تخص أساسا تعاملات غير قانونية في مجال تصدير النفايات الحديدية وغير الحديدية:7 جمركيين أمام العدالة في قضية تهريب 3000 مليار عبر ميناء الجزائر
الغش والتحايل تعدى القيمة الجمركية إلى الوزن وعدم دفع مستحقات البنك من العملة الصعبة
ممثل وزارة التجارة: “مصالح الجمارك تصرفت دون تعليمة وزارة التجارة في تحديد قيمة النفايات”
مدير الاتصالات والعلاقات بمديرية الجمارك: “لقد كانت لي الجرأة الكافية لفضح مافيا التهريب عبر ميناء الجزائر”
“لقد كانت لي الجرأة الكافية لفضح تلاعبات مافيا التهريب عبر ميناء الجزائر”.. كانت هذه هي العبارة التي بدأ بها السيد سليماني محمد، مدير الاتصالات والعلاقات بمديرية الجمارك أثناء مثوله أمام محكمة الجنايات، أمس، التي اضطرت إلى تأجيل الفصل في قضية النفايات الحديدية وغير الحديدية المصدرة إلى الخارج، وكان ذلك لأجل انتظار الحكم الذي ستصدره المحكمة العليا بشأن الطعون التي تقدم بها سبعة متهمين بشأن قرار الإحالة في 15 أكتوبر 2007. وتعد القضية من بين أكبر القضايا المتعلقة بالفساد في مجال الإدارات، والتي تسببت في خسارة ما يربو عن 3 آلاف مليار سنتيم، وتورط فيها جمركيون ومصدرون جزائريون، تم فتح تحقيق بشأنها بناءً على تصريح المكلف بالاتصالات والعلاقات بالمديرية وبطلب من رئيس الجمهورية شخصيا.
تمسك، أمس، مدير الاتصالات والعلاقات بالمديرية العامة للجمارك سابقا السيد سليماني محمد بموقفه الرامي إلى الحد من مافيا التهريب عبر ميناء الجزائر استنادا لأقواله التي جاءت يوم 4 أكتوبر 2001 بصفته شارك في إنجاز التحقيق التلفزيوني لحصة “المحقق” المنجزة يوم 22 نوفمبر 2000 وذلك حول علمه بشأن تصدير النفايات الحديدية وغير الحديدية، حيث صرح أن هذه الأخيرة تصدر إلى الخارج من قبل خواص جزائريين ويجري العمل وفق هذه الإجراءات منذ سنة 1994 بموجب ترخيص من وزارة التجارة، والذي تحدد ضمنه الأسعار المسبقة، أي القيمة الحقيقية لدى الجمارك وأن الإجراءات الجمركية القانونية المعمول بها عند تصدير هذه البضائع التي تتمثل في أن يتقدم المصدر أو الوكيل المعتمد لدى الجمارك لتحرير تصريح مفصل بشأن الكمية المراد تصديرها، إضافة إلى القيمة المحددة لدى الجمارك بالعملة الصعبة، حيث أنه لمفتشية الجمارك الحق في تفتيش ومعاينة البضاعة في عين المكان من طرف مفتش التصفية التابع للجمارك مع تقديم كل المعلومات عن البضاعة.
مدير الاتصالات والعلاقات بالمديرية، أعرب عن أسفه لتواجد مثل هذه الأعمال داخل الميناء، مثمنا شجاعته في فضح التلاعبات التي دارت خلال فترة عمله بالمديرية من خلال التصريحات التي أدلى بها، حيث قال أمام رئيس الجلسة أمس: “لقد كانت لي الجرأة الكافية لفضح مافيا التهريب عبر المطار وسوف أعمل على ذلك”، وأضاف كلاما آخر بشأن المتهمين اعتبره الدفاع قذفا في حق موكليهم اضطر إلى سحبه فيما بعد. وجاء أيضا في التصريح الذي تقدم به ذات المسؤول أمام مصالح الضبطية القضائية التي أشرفت على التحقيق في القضية، أنه ثبث وجود غش وتصريحات خاطئة من حيث القيمة والكمية وذلك يتجلى من خلال الفرق بين القيمة الصورية والقيمة الحقيقية لسعر الكيلوغرام من الألومنيوم مثلا المصدر إلى فرنسا، حيث أنه وأثناء اطلاعه على بيان يتعلق بمعاينة منازعة جمركية للألومنيوم المصدر تجلت شكوكه حول معاينة الأمن غير المنطقية، حيث كان يتوجب على المصدر تحديد القيمة لدى الجمارك. وكان رئيس المصلحة الجهوية لمكافحة التهريب لميناء الجزائر يقوم بجرد كل الملفات المتعلقة بتصدير النحاس والألمنيوم، الحديد والرصاص المصدرة إلى فرنسا، وذلك ابتداءا من 1994 إلى يوم اكتشاف المخالفات الجمركية -حسب ذات المسؤول- وقد تعدى الأمر -حسبه- من الغش في القيمة لدى الجمارك إلى وزن النفايات المعبأة بالحاويات الموجهة للتصدير وقد تم تصدير المواد بأسعار منخفضة منذ 1994 تراوحت بين 50 و1 فرنك فرنسي، مقارنة بالأسعار التي تباع بها في الخارج والتي تصل إلى 04 و11 فرنك فرنسي، مما أدى إلى التملص من دفع الرسوم الجمركية، التهرب الجبائي ومخالفة التشريع والتنظيم الخاص بمؤسسة الجمارك. هذا وأشار ذات المتحدث إلى قضية المتهم (إ. كمال) أحد المصدرين لهذه المواد عبر الميناء، الذي صرح في إحدى العمليات التي أجراها خلال شهر جويلية 2000 والمتعلقة بـ 19 حاوية معبأة بالألمنيوم، الرصاص والنحاس، حيث ثبت فيما بعد أن المتهم صرح فقط بـ 16 حاوية. السيد سليماني محمد وفي إطار التصريحات التي أدلى بها قدم برقية رسمية للمحقق صادرة عن المدير العام للجمارك الممضاة من قبل مدير الجباية والقيمة السيد عبد العزيز بوقليد وذلك بتاريخ 02 / 02 / 2000 والتي تحدد قيم تصدير النفايات الحديدية وغير الحديدية التي لاتقل عن 4.80 فرنك فرنسي، للكيلوغرام الواحد. وقد استمر التحقيق بناءً على هذه التصريحات مع بعض المصدرين على غرار (ب. محمد) الذي قال إن هناك تعليمة من البنك الجزائري تنص على ضرورة إدخال نصف العملة الصعبة المحصل عليها من المنتوج المصدر وإيداعها بالبنك وهو الشيء الذي استغله الكثير من المصدرين من خلال الغش والتهرب من قبضة البنك وبالتالي تهريب لعملة الصعبة إلى الخارج. وأضاف السيد (ب. محمد) أن مصدر النفايات المصدرة هي شركات وطنية على غرار “كابل”، “الشركة الوطنية للتغليف”، “الشركة الوطنية للكهرباء والغاز”، و”البريد والمواصلات”، حيث يتم البيع عن طريق قانون العرض والطلب. فيما أشار السيد (ب. علي) ممثل وزارة التجارة إلى أن قرار مديرية الجمارك بتحديد قيمة النفايات المصدرة عبر الميناء جاء مخالفا لتعليمات وزارة التجارة التي لم تقدم أي قرار بشأن ذلك حيث بين أنه ثبت وجود غش في المعاملات الخاصة بالتصدير عبر ميناء الجزائر وذلك من خلال التحريات التي قامت بها مصالح الضبطية القضائية، حيث سارعت عناصر مكافحة الغش التابعة لإدارة الجمارك عند إحساسهم بالتورط إلى إعداد ملف المنازعة وتزوير تاريخه وكذا محتواه ليتم إيداعه لدى وكيل الجمهورية بمحكمة سيدي امحمد، وذلك بتاريخ 7 جانفي 2001 فيما تعود وقائع القضية إلى سنة 2000.
مصالح الضبطية القضائية قامت بسماع المتهمين حول الأفعال المنسوبة إليهم، حيث تبين وجود تلاعب بالقانون الجمركي المنظم لمثل هذه الصفقات وعمليات التصدير التي كان ينبغي أن تسير وفق إجراءات محددة ومضبوطة وفق مواد قانونية، حيث أكد المتهمون تعاملهم مع هذه الحالة الخاصة بالمصدر (إ.كمال) والتي سبق ذكرها كل حسب منصبه والأعمال الموكلة إليه. وعليه أدى ذلك إلى تكبيد الخزينة ما قيمته 3 آلاف مليار سنتيم.