سرار في حوار صريح مع النهار
في حوار صريح وحصري لـ “النهار الجديد” سرار يكشف الأسرار ويسطر بقية المشوار بصراحته المعهودة وقلبه المفتوح، استقبلنا السيد عبد الكريم سرار، رئيس نادي وفاق سطيف، وكان لنا معه حديث مطول حول أحوال النادي وأهدافه هذا الموسم وحيثيات ما حدث لبطل الجزائر والعرب من أزمات إدارية وفنية منذ نهاية الموسم الفارط، ومسبقا نتوجه بالشكر الجزيل لسرار على حسن الاستقبال.
- كيف عاش النادي مرحلة ما بعد اللقب العربي؟
حقيقة لقد كان اللقب العربي نقمة أكثر من نعمة على إدارة الوفاق، ودفعنا ضريبة ذلك النجاح الكبير بعدما حدث من انشقاقات وسوء تفاهم بين عناصر المكتب المسير. وقد تعددت أسباب تلك الانشقاقات، ولعل أبرزها ظهور بعض الفوارق بين هؤلاء العناصر في البروز تحت الأضواء، مما خلق انسدادا في العلاقات وصل إلى درجة انسحاب أعضاء بارزين كوليد صادي، رشيد لعروق وإبراهيم العرباوي، هؤلاء الذين كانت مغادرتهم خسارة كبيرة بالنسبة لإدارة النادي، لكن إرادة بقية المسرين كانت أقوى من الظرف العصيب الذي عشناه خلال الصيف، حيث تمكنا من إقناع اللاعبين بإمضاء عقود التجديد مع الفريق، بعد أن دفعنا لهم وللطاقم الفني جميع المستحقات، ثم بدأ شيء من غياب الانضباط لدى اللاعبين خلق كثيرا من الشكوك لدى الأنصار الذين انساقوا وراء لعبة الكتابات الصحفية المغرضة، وبعض الصحافيين، سامحهم اللّه، الذين زادوا في سكب الوقود على النار. شخصيا عشت جحيما خلال تلك الفترة، صاحبه غياب روح المسؤولية لدى بعض أعضاء المكتب والخسارة الكبيرة لوليد صادي الذي أعترف له بمهنيته الفائقة في التسيير.
– كيف وقع الاختيار على المدرب السويسري؟
السيد روسيلي أعرفه شخصيا منذ سنة 2001 كمدرب له سيرة ذاتية كبيرة، وكانت لي معه اتصالات عديدة قبل التعاقد معه رسميا ولكن الميدان في كرة القدم الجزائرية يناقض فكر وعقلية المدرب الأوروبي، والسيد رويسلي لم يتمكن من مسايرة اللاعب الجزائري والتحكم في تصرفاته، كانت له مشاكل في البداية مع مساعديه، ثم مع اللاعب دلهوم، ثم مع بقية اللاعبين إلى درجة عدم قدرته على الاشراف على الفريق، فضلت عندئذ التضحية به وتحملت المسؤولية كاملة، بعد أن دفعت له جميع مستحقاته، حفاظا على سمعة الفريق والوطن، لأننا نتعامل مع شخصية أجنبية.
– لماذا نور الدين سعدي؟
السيد سعدي أنا الذي اتصلت به من منطلق أن “الذي تعرفو خير من الذي تجهله”. كما أن إمكانيات الفريق المادية لم تكن تسمح بجلب مدرب يطلب منحة التعاقد مسبقا. ولعلمكم، فإن سعدي لم يتلق أي سنتيم لحد الآن، ثم إن هذا المدرب سبق له وأن أشرف على الوفاق لموسمين موفقين ولم يكن محظوظا في النهاية، إذ دفع فاتورة انهزامه ضد مولودية وهران والانصار احتفظوا له بذكريات سوداء. من جهة أخرى علينا أن نعترف أن سوق المدربين في بلادنا شاغرة، تفتقد لمدربين كبار لفريق بمستوى الوفاق.
– أنتم متمسكون بسعدي مهما كانت الظروف؟
ليس لنا بديل، هو الذي أبدى رغبة شديدة في المواصلة مهما كان ضغط الأنصار.
– كيف تفسرون اتصالهم بالمدرب شرادي؟
بعد الانهزام في كأس “السوبر” أمام المولودية، وصلتني تقارير تفيد أن سعدي تعرض لوابل من الانتقادات والشتائم، حاولت إيجاد الحل، اتصلت بشرادي لمعرفة مدى جاهزيته في حالة مغادرة سعدي وبقيت مجرد اتصالات هاتفية، لكن وبمجرد اجتماعي بالسيد سعدي مطولا، وافق على تحمل تبعات الهزيمة، خاصة وأن الفريق كان مقبلا على إياب رابطة الأبطال العربية، ولسنا مستعدين لهزات أخرى، حينها تخليت عن فكرة اللجوء إلى شرادي.
– انتقدتم على الاستقدامات ومنح بعض اللاعبين، ما تعليقك؟
مرة أخرى أؤكد أنني أشرفت شخصيا على عملية استقدام اللاعبين، وكذلك التفاوض حول المبالغ المالية، ولعلكم تقصدون منحة اللاعب جديات لعموري، هذا اللاعب الذي تنافست عليه خمسة أندية كبيرة مما رفع قيمته في المزاد، ونظرا لحاجتنا الماسة لتدعيم خط الوسط، لم يكن أمامنا اختيار آخر سوى جلب هذا اللاعب.. الآن تبقى قضية مردود جديات، أعتقد أنها مسألة وقت ونحن نفهم حيرة المناصر الذي يذهب مباشرة ليقارن بين مردود اللاعب وقيمة عقده.
– كيف غامرتم بتسريح مهاجمين أساسيين دون إيجاد البديل؟
فعلا، بالنسبة لياسين دراج هو الذي طلب المغادرة بعد نهاية مدة عقده، وحققنا له رغبته. أما بورحلي، فقد كانت لنا معه مفاوضات ماراطونية أشرفت عليها شخصيا، ولم نتوصل معه إلى اتفاق حول قيمة العقد، ذهب إلى اتحاد العاصمة، وبقينا في اتصال معه إلى أن وصلنا إلى طريق مسدود، حقا هي مغامرة من جهة استقدام البديل، فاللاعب مشري لم يكن في مستوى تطلعاتنا وأعاقتنا إصابة زياية الذي أذكر أنه قبل مباراة اتحاد العاصمة لم يلعب أي لقاء كلاعب أساسي، ونحن نعول عليه كثيرا كرأس حربة، له إمكانيات كبيرة إلى جانب فريد طويل.
– بصراحة، هل مستوى الوفاق هذا الموسم نفسه الموسم الماضي؟
دوام الحال من المحال، وماحدث للفريق من هزات ارتدادية بعد نهاية الموسم الماضي أثر كثيرا على مستوى الفريق منذ بداية الموسم الحالي، لكن من الجانب التقني وبلغة الأرقام لسنا بعيدين كثيرا، فنحن نمتلك أحسن دفاع، انهزمنا في مباراة وحدة، ونحن متأهلون لدور المجموعات من البطولة العربية، بالرغم من تأثير الإصابات على لاعبين أساسيين أمثال حاج عيسى، وبن شعيرة وعدم تأقلم اللاعبين الجدد مع الجو العام داخل الفريق، ولا أنكر بأن تأثر الأنصار السلبي ببعض وسائل الإعلام واستهلاكهم السيء للمعلومة زاد في أزمة الفريق وتراجعه.
– الوفاق يشارك رسميا في رابطة أبطال إفريقيا، هل كانت تلك رغبتكم؟
بالفعل، بعد 17 سنة غياب عن الساحة الافريقية، الوفاق عليه أن يسترجع مكانته الحقيقية على الصعيد القاري، وهذه المشاركة هي من حقنا أولا وأخيرا، وسأكون فخورا بإضافتها إلى التقرير الأدبي عند نهاية عهدتي الأولمبية مع الوفاق، سيصبح في رصيد الفريق عندئذ أكثر من 40 مقابلة دولية، ونحن نسعى للاستثمار في هذا المجال وستحدد طموحاتنا في لعب هذه البطولة الافريقية عند نهاية مرحلة المركاتو، والوقوف على الحالة الصحية لخزينة الفريق.
– على ذكر الخزينة كلام كثير قيل حول ميزانية الوفاق وعائدات الألقاب الماضية، هل من توضيح؟
(يضحك) ثم يقول: تصدقني إذا قلت لك بأن الوفاق خرج بعجز مالي بعد نيل الكأس العربية، فنحن تحصلنا على مبلغ 6 ملايير و300 مليون سنتيم من الاتحاد العربي، أخذ اللاعبون ما يقارب 5 ملايين سنتيم كمنح، ما عدا كايتا ودراج المسرحين، واللاعبين الذين أمضوا لفرق أخرى، زيادة على ماصرفه الفريق على اللاعبين من منح خاصة بالدور النهائي والحوافز، ولولا وقوف والي الولاية مع الفريق في كل هذه المحنة لكادت تكون النتائج وخيمة على النادي. وهنا ينبغي أن أذكر الرأي العام بالموقف المخذل لبلدية سطيف، التي لم تكن في المستوى حين تحصل الفريق على البطولة الوطنية والعربية، فنحن لم نتلق أدنى تشجيع معنوي ولا مادي، ولا حتى حفل استقبال شرفي، وحتى وزارة الشباب والرياضة خيبت آمالانا، ولم تقم بأية التفاتة تدعيمية لبطل العرب والجزائر، والفريق انطلق هذا الموسم بقروض قمت شخصيا بجلبها. وإذا كنا لا نعاني مشاكل لحد الآن فيما يخص الجانب المادي، فذلك بفضل تلك القروض ورئيس الفريق لا يجب أن يتحمل المسؤولية لوحده، فأنا لم أقترض لأغراض شخصية وعلى الفريق ديون تفوق 6 ملايير سنتيم.
– وعقود السبونسور؟
المداخيل في هذا الجانب لا بأس بها وصلت إلى 10 ملايير سنيتم، وهذا الموسم لدينا عقود تمويل إشهارية مع مجموعة جديدة من المتعاملين لم تتضخ مواردها بعد، أغلبها لشركات محلية ووطنية كسوناطراك، جيزي، لابل، صافسير، ومامي، ونحن بصدد إجراء اتصالات أخرى، خاصة بعد تأكد مشاركتنا في رابطة الأبطال الافريقية
– اعتمدتم طريقة مغايرة هذا العام في تنظيم اللقاءات بملعب 8 ماي، ما أسباب ذلك؟
مشكلة تسيير الملعب لم تطرح أبدا مع سلطات الولاية، خاصة مع التفهم الكبير لوالي الولاية وتعامله الايجابي مع الفريق، ومديرية الشبيبة والرياضة تحكمها قوانين، حول هذه النقطة كنا نتعامل بثقة كبيرة الموسم الماضي، وهذا العام المديرية طلبت التسوية الادارية ووزير القطاع موافق على فكرة وطريقة التسيير التي اقترحتها إدارة الوفاق وتنظيم اللقاءات مشترك حاليا بيننا وبين إدارة المركب الرياضي، وهذه الطريقة تساعدنا في إبعاد كل الشبهات عن المتعاملين والأنصار.
– حديث في الشارع السطايفي عن احتمال عودة سليم أوساسي؟
لقد سعينا منذ بداية أزمات الوفاق هذا العام، لتغيير نظام العمل الاداري، وأجرينا عدة لقاءات مع مدير الشبيبة والرياضة للولاية بغرض الوصول إلى تحويل النادي إلى شركة ذات أسهم، عندئذ يصبح الانخراط في الجمعية العامة مرهون بقيمة المساهمة، ولا يمكن لمن هب ودب أن يقبل أو يرفض دخول أحد للنادي، والسيد سليم أوساسي صديق عزيز وله مؤهلات تسيير تستحق التقدير، إضافة إلى كونه اسم بارز في الحركة الرياضية، لكن فكرة عودته لم تطرح نهائيا وأنا متأكد أنه يرفض هذه العودة وأحترم رأيه كثيرا.
– كيف ستكون اختياراتكم في الميركاتو؟
لقد بدأنا الاتصالات ببعض اللاعبين، ونؤكد عودة ياسين دراج للفريق، ونسعى حاليا لاقناع مدافع ولاعب وسط ميدان من البطولة الوطنية “رفض الافصاح عن إسميهما”. كما تقدمت مفاوضاتنا مع مهاجم إفريقي، ونسعى لاسترجاع اللاعب بن اوناس الذي ينشط في بطولة الامارات العربية.
– أهدافكم هذا الموسم؟
لقد وصلنا إلى مرحلة تحتم علينا لعب الأدوار الأولى، في البطولة الوطنية والحفاظ على اللقب العربي الذي هو بحوزتنا، إضافة إلى تشريف مشاركتنا في البطولة الافريقية، لكن بصراحة أقول، إنني أسعى للتركيز على كأس الجممهورية، وأنا أحلم بالتتويج بهذا اللقب الذي ينقص عهدتي كرئيس للنادي ولا شك أن عددا كبيرا من الأنصار يشاطرونني الرأي.
– ننتقل إلى المنتخب الوطني لمعرفة رأي سرار في اختيار المدرب رابح سعدان؟
لطالما نادينا بالمدرب المحلي كحل أولي لأمراض الكرة الجزائرية، والسيد سعدان له نتائج مشرفة في الموسم الماضي كبطل وطني وبطل عربي، لكن يبقى التأكيد على أن المشكلة ليست في سعدان أو غيره، إنما هي الكرة الجزائرية في حد ذاتها، بطولتنا ضعيفة والتكوين منعدم على مستوى الفئات الصغرى. كما أن الاحترافية مفقودة في نظام العمل، والفدرالية والوزارة عليهما مسؤوليات كبيرة في استعادة أمجاد الرياضة الأكثر شعبية في البلاد.
علاقة سرار بالسيد هداج؟
علاقتنا بالفيدرالية الوطنية جيدة، بالرغم من البرمجة التي كثيرا ما تثقل كاهل الفريق، فنحن لعبنا ثلاث مباريات هامة هذا الموسم في ظرف سبعة أيام، لكننا لا نشتكي ولا نبحث عن مبررات الفشل، حتى الاحتجاجات على التحكيم ليست من طبعنا ونحن نؤمن بأن رؤساء الأندية يتحملون مسؤولية توفير الجو الملائم للحكام حتى يقوموا بدورهم كما يجب وبكل حرية.
كلمة للأنصار؟
عند تعاملهم مع وسائل الإعلام، عليهم القراءة بين السطور، وعدم التأثر بالعناوين التي تسعى لزعزعة الفريق، سوف تكون الوثبة الحقيقية قريبة وأحترم كثيرا أنصار الوفاق الحقيقيين الذين لم تهزهم نتيجة لقاء “السوبر”، وأنا أفتخر كثيرا وأدعوهم للحفاظ على أجمل الصور بملعب النار والانتصار.
– أخيرا..
أشكركم على هذه الفرصة، وأبارك للإعلام الوطني هذا المولود الجديد الذي سيكبر باحترافية أقلامه الجادة.