تقتير العاطفة الأبوية عصف بحياتي
سيدتي، سعيدة أنا من أنني وجدت قلبك الدافئ الحنون الذي يحتوي شجني وحزني، ولعل أكثر ما سيزيد من غبطتي أنني سأحظى بحيز من هذا الفضاء حتى يكون لجبر خاطري على يديط نصيب.
سيدتي، أنا زوجة في قمة الحيرة، فقد إستتب الحزن في قلبي منذ سنوات. وقد آن الأوان حتى أغرس السكينة التي أريد أن تكون عنوانا لحياتي وما بقي لي من عمري. فمسلسل الآهات قضى على كلّ جميل في حياتي ولست أريده أن يلوّن سماء حياة أبنائي.
أنا متزوجة منذ أزيد من عقدين من الزمن من رجل لم اشعر معه يوما بالسعادة. فهو إبن أمه ولا يهمه سوى ان يكون في مستوى ما يريده أهله منه.
الأمر الذي جعل من قلبي لا يعزف على سنفونية الفرح لحنا، حيث أنني عشت الهوان والمذلة إلى جانب من لم ينصفني. عدا ذلك فأهل زوجي يرون في غياب أبي عن حياتي سببا في تصغيرهم وتحقيرهم لي.
هذا هو مربط الفرس في حياتي سيدتي، حيث أنني لطالما لمست من أهل زوجي تضييقهم الخناق عليّ كون أمي مطلقة وكون أبي يحيا في مدينة أخرى ولا يزورنا إلا قليلا.
أرى فراقا كبيرا في التعامل بيني وبين زوجات أخ زوجي ممن لهنّ آباء، حيث أنهن تحضين بمعاملة خاصة. هذا ما دفعني اليوم إلى أن أحاول ربط حبال الوصال مع والدي علّه يظهر في حياتي حتى يخلّصني وأولادي من هذا الرهاب الذي أحياه بين أهل زوحي. وغربة ما بعدها غربة بيني وبين أولادي الذين ينعتوني بالمستضعفة الذليلة التي لا حول لها ولا قوة أمام حماتي وبناتها.
أريد أن أنتفض حتى لا يحيا أبنائي ما عشته
صدقيني سيدتي أريد أن أنتفض حتى لا يحيا أبنائي ما عشته من تقتير نفسي، فكيف السبيل أن أحظى بهناء العيش والأمان؟. هل لظهور أبي في حياتي دور لأنعم ببعض السعادة. أم أنّ الأمر لا يعدو إلا أن يكون إحساسا بالنقص مني حيال ما أراه من تواجد لآباء زوجات أخ زوجي والذي لم يزدهم إلا رفعة؟
التائهة ع.سندس من الشرق الجزائري.
الرد:
تلعب التراكمات كبير الدور في أن يعرف المرء طريقا للسعادة بعد سلسلة من الأسى التي مر بها. حيث أن الذكي من يجعل من الإنكسار والإحباط محفزا ليغرف من السعادة. في حين يبقى من يشكّ في قدرته عاجزا على أن يجد لقلبه مخرجا من هالة كبيرة من الحزن واللوعة.
هذا تماما ما حدث معك أخية، حيث أنك وللأسف لازلت تحيين تحت وطأة الحرمان الذي تسبب فيه غياب والدك عن حياتك. لدرجة بتّ متوجّسة من غد غامض لا تدرين كيف سيكون وتحت كنفك أبناء محتاجون إلى رعاية وعناية وحب وإحتواء.
من الجميل أنك عرفت مربط الفرس، الذي من خلاله تمكنت من فهم ذهنية أهل زوجك الذين إستصغروك لأنك عشت من دون أب. فعوض أن يحتضنوك ويلفوك بالحب والإحتواء أداروا لك ظهرهم وعاملوك بما زاد من حدّة ألمك خاصة مع علمهم أن زوجك لا يفقه في لغة المشاعر والعواطف شيئا.
تواصلي مع والدك واستنجدي به
ومن هذا المنطلق وإيمانا منك أنّ هذا ما قد يردّ لك الإعتبار بين من شكلوا لديك عقدة. فمن الطبيعي أن تتواصلي مع والدك وتستنجدي به، فحتى لو أنه يحيا بعيدا عن المدينة التي تحيون فيها فمن حقك أن يكون عزوتك بين أهل زوجك، فيلوم من يستحق اللوم. ويزجر من يستحق الزجر، حتى لا تسوّل لأي كان نفسه لأن يضرّك ويهينك.
كذلك، ومن واجبك أيضا أن لا تنقلي عدوى الخوف والإحساس بالهوان لأبنائك. بالعكس كوني أنت حصنهم المنيع واللبؤة التي لا تترك ايا كان الإقتراب من ابنائها.
عليك سيدتي وعوض تضييع الوقت في البكاء على الأطلال أن تصنعي لنفسك كيانا يغير من لغة تعامل أهل زوجك معك إلى لغة إحترام ولين. فما خطبك إن أبى والدك الظهور في حياتك ومنحك العاطفة والمكانة التي ترجينها؟.
من الضروري ايضا أن تحسسّي زوجك بفداحة ما يقدم عليه، فمهما كانت قيمتك رخيصة عنده. فلأولاده حقّ الحماية والرعاية النفسية وليس الإضطهاد والهوان.
إجعليه يفهم هو وأهله أن ما تمارسينه من خنوع وسكوت لا يعني أبدا الخوف أو الذلّ بقدر ما هو نوع من الإحترام الذي تريدين لأبنائك أن يحيو فيه بين أهلهم. فأنت تدوسين على كرامتك حتى لا يكون مصيرهم أن يحيوا بعد طلاقك من أبيهم-بعد إستحالة العيش تحت سقف واحد-منكسرين متذمّرين.
مفاتيح الحياة الجديدة التي تتوقين إليها سيدتي بين يديك، فلا تهوّلي من الأمور ولا تمنحي لأي كان دور السبب في أن تعانقي السعادة. لأن هذه الأخيرة قناعة وليست أناسا يحسبون أن بيديهم قوة الحلّ والربط في حياة الآخرين.
ردت: “ب.س”