قريبي المغترب احتقرني وأمام أهلي خذلني
لم أكن يوما أخال بأن أحلامي الوردية ستنهار على يد قريبي الذي ضربني في الصميم، بعد أن هجرني ورماني على الرغم من أن ما كان يجمعنا خطوبة رسمية، سمع بها القاصي والداني من أفراد أسرتينا الصغيرة والكبيرة، إلى جانب بلدتنا الصغيرة التي كان فيها زواج الشاب المغترب من قريبته البسيطة حديث الساعة.قد لا تصدقين سيّدتي إن قلت لك أنني كنت أسعد إنسانة على وجه الأرض، حيث أنني من النوع الذي يخجل حتى من خياله، كما أن أسرتي المحافظة منعتني من الخروج والاحتكاك بالناس بعد فشلي في دراستي، فكنت نعم الفتاة المطيعة الوديعة، وكنت أرى في تقدّم قريبي لخطبتي نوعا من الفرج لما كنت أعيشه من تضييق للخناق من طرف إخوتي، الذين ألحوا علي بأن لا أخيّب ظنهم وأن لا أدوس على سمعة العائلة وشرفها بالخرجات والمكالمات الهاتفية، التي كان خطيبي يصر أن تكون بيننا كنوع من التعارف والتقارب.قصتي الجميلة التي بالكاد بدأت أنسج خيوطها ببريق أحلامي الوردية سرعان ما تهاوت وذهبت هباءً منثورا، بعد أن فجعني الخطيب ذات يوم بخبر مفاده أن لا نصيب بيننا، فهو لم يكن يوما ليربط حياته بفتاة لا تعرف من أمور التفتح شيئا، كما أنه لم يكن ليفكر في أن يصطحب إلى ديار الغربة فتاة مازالت تعيش تحت وطأة الخوف والوجل من ذويها ومن نظرة المجتمع الذي لا يعطي للخجولات والمحافظات مكانا. في البدء ظننته يمازحني ويختبر درجة حبّي له، إلا أنني ذُهلت وأهله يتصلون بي ليخبروني بأن النصيب توقف عند هذا الحد، وبأنني أستحق من هو أحسن من ابنهم الذي اختار فتاة في مثل تفتحه وغطرسته رفيقة لدربه.أحيا اليوم سيّدتي على وقع الحسرة والأسى، فلا أنا قادرة على تقبل ما ألّم بي من صدمة، لا أستطيع وصف الألم الذي سببته لي، ولا أنا قادرة على مواجهة أهلي الذين حمّلوني مسؤولية عدم قدرتي على جذب هذا الخطيب، والفوز بتأشيرة قلبه وبأن أكون رفيقة لدربه في ديار الغربة، وهذا ما جعل سمعتهم حديث العام والخاص خاصة وأن الجميع كان يتحيّن الفرصة ليطلق العنان للسانه السليط بالسوء عن سمعتي وسمعة عائلتي.أنا في حالة لا أُحسد عليها سيدتي، ولم يعد لي من أمل سواك في هذه الدنيا.
المعذبة من الوسط
الرد:
من الصعب على الفتاة أن تتقبّل فكرة انصراف الخطيب عنها مهما كان حتى لو لم تكن تحبه، ولعلّ الأصعب في كل الأمور أن تواجه أهلها وكل المجتمع بتفسيرات مقنعة. ومن باب أن أرفع عنك الغبن والشجن الذي أنت فيه، أخبرك أختاه بأنك على حق بأن تحزني وتجزعي، ليس من أجل هذا الرجل بل بسببه، حيث أنه لا يعقل وفي أي حال من الأحوال أن تيأسي وتقنطي لأن الأمر لا يستحق ذلك.لست أفهم أختاه السبب الذي يجعل أي شاب في هذه الدنيا يرفض أن يرتبط بفتاة طاهرة بريئة، رضعت من مكارم الأخلاق وتربت في كنف عائلة محترمة جعلت الشرف والسمعة الطيبة رأسمالها، ومن هذا المنطلق أنصحك أختاه أن لا تندمي ولا تبكي من الأسى على هذا الشاب الذي لم يعرف قيمتك الحقيقية، والدليل أنه لم يفكر فيك بالمرة وفي عواقب ما سيلحق بك من أضرار نفسية وأخرى ستمسّك من أفراد عائلتك، كما أنه ضرب بأواصر ما يجمعكما من علاقة قرابة عرض الحائط، وكأنه ليس بابن هذا الوطن المعروف عنهم التمسّك بالأخلاق وبالعادات والتقاليد.من جهة إخوتك، حاولي إفهامهم بأنه لا ذنب لك في القرار الذي اتخذه هذا الخطيب اتجاهك، وبأنه لم يكن يوما لتقومي بفعل ما يمكنه أن يسيء إلى سمعة العائلة، كما أنه يمكنك إخبار أهل الخطيب بعيوب ابنهم، حيث أنه لم يخجل من أن يطلب منك ما لم تنشئي على أصوله وهذا هو العيب بعينه.لا تيأسي أختاه ولا تقنطي، واعلمي أن اللّه جل وعلا، هو الذي قدّر لك هذا الأمر، فلتصبري ولا تتحسّري وتأكدي من أنه سيجازيك أحسن الجزاء، كما أنه ما من امرأة فينا إلا وتطمح للارتباط بمن هو أهل لقلبها وفي المستوى الذي يطمح إليه أهلها، فأحسني الاختيار مستقبلا ولا تتعقدي من هذه التجربة التي يجب أن تزيدك ثقة في نفسك، لا أن تكسرك وتقضي على كل الأحلام الجميلة التي في قلبك، والتي عليك تحقيقها إن لم يكن من أجلك، فنكاية في شاب رمى بك وظن بأنه الوحيد القادر على إسعادك وبأن دنياك من دونه عدم.
ردّت نور