دقيقة من وقتك..

تتعاقب السنين وتتوالى الأيام، ولا يبقى منها سوى الذكريات، فبين فرح وحزن، وبين سعادة وشقاء، هناك ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻻ ﺗﻨﺴﻰ ممزوجة بين الجميلة والتعيسة، ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺬﻭﻕ ﻃﻌﻢ ﺍﻟﺤﺰﻥ وتجرع مرارته حد الثمالة.
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﺑﺄﻧﺎﺱ ﻭﻧﻌﻴﺶ ﻣﻌﻬﻢ ﺃﺟﻤﻞ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﻭﺃﺳﻌﺪﻫﺎ، ﻭﺃﻧﺎﺱ ﻧﻨﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﻓﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، لكن ﺗﻤﻀﻲ الأيام، ﻭﻳﺤﻴﻦ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻔﺮﺍق، رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ الأقدار ﺃﻭ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ سببا ﻟﻔﺮﺍقنا، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻠﻞ ﻗﺪ ﺗﺴﺮﺏ إﻟﻰ ﻧﻔﻮﺳﻨﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺫﻧﺒﻨﺎ ﻧﺤﻦ، ﺣﻴﻦ نعاشر بإخلاص لنُصدم ﻓﻲ ﻳﻮم ﻣﻦ الأيام ﺑﻐﺪﺭ ﻻ ﻧﺘﻮﻗﻌﻪ، ﻓﻨﺮﻯ ﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻨﺎ ﻳﻔﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻭﻧﺒﻘﻰ ﻭﺣﻴﺪﻳﻦ، فهل ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺐ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ؟
ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻧﻌﻴﺶ ﻭﺗﻤﺮ ﺑﻨﺎ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﻳﺎﻡ ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﺓ ﻭﺑﻌﺪ ﺯﻣﻦ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء ﻭﻻ ﺗﺒﻘﻰ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎت، بحلوها ﻭﻣﺮﻫﺎ، ﻭﻻ ﻧﺰﺍﻝ ﻧﺘﺬﻛﺮﻫﺎ، ﻓﻨﺴﺘﺮﺟﻌﻬﺎ ﺑﻌﺪ مدة، إذ ﺷﻌﻮﺭ ﺑﺎﻟﺸﻮﻕ إلى ﺗﻠﻚ الأيام يراودنا، فهل تسعد ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﺬﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳﺎﺕ؟ ﺃﻡ أن ﻧﺴﻴﺎﻧﻬﺎ ﺃﻓﻀﻞ ؟
ﻭﺑﺎﻟﺨﺘﺎﻡ ﻓﺄﻧﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﺶ ﻳﻮﻣﻚ ﻻ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻓﺄﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﻮﺩ ﻭﻻ ﺗﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻓﺴﺘﺨﺴﺮ ﻳﻮﻣﻚ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ لاسترجاع ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﺭﻭﻧﻘﻬﺎ ﻭﺑﻘﺴﻮﺗﻬﺎ ﻭﺷﻘﺎﺋﻬﺎ، لكن ليس لنزداد تأزما، بل لتعطينا دفعاً إيجابيا، وجرعة قوة..
ذكريات الطفولة حطمت حاضري وأفقدتني حب الحياة
سيدتي قراء الموقع، بعض الأقدار نعيشها دون أن يكون لنا فرصة الأخيار فيها، كالعائلة، فأنا عائلتي ومنذ صغري أعرف فيها ضغطا رهيبا، أجل، بيتنا منذ نعومة أظافرنا مشحون بالنزاعات والشجار، توتر مستمر بين أمي وأبي، لا الصغير يحترم الكبير بين الإخوة ولا الكبير يحن ويعطف، نفقد الأسلوب الين، والكلمة الطيبة، لا يتحدثون إلا بالسخرية، ولا ينعتون بعض إلا بأبشع الكلمات، ولكم أن تتخيلوا كيف يكون العيش في بيت مبني على التحطيم والإساءة وبما أنني البكر، كنت أنا الضحية لأني مختلفة نوعا في توجهاتي، كنت لامعة في الدراسة لكن لم يمكن بالأمر المهم بالنسبة لهم، كانت لي العديد من الأحلام التي تحولت على طموح أردت تحقيقها لكن الأجواء متعبة، أفقدتني الثقة في كل المحيطين بي، حتى في نفسي، فكل شخص كنت أقابله أخاله سيسخر مني، لذلك ليس لدي أصدقاء.
صدقيني سيدتي، لا اشعر بحلاوة الدنيا بالرغم من تغير الظروف للأحسن، خاصة بعدما اعتليت منصبا محترما، أنا لا اشعر بالسعادة، فمجرد أن أدخل البيت أذهب للنوم وأتمنى أن لا أصحو أبدا حتى لا أدخل مجددا حلبة الصراع مع نفسي، حتى في العمل أشعر بحرج شديد حين يتطرق الزملاء إلا مواضيع تخص الأهل، إلا أنا أتجنب الحديث عنهم، فاعتقد الكثير أنني يتيمة.
أشعر بالاحتراق، لقوة ما أكتمه في قلبي، وأفكار سلبية كثير تدور في ذهني، فهل يمكن التخلص من كل هذا الصراع..؟
عقيلة من العاصمة
الـرد:
مرحبا بك حبيبتي، وتحية لكل قراء الموقع، وأتمنى من المولة التوفيق في الرد عليك، أختي الفاضلة، أرى أنك وقعت في فخ عويص، هو سبب الحالة النفسية التي تمرين بها، فما تحسين به هو تهويل للأمور وتصعيد لظروف مرت عليكم لفترة لكنك بقيت متشبثة فيها إلى حد الآن، فتختمر في عقلك، وطمس عينيك عن حقيقة السعادة التي تكمن في الرضا بالقدر والقضاء خيره وشره، فالله سبحانه وتعالى عوضك عن سنين التعب براحة ومنصب وصحة وتغير ظروف عائلته للأحسن وهذا ما كنت تتمنين، فلماذا كل هذا التمسك بالماضي.
عزيزتي سامحيني على قساوة الرد، لكن أحيانا لابد أن نتعامل مع بعض الأفكار بتلك الطريقة، كفي عن تمثيل دور الضحية، وأنك مسكينة بسبب ظروفك العائلية طريقة والديك التي باتت من الماضي، فبالرغم من كل ما آلمك سابقا أنت اليوم والحمد لله بصحة جيد، درست وتحصلت على عمل، بفضل من الله وبعون والديك اللذان سخرهما الله لكم بكل صفاتهم السيئة الحسنة، أريدك أن تكوني صادقة وتحللي الوضع على حقيقته، لكن قبل هذا تخلصي من كل تلك الأفكار السلبية، سأنصحك بشيء، أحضري ورقة وقلم، واكتبي عليها كل الأمور الايجابية في حياتك من جهة، والأمور التي برأيك تحتاج إلى تعديل، كوني صادقة وأحصي النعم التي أنت بها بصدق وتحدثي عن إخوتك وأقاربك، وأبواك وكل ما وفراه ولا زالا يوفرانه لك بالبيت، سأخبرك أمرا هنا، مهما كانا والديك، فأنت ملزمة بطاعتهما، وأنهما بمجرد ما تغمض عيناهما -بعد عمر طويل بإذن الله- ستشعرين بشوق شديد إليهما، وأنك ومهما فعلت لم توفهما حقهما، تذكري هذا جيدا، لأني اعتقد أن المشكلة بشكل كبير قد تكون منك أنت.
حبيبتي، بالرغم من كل ما تقدمت بقوله، أأكد لك أنني جد متفهمة لما تشعرين به، لهذا لماذا لا تحاولين أنت تغيير بعض الظروف، فبدل من روتين النوم والعمل، حاولي أن تخلقي جوا لطيفا في البيت، تقربي من أمك، توددي لوالدك، ضمي باقي إخوتك، لان حبك للتخلص من هذا الواقع هو دليل على أنه يوجد بداخلك شيء جميل يمكنه أن يصنع المعجزات، وهذا ما يسمى في علم النفس بالبقعة العمياء، بمعنى جانب لا نراه نحن في أنفسنا، وغيرنا يراه، وإن أنت فعلت عكس تلك الأفكار السلبية سوف تكتشفين تلك البقعة الجميلة المخفية فيك التي من شأنها أن تحسن من أحوالك، والأمر يحتاج منك فقط النية الطيبة واحتساب الأجر لله، ثم المبادرة، وسف ترين كيف ان السعادة ستعرف طريقها لقلبك الجميل.
وفقك الله أختاه وكان في عونك.