زرع الفساد في الأرض مهمة قذرة أرغب بالتخلص منها
تحية طيبة وبعد، وأسأل الله أن يسعفني الحظ في الحصول على توجيهات تساعدني على التحرر مما أنا فيه، وليس هذا بصعب عليك سيدتي نور، يا من أفرطت في تقديم العون والدعم لكل حائر مهموم. من الصعب جدا أن يتصدى المرء إلى الشيطان بالطريقة التي تبعده عنه كل البعد، ومن غير الهين أن يعيش الإنسان من دون أن يخطئ، لكن من الممكن جدا أن يقلص هذه الأخطاء ويقزم حجم الذنوب التي يقترفها بقصد أوربما من غير قصد، فهذه غايتي وهدفي الأسمى الذي أسعى إلى تحقيقه، لكنني ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فأيامي لا تمضي من دون أن يختم عليها بختم المعصية التي باتت جزءا لا يتجزأ من حياتي. نعم أعترف بذلك، لأن السيئات لا تقتصر فحسب على الكبائر، فحتى الصغائر التي نعتبرها هينة فإن شأنها عند الله عظيم، ذنوب منها استراق النظر إلى الأشياء المحرمة واستراق السمع، وسلوكات أخرى لا يمكن الاستغناء عنها وإن كانت بسيطة، أعرف أن كلامي يعتبر في نظر الناس فلسفة لا جدوى منها، لكن الأمر يهمني كثيرا ألست محقا سيدتي نور؟ أليس واجبي أن أدرك ماهية وجودي لأقدم أفضل ما لدي في هذه الدنيا كاستثمار مربح للحياة الأخرى .
ف/ الجنوب
الرد:
لقد جعل الله الإنسان أفضل المخلوقات، وميزه بالعقل وفضله لكي يُعمر الأرض، وتعمير الأرض تكليف يجب أن يُنظر إليه بالكثير من العقلانية ومحاسبة النفس، وإلا شاع الفساد وزاغ العبد عن طريق الحق، فاتبع مالا يرضاه الله. من هذه المرجعية يُدرك الإنسان أنه من الواجب عليه أن يردع نفسه الأمارة بالسوء، وأن يزرع في قلبه محبة الله، فيُضيق على الشيطان حتى يخنق أنفاسه فيهرب منه، أما إذا كان القلب غير مدرك لهذه الضرورة، ازدادت مساحة الشيطان اتساعا ومكنته من الركوب على كاهل العبد الضعيف، والأكثر من ذلك زرع بذور الشر في نفسه لأنها ستكون خصبة قابلة للإنتاج. سيدي الفاضل، من غير الممكن أن يتصف الإنسان بالكمال لأنه صفة إلهية ومن غير المعقول أن يبحث في أشياء ما ورائية، وقد منحنا الدين الحنيف بتعاليمه خريطة الطريق التي توصلني حيث النجاة والآمان، لذلك لن أطيل عليك الكلام وأنصحك بقراءة القرآن فسوف تجد فيه الجواب الشافي لأسئلتك، افعل ذلك وتدبر آياته بتمعن وعناية فائقة فسوف تجده جامع مانع يثلج الصدر، لأنه كلام الجبار الستار الحليم صاحب الشأن العظيم فمن واظب على قراءته أشع على أيامه ثقل من الراحة والسكينة، إنه الكلام الذي يطمئن القلوب والنفوس وفي الوقت نفسه أعظم استثمار تقدم عليه في الدنيا لتحصل على أرباحه في الآخرة إن شاء الله.
ردت نور