دعم مالي يفوق 200 مليون ورواتب شهرية لعائلات الإرهابيين
في سرية تامة، تقوم الجماعات الإرهابية بتقديم منح مالية ورواتب شهرية لعائلات الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم، بهدف دعمها والإبقاء على تواصلها.
هذه إحدى الحقائق التي كشف عنها إرهابيون تائبون لـ”النهار”، وقد سردوا لنا حالات وأمثلة عديدة، إذ أن هذه المساعدات تأتي من الأموال الطائلة المجنية من عمليات السطو على البنوك، مراكز البريد، وابتزاز المواطنين بمنازلهم أوفي حواجز مزيفة، وكذا المبالغ الكبيرة التي تدفعها عائلات المختطفين فدية” وتضيف الشهادات أنه بعد كل عملية يعقد اجتماع في اليوم الموالي يرأسه أمير الكتيبة، أمير المالية، والجنود المعنيون لدراسة كيفية توزيع الإعانات، فلكل حالة شروط، حيث يحظى الإرهابيون المتزوجون والذين رزقوا بأولاد بالأولوية.
- عائلات تتنقل إلى معاقل الإرهابيين لتسلم الأموال وتبيت هناك
– أمراء يتنقلون سرًا إلى العائلات بمنازلها لتقديم التعازي والتضامن وفي السياق ذاته نذكر حالة لعملية سطو استهدفت مركز البريد ببلدية مقلع، “تيزي وزو” حيث تم الاستيلاء على مبلغ 800 مليون سنتيم سنة 2001 ليعقد اجتماع في صبيحة اليوم الموالي، بأدغال “سيدي علي بوناب”، لتقييم الغنيمة وتقسيمها، ودام الاجتماع حوالي ساعة من الزمن، ورأسه كما ذكرنا سالفا أمير الكتيبة وأمير المالية، وعشرة جنود من المتزوجين، وللعلم فإن تيزي وزو بها نسبة ضئيلة من المتزوجين مقارنة بالمناطقة الأخرى كما يلاحظ محدثنا “بوعلام. ح”، وبعد الافتتاح بقراءة سورة الفاتحة، تبدأ عملية تقسيم الأموال، التي يتكفل بها أمير المالية، الذي منح مبلغ ستة ملايين لكل عنصر، وكان من بين المشاركين في الاجتماع محمد من منطقة ذراع بن خدة “قضي عليه سنة 2003″، المدعو عمي رشيد، حوالي 55 سنة المنحدر من منطقة سيدي نعمان، ولديه أربعة أطفال “قضي عليه في 2003”. كما أكد لنا ذات المصدر أن المبلغ المالي الناتج عن العمليات المذكورة والاعتداءات الإرهابية يكون كدفع مسبق للمنح الشهرية التي تتقاضاها الزوجة والأولاد، إذ أن تقسيم الأموال يكون حسب عدد الأولاد، وبصفة عادلة، فالذي لديه عدد أكبر من الأطفال يأخذ نصيبا أكبر.
المطلقة وأولادها ممنوعون من المساعدة
أما في حالة الطلاق فلن تستفيد المطلقة من المنحة، سواء كانت هي المتسببة في الطلاق أو زوجها، إذ تمنع عنها المساعدة المالية، وبذلك تضطر المطلقة، التي غالبا ما تعود إلى بيت أهلها، للبحث عن مصدر رزق أو إيجاد منصب عمل، وحتى الأولاد من الزوج المطلق لا يستفيدون من المنح، رغم أنه غالبا ما تكون الحضانة للأم. وفي حالة عدم زواج الإرهابي، فإنه يستفيد من المنح والراتب الشهري، شريطة أن تكون عائلته معوزة وفقيرة، وأن يكون الإرهابي هو معيلها الوحيد قبل التحاقه بالنشاط الإرهابي. وفي هذه الحالة تستفيد عائلته من مبلغ 500 ألف إلى مليون سنتيم شهريا، أما إذا كانت العائلة ثرية وميسورة الحال حسب ذات المصدر فتحرم من المنحة. وذكر لنا أحدهم حالة إحدى العائلات الفقيرة القاطنة بالقرى المجاورة لبلدية “تادميت”، حيث بعدما تم القضاء على ابنها المدعو “أبو حمزة” وكان يبلغ حوالي 26 سنة، فهو من مواليد عام 1987 تكفلت بها الجماعة الإرهابية وهي تتقاضى مبلغ 800 ألف إلى مليون سنتيم.
حالات الموت
وفي حالات الإرهابيين الذين تقضي عليهم مصالح الأمن، يتراوح الراتب الشهري بين مليون و3 ملايين سنتيم، ونفس المبلغ يمنح في حالة الوفاة العادية للإرهابي إثر المرض، والاستفادة من هاتين المنحتين تكون في حال استمرار الاتصال بين العائلات والجماعة الإرهابية، أما في حالة الانقطاع، وهي نادرة الحدوث كرحيل العائلات وتغيير عنوانها، فالدعم المالي ينقطع حبله آليا. وفي حالة القضاء على الإرهابي من طرف مصالح الأمنو تتنقل الجماعة الإرهابية، وعلى رأسها المسؤولون والأمراء منهم، إلى منازل العائلات في الأيام القليلة التي تلي الموت، لتقديم التعازي، ولمنحهم مبلغا ماليا تضامنيا، يتراوح بين مليون و3 ملايين سنتيم، وغالبا ما يقضي الإرهابيون الليلة هناك بعد مرور الوقت، إذ يكلف الأمير غالبا أحد المقربين من المتوفى لتسليم الدعم المالي للعائلة، بصفة دورية كل شهر. وكمثال، يروي لنا محدثنا أنه بعد عملية القضاء على المدعو “عبد الحميد” في كمين نصبه عناصر الجيش الوطني الشعبي بمنطقة “سيدي علي بوناب” سنة 2001، تنقل أمير كتيبة النور وحاشيته الممثلة في أمير المالية واثنين من الجنود، أسبوعا بعد العملية، من أدغال سيدي علي بوناب، سيرا على الأقدام، إلى مسكن الإرهابي القتيل الكائن بحي “مول الديوان” ببلدية ذراع بن خدة، لتقديم التعازي لأسرته ومساندتهم، ومعهم مبلغ رمزي قدر بـ2 مليون سنتيم، حيث قضى الأمير ومرافقوه الليلة بمنزل العائلة المذكورة. وحسب ذات المصدر فإن المنح والرواتب الشهرية تتسلمها العائلات عن طريق أبنائها الإرهابيين الذين يتنقلون عادة ليلا خصيصا إلى منازلهم العائلية، لمنحهم الدعم المالي، وكذا عن طريق عناصر الدعم والمساندة. وفي السياق ذاته أكد مصدرنا قيام بعض العائلات المتكونة عادة من الأب، الأم والأخ، بالتنقل ليلا لجلب المبالغ المالية، وغالبا ما يقضون الليلة في معاقل الإرهابيين الذين يستضيفونهم بحفاوة. وهناك نقطة زساسية لا بد من ذكرها في قضية المنح والرواتب الشهرية، حيث أنه حتى لو كان عدد الإرهابيين في العائلة الواحدة أكثر من واحد، فإن لكل عنصر منحته، دون زيادة ولا نقصان، حتى لو كان عددهم عشرة أشخاص، وهذا ربما يفسر لجوء أفراد العائلة الواحدة إلي الصعود إلى الجبل جملة، لتقاضي كل واحد الراتب الشهري الذي يعوض منصب العمل.
وزيادة عن الإعانات المالية هذه، تستفيد العائلات من التموين بالألبسة التي تتم سرقتها خاصة من الشركات التابعة للدولة، المواد الغذائية، الهواتف النقالة… وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك كالحصول على مركبات، وإن كان حدوثه قليلا نسبيا، حيث أن أولوية شراء السيارات تكون لأصحاب الدعم والمساندة والتي تستعمل لتنقلات وتحركات الإرهابيين. وأكد لنا مصدرنا أن عمليات الدعم المالي المذكورة لازالت مستمرة لحد الساعة، وبطبيعة الحال تتم في سرية تامة وتكلف خزينة الإرهابيين كثيرا، إذ أن الجماعات الإرهابية، تفقد، أو بالأحرى تصرف من خزينتها المالية مبالغ كبيرة، وأحيانا خيالية قد تفوق 200 مليون سنويا، مؤكدا أن الإرهابيين يتلقون مساندة كبيرة ومعنوية من طرف ذويهم وأفراد عائلاتهم التي تسعى جاهدة لتشجيعهم على الإكثار من الأعمال الإرهابية، وعلى رأسها الحواجز المزيفة بهدف الاستفادة والحصول على أموال طائلة وتحقيق ثروة.