ورد اسمه في تحقيق صحيفة “إلموندو”، التي قالت إنه توسط بين مسؤولين جزائريين وشركة إسبانية اسمها “فولتر لارسن”.
وساطات ورشاوى في مشاريع بنصف مليار أورو
وجاء في التحقيق أن عليلات ساهم في حصول الشركة الإسبانية على مشاريع وصفقات في قطاعي الموارد المائية والنقل.
وبحسب الصحيفة، فإن البرلماني الجزائري تدخل إلى جانب مسؤولين آخرين في صفقات أطلقتها “الجزائرية للمياه” من أجل توجيهها لصالح الإسبان.
ومن ضمن تلك الصفقات، مشروع إنشاء وتركيب قنوات صرف المياه في إطار مشروع تحلية مياه البحر في سوق الثلاثاء بولاية تلمسان.
وقالت “إلموندو” إن مبالغ مالية تم تحويلها من الشركة الإسبانية إلى أفراد عائلات مسؤولين في “الجزائرية للمياه”.
وفي تلك القضية، تم أيضا ذكر اسمي سفير مدريد السابق غوستافو أريستيغي، وبرلماني إسباني عن حزب الشعب يدعى بيدرو غوميز دي لا سيرنا.
وقالت الصحيفة الإسبانية إن السفير السابق وزميله في حزب الشعب الإسباني وعضو البرلمان كانا من بين الوسطاء في تلك الرشاوى.
ونُسبت للسفير والبرلماني الإسباني قيامهما بدفع رشاوى لإطارات في “الجزائرية للمياه”، لتمكين شركة إسبانية من صفقة إنجاز محطة تحلية مياه البحر بتلمسان.
وحسب التحقيقات، فإن شركة “فولتر لارسن” لم تفز بمشروع واحد فقط، بتلك الطريقة، بل إن مشروع إنجاز ترامواي ورڤلة كان بنفس الأسلوب.
وكانت قيمة تلك الصفقة تقدر بمبلغ ناهز 230 مليون أورو، فيما قُدرت قيمة صفقة محطة تحلية مياه البحر بربع مليار أورو.