قصة “أعاجيب بني إسرائيل”

عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “تحدثوا عن بني إسرائيل، فإنه كانت فيهم الأعاجيب”، ثم أنشأ يحدّث قال: “خرجت طائفة منهم فأتوا مقبرة من مقابرهم، فقالوا: لو صلينا ركعتين فدعونا الله عز وجل يخرج لنا بعض الأموات يخبرنا عن الموت قال: ففعلوا فبيناهم كذلك، إذ طلع رأس رجل خِلاسيٌّ من قبر. بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء ما أردتم إليّ .. فوالله لقد مت منذ مائة سنة فما سكنت عني حرارة الموت حتى كان الآن فادعوا الله أن يعيدني كما كنت”.
أخرجه أحمد في “الزهد” (16 - 17) وعبد بن حميد في المسند 1159 وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2926) يدور لب القصة التي ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – حول طائفة من بني إسرائيل، عندما خرجوا ذات يومٍ إلى إحدى المقابر للعظة والعبرة، فكان وقوفهم بين يدي الأجداث آسراً لقلوبهم وآخذاً بمجامع أفئدتهم، حتى قال قائلهم: “لو صلينا ركعتين، ودعونا الله عز وجل أن يخرج لنا رجلا ممن قد مات نسأله عن الموت”.
وليس سؤالهم إذ ذاك نابعاً من الشكٍّ بقدرة الله سبحانه وتعالى أو الارتياب في تلك الحقائق الغيبيّة، ولكنّه الشوق الروحي إلى كشف الستار عن ذلك العالم العجيب والتطلّع إلى أسراره، فيزداد اليقين ويقوى الإيمان وتثمر معاينتهم لتلك المشاهد إقبالاً على الله وتركاً للمعاصي وتعجيلاً للتوبة ووعْظاً للقلب.
وبمجرّد فراغهم من الصلاة والدعاء، إذا بالأرض تنشقّ ويطلّ منها رأس رجل، وصفه النبي – صلى الله عليه وسلّم – بأنه أسمر اللّون وفي جبهته أثرٌ من كثرة السجود، فإذا به يخبرهم من أمره عجباً، فقد كتب الله عليه الموت قبل مائة عام، ومنذ ذلك الحين وهو يقاسي حرارة الموت وآثاره، ولم تنتهِ معاناته إلا قبيل خروجه، ثم طلب منهم أن يدعوا الله سبحانه وتعالى أن يعيده إلى عالم البرزخ كما كان.