ستة عائلات حولت تونس إلى ملكية خاصة
ليلى الطرابلسي اشترت 3 هكتارات بـ100 دينار تونسي
بعد التغيرات التي شهدتها تونس خلال الأسبوع الماضي، بسقوط نظام الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، وفراره إلى السعودية، تردد على مسامع الجزائريين أو “التوانسة” وحتى الرأي العام في الخارج، أسماء عائلات ارتبطت ارتباطا وثيقا بنظام الحكم السابق في تونس، فكانت الوحيدة المستفيدة منه. غير أن الذي لا يعرفه الجميع هو أن عائلتي بن علي والطرابلسي لم تكونا وحدهما في وجاهة الفساد المستشري في تونس، حيث تكشف “النهار” بالتفاصيل العديد من الفضائح المالية وقضايا الفساد التي تورطت فيها أكثر من “عصابة عائلية” حولت تونس إلى دولة مافيا تحكمها قوانين الغاب.
شقيق الرئيس.. من “كابران” في الجيش إلى بارون مخدرات
بالحديث عن عائلة بن علي، فإنها تضم أسرة الرئيس المخلوع، إخوته وأبنائهم، وفي هذا الإطار، نذكر اسم منصف بن علي، وهو عريف سابق في الجيش والأخ الأكبر للرئيس السابق، قائد عائلة بن علي قبل أن يتوفى في ظروف غامضة في أفريل 1996. ويقال عن منصف بن علي أنه كان يوزع التراخيص التي تُعطى بصعوبة من وزارة الداخلية لممارسة أنشطة تجارية مثل الحانات، المقاهي، المطاعم وصالات الألعاب بقيمة 10000 دولار عن كل رخصة. كما كان منصف بن علي يمد أصدقاءه من تجار المخدرات بجوازات سفر تونسية لكن بأسماء مستعارة وكان يملك قصرا فخما في منطقة “مرناق” ويتنقل في سيارة مصفحة.
وتمتلك عائلة بن علي بحسب مواقع تونسية وليبية معارضة، فندقين بقيمة 45 مليون دولار، كانت تملك أحدهما أخت بن علي حورية التي توفيت كذلك.
ومن ضمن أشقاء الرئيس الهارب، توجد حياة بن علي، التي تعيش في ألمانيا وتملك سلسلة من النزل والعقارات وقد شغل أبناؤها مناصب رسمية في نظام بن علي الأول كان وزيرا للبيئة والثاني شغل منصب مستشار رئاسي والثالث يعد من أكبر موردي السيارات في البلاد.
أما بالنسبة لصلاح الدين، وهو أيضا أحد أشقاء بن علي، فقد كان يملك مع ابنه قيس الشركة العقارية “سنية” إلى جانب “مربض آدم” في مدينة المنستير. بعد ذلك نذكر اسم التيجاني الذي يملك شركة عقارية عملاقة اسمها ميتارفا” وهو شريك أساسي في مؤسسة لخدمات الموانئ “آيرو ترافل”.
ومن ضمن الأخوات الشقيقات للرئيس المخلوع، نجد نعيمة التي توفيت قبل أيام خلال محاولتها الهرب نحو الجزائر، حيث اختصت هذه الأخيرة في مجال استيراد السيــارات الفاخـرة، اما بالنسبة للشقيقة نجاة، فهي تملك رفقة زوجها الصادق المهيري شركتي تصدير واستيراد إلى جانب عدة شركات للأثاث وهما شريكان في شركة الطيران “كارتاغو الجوية” مع بلحسن الطرابلسي.
العائلة الأكثر جشعا
وبالنسبة لعائلة الطرابلسي، وهي أسرة ليلى زوجة بن علي، فإنها كانت الأكثر جشعا وتورطا مع نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، حيث كانت تسيطر مباشرة على الحرس المقرب جداً من الرئيس بن علي.
واتسمت عائلة ليلى الطرابلسي خلال السنوات الأربع الأولى التي تلت زواجها بالرئيس بن علي أي عام 1992، بنوع من الرصانة والكتمان. لكن شهية العائلة “المتحدرة من مستوى اجتماعي وتعليمي متواضع” بحسب نيكولا بو، أحد مؤلفي “كتاب حاكمة قرطاج”، انفتحت وكبرت ابتداء من العام 1996، وهو ما دفعها إلى محاولة حصد حصة الأسد وصد الطريق أمام طموحات العائلات المقربة من بن علي الأخرى كعائلة شيبوب ومبروك وكمال لطيّف الذي كان مستشارا لبن علي.
وقد تمكنت عائلة الطرابلسي من وضع يدها على جميع القطاعات الاقتصادية الحساسة مثل الانترنت، الفنادق، العقار، النقل، التصدير والاستيراد، الاتصالات، الإعلام والرسوم الجمركية.
ليلى تحّول شقيقها من مصوّر متنقل إلى بارون أعمال
واعتمدت زعيمة العائلة ليلى بن علي التي استغلت منصب زوجها، على الشرطة بغية تخويف وإرهاب كل من قد يشكل منافسا لعائلتها، حيث أنه في عام 2001، استولى شقيق ليلى الطرابلسي، بلحسن على شركة طيران “قرطاج إيرلاينز”..
بعد بلحسن، يأتي منصف شقيق ليلى الطرابلسي الذي بدأ مشواره المهني كمصور متنقل بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة . وقد كان لمنصف ابنان هما طارق ومعز الدين، اللذان تورطا في مشاكل كبيرة مع القضاء الفرنسي بعد قضية ما عرف باليخوت المسروقة في جنوب فرنسا. الى جانب ابن عمه عماد الطرابلسي المعروف بسطوته لكونه الشخص الذي يفرض القانون في تونس العاصمة بمجرد مكالمة هاتفية واحدة، حيث كان بإمكانه إسقاط خصم أو إطلاق سراح تاجر مخدرات دون أن يتجرأ أحد على مجابهته.
وتسببت عائلة الطرابلسي، في حرمان عائلات وأفراد من أملاكهم كعائلة “شمان” الثرية، إذ أُجبر المقاول فؤاد الشمان على الرحيل إلى الولايات المتحدة بعد عدة مضايقات من عائلة الطرابلسي وشيبوب للاستيلاء على القطاعات التي كان يعمل فيها خاصة الملابس.
وتقدر ثروة عائلة الطرابلسي بملايين اليورو، حيث تمتلك عدة أملاك وعقارات في مالطا ودبي والأرجنتين، إضافة إلى حسابات مصرفية وشقق في الأحياء الباريسية الراقية وشاليهات وفيلات في مدن فرنسية .
سوق الدواء لزوج الابنة الكبرى للرئيس
عائلة الماطري، وهي عائلة صخر، صهر بن علي وزوج ابنته نسرين. اعتمد صخر في توسيع إمبراطوريته على مشاريع في قطاع السيارات والعقار والسياحة والمال والإعلام والزراعة. وحتى عشية ما سمي بـ “ثورة الياسمين” كان يعتبر خلف بن علي في رئاسة البلاد.
ويرأس صخر الماطري مجلس إدارة بنكي “الزيتونة” و”التجاري” ويملك أيضا شركة “النقل” التي تستورد سيارات فولسفاغن وأودي وبورش وسيت وكيا، كما أنه وضع يديه على “دار الصباح” بصحيفتيها “الصباح” و”لوطون” كما أنه كان رئيس مجلس إدارة “تونيزيانا” ومجمع برانساس كما كانت له حصص في خطوط بحرية والعقارات والفلاحة.
وفيما يتعلق بعائلة شيبوب سليم زوج ابنة بن علي الكبرى درصاف، فهي تعتبر من أبرز العائلات التي نهبت أموال تونس، حيث تمكن سليم بعد زواجه من ابنة الرئيس من الاستفادة من المحسوبية حيث اقتنى قطع أراضي واحتكر سوق الصيدلة في تونس والتي أخذت منه فيما بعد في إطار المنافسة بين عائلته وعائلة الطرابلسي. في العام 2001، ومكن سليم شيبوب من إنشاء سوق باسم علامة “كارفور” بالقرب من “سكرة” في الضاحية الشمالية لتونس، وذلك على أرض بيعت له بثمن رمزي. وقد بدأ سليم شيبوب حياته كلاعب كرة طائرة . كما ترأس نادي الترجي التونسي عام 1989، حتى عام 2004. ويملك شيبوب وزوجته دورصاف فندقا خاص في مدينة كان الفرنسية.
وفي 21 أكتوبر 2010، أي حوالي شهر قبل سقوط بن علي، أسس سليم شيبوب شركته العقارية “ريل ليك إستيت” برأسمال يعادل 150 ألف دينار تونسي وهو الحد الأدنى لإنشاء شركة عقار في تونس. ويملك سليم شيبوب نخبة من صفوة الخيول الواحد منها يبلغ سعره مليون دولار وكان شيبوب قد تلقى هدايا من شيوخ في الخليج وخاصة من الامارات هي عبارة عن خيول باهظة الثمن.
الاستثمار في الأنترنت وسوق النقال وحتى مصانع الشوكولاطة
عائلة مبروك، وهي أسرة مروان زوج سيرين البنت الصُّغرى لبن علي من زواجه الأول. في البداية كلف مروان بمهمة الرقابة على المضامين غير المرخصة على الانترنت. كما مُنحت سيرين مهمة الإشراف على الانترنت تحت اسم “بلانيت” والتي درّت عليها أرباحا طائلة، بعد أن أجبر الرئيس بن علي كل المؤسسات العامة والمؤسسات الجامعية والثانوية والابتدائية على الاشتراك في الانترنت.
بعد ذلك، حصلت سيرين على رخصة شركة الهاتف الجوال “أورانج”. وكان الزوجان يهيمنان على السوق المالية بالبلاد نظرا إلى قوة حصصهما في البنك التونسي. ولقد كانا حاضرين بقوة في قطاع التوزيع وكانا الموردين الرسميين لسيارات مرسيدس وفيات في تونس كما يمتلكان مجمع الصناعات الغذائية بتونس إلى جانب شركة صنع الشكلاطة وحصص هائلة في مختلف الشركات العقارية.
وقد امتلك مروان رفقة أشقائه محمد وعلي واسماعيل مجموعة اقتصادية تبلغ معاملاتها 500 مليون يورو تتحكم في سلسلات أسواق ممتازة منها 65 سوق ممتاز تحت علامة “مونوبري” بالإضافة إلى سوق ممتاز بعلامة “جيان”، وأملاك في مجال توزيع السيارات كشركة “لوموتور” التي تمت خوصصتها في ظروف غامضة”، إلى جانب سيطرتهم على مجال صناعة البسكويت.
مصائب الخوصصة عند عائلة زروق فوائد
كان زروق سليم زوج ابنة بن علي غزوة من زوجته الأولى في الأصل موظفا معلوماتياً في وزارة الداخلية. ولقد اغتنت عائلته بسرعة خاصة في فترة خوصصة بعض الشركات كالشركة الوطنية لتربية الدواجن التي بيعت لزروق بثمن منخفض وأعاد بيعها بثمن مرتفع جدا.
وتمثلت إحدى عملياته الناجحة بشرائه لمدة أشهر فقط، شركة “سيراميك تونس” العمومية، بقيمة 17 مليون دولار، بعد أن ردع كل المشترين الأقوياء الذين تقدموا لشرائها عن طريق التهديد في أفريل 1996. بعدها قام ببيع الشركة بقيمة 24 مليون دولار في سبتمبر من العام ذاته، محققاً بذلك “ربحًا ماليًا بقيمة 7 ملايين دولار من المال العام.
ابن بن علي.. عمره 6 سنوات ويملك أكثر من 13 ألف متر مربع في منطقة سياحية
كشفت صحف تونسية النقاب عن فضيحة جديدة ضمن ما يسمى بفضائح عائلة بن علي والطرابلسي المالية، حيث نشرت نسخة من عقد عقاري ممضى من طرف ليلى الطرابلسي لدى القباضة المالية بقرطاج بتاريخ 17 ديسمبر 2007، يظهر أن شركة الدراسات والتهيئة لـ”مارينا الحمامات” منحتها قطعة أرض تبلغ مساحتها 3524 مترا مربعا بمبلغ إجمالي قدره 100 دينار فقط لكامل المساحة.
كما كشف موقع “أفريكان ماندجر” أن الحساب البنكي لليلى الطرابلسي زوجة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ما زال مفتوحا لدى الشركة التونسية للبنك، مضيفة أنه يتضمن مبلغا ماليا قدره أربعة ملايين دينار تونسي.
ولم تقتصر المفاجآت في قضايا الفساد المتورط فيها “آل بن علي” و”آل الطرابلسي” على هذا فقط، حيث تبين أن الابن الأصغر لبن علي واسمه محمد زين العابدين، يمتلك قطعة أرض مساحتها أكثر من 13 ألف متر، رغم أن سنه لم يتجاوز 6 سنوات. والمثير كله في هذه الفضيحة هو أن قطعة الأرض تقع في منطقة خليج الملائكة السياحية في منطقة حمام سوسة، المعروفة بغلاء عقاراتها.
ويعود تاريخ توقيع عقد الملكية الى 10 جانفي الجاري، أي قبل أربعة أيام فقط من إطاحة الثورة الشعبية في تونس بحكم بن علي.