تصرفات إبني المراهق جعلتني في مأزق.
سيدتي، بعد التحية والسلام إسمحيلي أن أشكرك لأنك قبلت أن تأخذي طلبي هذا بعين الإعتبار، فمشكلة إبني جعلتني في حرج كبير، وأنا أريد من خلال منبر قلوب حائرة أن أستنير بخبرتك الكبيرة في مجال الإستشارات.
سيدتيـ،لي إبن وحيد أغدقت عليه بالدلال وصاحبته وكأنه في مثل عمري، لطالما كنت له الصاحب والناهي والمرافق، فلا أكاد بعد ولوجي البيت من عملي أتركه، حيث أنني أقتطع من وقتي حتى أراجع الدروس معه، كما أنني لا أجد حرجا في أن أمكث معه بعض الوقت في غرفته حتى نتابع بعض مباريات كرة القدم وصدقيني بأنني لمأحرمه شيئا خوفا أن يقع وهو المراهق في مغبات الطيش.
لكن وبالرغم من كل هذا وذاك، سيدتي أنا أجد أنا شخصية إبني جدّ مهزوزة، وهو بالرغم من حسن تتبعي له وتقفي أثره لا يحسن التصرف أمام أفراد الأسرة ويجعلني أقف محتارا وكأن إستثماري له وةمن أجله ومعه ذهب هباءا منثورا.
ناهيك عن كل هذا وذاك فابني سرعان ما يهوى أمام أترابه الذين يستدرجونه في أمور نهيته عنها، فأجده كمثل الفريسة التي تتخبط طالبة نجدتي، فسرعان ما أتدخل لأصلح أي أمر تافه يخصه. وما زاد الطين بلة سيدتي أن إبني بات يتهمني بعدم الإهتمام به، كما أنه أصبح يخطرني من أنه محل سخرية بين أصدقائه، فما السبيل لتكون له شخصية مستقلة تريحني أطمئن من خلالها عليه؟
أخوكم أبو أيمن من الوسط الجزائري.
الرد:
هون عليك أخي، ولا تقلق بشأن فلذة كبدك. فالأزمنة تغيرت وبات لزام على الأولياء إستحداث طرق جديدة لرعاية الابناء وتربيتهم حتى يكونون أكفاء لمجابهة هذا العصر وما فيه من هموم ومشاكل. أخطرتني سيدتي أن إبنك -محل حديثك-هو الإبن الوحيد لك وقد أغدقت عليه بالدلال الكبير لدرجة أنه بات لا يجيد ولا يحن التصرف، ولا يخفى عليك أخي أن الدلال سلاح ذو حدين، وما زاد عن حده إنقلب إلى ضدّه والدليل هشاشة شخصية إبنك التي جعلته يهوى الهوينة، فهو لا يقوى على ردّ الأذى ولا يجيد حتى إخراج نفسه من مواقف ومشاكل تعتريه.
هذا ما يجعلك تغير طريقة التعامل معه بأن تدعه يعتمد على نفسه قليلا، فليس من الطبيعي أن تبقى لصيقا به تحضر في كل محضر حتى يدرك أهمية الإتكال على نفسه والتعويل على قدراته الفكرية وحتى الجسدية إن تطلب الأمر.
ولتدرك أخي أنّ سلوك الطفل الخاطئ عادة هو للفت الإنتباه ، وقد أشار الخبراء والمختصون في علم التربية إن الطفل دائما يحتاج إلى الاهتمام، وإن سوء سلوكه في أغلبه محاولة للفت الانتباه إن هو أحسّ بإنفلات يد من يساعده من يده.
هذا من جهة، من جهة أخرى فقد أضافت العديد من الأبحاث والدراسات أن الطفل في مراحل تطوره العمرية المختلفة يعتمد الاكتشاف كآلية يفهم بها الكون من حوله، وحتى يكتشف بصورة صحية فإنه بحاجة إلى شخص حوله يطمئنه بأن كل شيء بخير وأنه قادر على هذا الأمر، وأن لا يلعب هذا الدورَ الأب فقط أو الأم أو المعلم بل الكل حتى تكون للمراهق صورة مكتملة عن دوره في مجتمع حافل بالمفاجآت.
وحتى يحظى الطفل بالاطمئنان، يتوجب أن يكون هناك على الدوام شخص حوله “يهدهده” ويربت على كتفه ويشجعه، وهذا بالتأكيد دور الأم والأب معا فلتفسح المجال للزوجة الكريمة حتى تلعب دور المغدق بالحب والحنان ، فالمراهق في سنواته الأولى يبني شخصيته على ما يراه من والديه اللذان يعتبرهما قدوة.
ناهيك أنّ سلوك الطفل المراهق ينبئ عن احتياجاته، وكمّ الاهتمام المناسب هو وحده من يحدده ، علما أن احتياجات الطفولة إذا لم تُلبَّ في مراحلها الأولى فإنها تتحول إلى أشكال مختلة في التعبير عن السلوك.
وفي الأخير، هناك إشارة إن بعض الأطفال -نتيجة عدم تلبية احتياجاتهم- قد يتحولون إلى فهم خاطئ، وهو أن الوسيلة الوحيدة للحصول على الانتباه هو القيام بسلوك خاطئ أو عنيف أحيانا كالكذب والسرقة فلا تجعل إبنك أخي يسقط في غياهب مثل هذه التصرفات، وكان الله في عونك .
ردت: “ب.س”