سافر لأداء مناسك الحج.. وودعنا وكأنه لن يعود
أردت أن أطرح انشغالي وحيرتي، مع العلم أن لا شيء سيتغير، فالأمر في يد الله، وبالرغم من ذلك، فعلت لكي أفضي بهذا الإحساس الذي نخر تفكيري.
أنا لمياء من الجزائر العاصمة، أبلغ من العمر 24 سنة، أنهيت دراستي الجامعية وأعيش سعيدة، لأن الله حباني بوالد هو الأفضل على الإطلاق، لأنه رجل مثالي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولديه مكانة رفيعة لدى كل الناس، مما جعله يحظى بمحبة واحترام الجميع، مع العلم أن والدتي لا تقل عنه طيبة، فهما تجسيد لقوله تعالى:{الطيّبون للطيّبات}.
لحسن حظ أن والذي الله أكرمه هذا العام وفاز بقرعة الحج، الأمل الذي انتظره سنوات طويلة، ومن المفروض أن تسافر معه والدتي أيضا، لكنها لم تفعل بسبب عسر الحال وعدم استطاعتها تأمين مبلغ السفر، مما اقتضى سفره بمفرده قبل ثلاثة أيام.
لقد أوصلنا والدي إلى المطار وانتظرنا هناك حتى أكمل إجراءات السفر، وحينها ودعنا ودخل إلى قاعة انتظار الطائرة، حيث لا يمكننا مرافقته، ومن تلك اللحظة انتابني شعور غريب، بأن ذهابه سيكون بلا رجعة، والسبب نظرته الغريبة وطريقة توديعه لنا، مع العلم أنه سافر من قبل لأداء مناسك العمرة مرات ومرات، لكنني لم أشعر بمثل هذا أبدا، فقد كان يقيني بعودته كبيرا، على عكس هذه المرة.
لقد أطلعت والدتي على حقيقة مخاوفي، فقالت إن والدي طوال عمره كان يتمنى أن يحظى بهذا الشرف، وهذا بالنسبة إليه أفضل وأحسن خاتمة على الإطلاق، كلامها أشعل النار في قلبي وجوارحي، فماذا أفعل لكي أهدئ روعي وتمضي أيامي في أمان وسلام؟