إعــــلانات

بلهاني يكتب مذكراته على صفحات “النهار الجديد”

بلهاني يكتب مذكراته على صفحات “النهار الجديد”

من المستحيل جمع كل مايقوله حارس جمعية الخروب عمار بلهاني في صفحتين أو ثلاث من جريدة، وهو يتحدث عن عشرين سنة من مشواره بين الخشبات الثلاث..

عشرون سنة فيها الكثير من المعاناة، فيها الكثير من النجاحات والانتكاسات، فيها الكثير من الطفولة والأحلام. 20 سنة فيها صور حقيقية عن المرض الذي ينخر كرة القدم الجزائرية. بلهاني الذي عايش جيلين من اللاعبين يستعيد ذكرياته كاملة في هذا الحوار لـ” النهار الجديد”.

بلهاني حارس مرمى وليس لاعب ميدان أو صاحب مهنة أخرى، كيف ذلك؟

أولا هذه موهبة من عند اللّه عز وجل. فعندما فتحت عينيا على هذه الدنيا أحببت حراسة المرمى، فحتى عندما كنا صغارا نجري المقابلات في الحي، كنت دائما أطلب أن أكون أنا الحارس وأسرع إلى أخذ مكاني حتى لايسبقني شخص آخر.

متى وكيف كانت بدايتك الحقيقية؟
البداية كانت، بفضل الوالد رحمه اللّه، حيث كان يعمل في شركة (بي سي آر) وكانت تنظم دورات في كرة القدم للعمال وأبنائهم في إطار مايسمى الرياضة والعمل، وقد كنت كل مرة أطلب من والدي تسجيلي، حيث لعبت في أصناف أصاغر، أشبال وأواسط لأنتقل بعد ذلك إلى فريق عين الكبيرة، حيث لعبت موسم واحد مع الأواسط قبل أن يتم ترقيتي إلى الأكابر بسبب قامتي وإمكاناتي البدنية.

من عين الكبيرة مباشرة إلى وفاق سطيف، كيف حدث ذلك؟
في الوقت الذي كنت فيه ألعب مع عين الكبيرة طلبت من أحد الأشخاص الذين ينتقلون كثيرا إلى سطيف أن يستفسر لي عن موعد إجراء التجارب مع الوفاق، وعندما تم تحديد الموعد أخبرني، فانتقلت إلى سطيف لإجراء الاختبارات مع الأواسط، حيث أنه بقي لي عامان على هذه الفئة، والحمد للّه نجحت في الاختبارات وتم قبولي من طرف المرحوم بوعلام سنوسي ونصر الدين صادي، المشرف حاليا على مدرسة الوفاق.

ومتى كانت أول مقابلة لك مع أكابر الوفاق؟
لقد لعبت موسمان مع الأواسط، قبل أن ألعب أول مقابلة مع أكابر الوفاق وعمري (19 سنة) وكان ذلك ضد برج منايل في إطار مقابلة كأس، ربما تكون كأس أول نوفمبر وفزنا في تلك المقابلة (2 / 0) ولكن مسيرتي مع أكابر الوفاق توقفت بعد 6 أشهر فقط بعد استدعائي للخدمة الوطنية والتي قضيتها بالمركب الرياضي لسيدي مبروك بقسنطينة.

ولماذا لم تعد إلى الوفاق بعد نهاية الخدمة الوطنية؟
لم يهتم بي أحد، ولهذا أحسست بالحڤرة فقررت العودة إلى نقطة البداية، حيث انضممت من جديد إلى عين الكبيرة ولعبت موسماً هناك ثم انتقلت إلى اتحاد سطيف الذي كان ينشط في القسم الثاني، وفي أول موسم لي مع هذا الفريق سقط إلى القسم الجهوي فبقيت معه موسما آخر كان في المستوى بالنسبة لي، وبنهاية ذلك الموسم اتصل بي سرار وطلب مني العودة إلى الوفاق وكان وقتها الزين مدني هو رئيس الفريق والمدرب هو بوزيد شنيتي، ومنذ موسم (94 / 95) وأنا في وفاق سطيف حتى عام (2005)، عندما انتقلت إلى شباب قسنطينة.

هل تتذكر أول منحة فوز وأول منحة إمضاء تحصلت عليهما؟
أول منحة فوز تحصلت عليها كانت مع فريق عين الكبيرة الذي كان ينشط في القسم الجهوي، وأذكر جيدا أن قيمتها كانت ألف دينار. أما عقدي الأول فكان مع وفاق سطيف وكانت المنحة ثمانية ملايين تحصلت عليها على دفعتين.

عندما أصبحت الحارس الأساسي للوفاق، من هو الحارس الذي كان ينافسك؟
كان عنتر عصماني، ففي ذلك الوقت كان مايزال يحافظ على كامل إمكاناته، ومع ذلك كنا نلعب بالتناوب، قبل أن أصبح أساسيا بصفة كاملة في موسم الصعود (96 / 97)، ورغم مرور حراس كثيرين على الوفاق، إلا أني بقيت أساسيا. أذكر أن مهري هو الحارس الوحيد الذي لعب حوالي ثماني مقابلات في وجودي، وهذا سبب كاف يجعلني لا أغادر الوفاق لأكثر من عشر سنوات.

ولكن طوال تلك المدة، لم تتحصل على أي لقب؟
صحيح أن الوفاق ابتعد في تلك الفترة عن الألقاب، ولكني تحصلت على لقبين شخصيين، الأول هو تعييني أحسن حارس في البطولة موسم (2001 / 2002) والثاني هو تعييني ثالث أحسن حارس في افريقيا في الموسم الموالي بعد عصام الحضري المصري والتونسي شكري الواعر.
بلهاني
وعلى أي أساس تم اختيارك الثالث في إفريقيا؟
لقد أخذوا لقطات عن البطولات الوطنية وعلى أساس تلك اللقطات تم ترتيب الحراس، ولكن الغريب أن ذلك الأمر لم أعلم به إلا عن طريق أحد الأشخاص ولم تصل أية مراسلة لإدارة الوفاق، وعندما أعلمت سرار بالأمر طلب مني أن أمنحه تكاليف السفر إلى القاهرة حتى يذهب إلى هناك ويدافع عن حقوقي التي لم أحصل عليها، إلا أني رفضت الفكرة وتناسيت الأمر.

لو نتوقف قليلا عن الحديث عن الكرة، وأسألك عن علاقتك بالدراسة، كيف كانت؟
لم يكن لدي أي اهتمام بالدراسة فمنذ الصغر وأنا أفكر كيف سألعب في وفاق سطيف، وأتذكر أنه في إحدى المرات وقبل نهاية الدرس تقدم مني المعلم وسألني عن أخبار فريق عين الكبيرة الذي كنت ألعب له، وأثناء الحديث قلت له بأنه سيأتي اليوم الذي يشاهدني فيه أحمل ألوان وفاق سطيف وكان رد فعل المعلم فيه الكثير من الاستهزاء عندما صفّر طويلا، وهو ينظر إلي من رأسي إلى قدمي قائلا “أنت تلعب في الوفاق”، فرددت عليه بأني سألعب كذلك في الفريق الوطني، والحمد للّه الذي وفقني لذلك وهذا بالعمل والجدية لأني عاينت كثيرا قبل أن أحقق ما أردته.

هل يمكننا أن نعرف طبيعة المعاناة التي مرّت بك؟
عندما كنت صغيرا كنت أجمع النقود من عند الناس مثل (الطلاّب) حتى أتمكن من الذهاب إلى التدريبات ولم أكن أخجل من ذلك، وفي مرات كثيرة لم أكن أجمع المبلغ المطلوب فأضطر إلى عملية توقيف السيارات وسط الطريق. حتى أعود إلى المنزل أو أذهب إلى مكان التدريب. وأذكر مرة أني ركبت في مؤخرة شاحنة مليئة بفضلات الأبقار ومرة أخرى بقيت طوال الليل دون أن أجد من يعيدني إلى المنزل.

ولكنك تجاوزت كل ذلك وأصبحت أحد أحسن الحراس في الجزائر؟
الحمد للّه، حتى أن هناك بعض لاعبي الوفاق كانوا يقولون لي لو كنا مكانك لما استطعنا الوصول إلى ماوصلت اليه وهم يعلمون جيدا طبيعة المعاناة التي مرت علي، وسطيف معروفة ببردها
القارس وفي كثير من المرات لا أعود إلى المنزل إلا في حدود الثانية أو الثالثة صباحا وفي تلك الفترة كان الارهاب ينتشر بقوة، ومن الصعب جدا أن تجد سيارة في المساء وإن وجدت فمن المستحيل أن تتوقف لك، لأن لا أحد كان يأمن شخصا آخر ولو كان صغيرا، لقد مررت بمعاناة كبيرة ولا أعتقد أن هناك من عانى مثلها.

هل هذا يعني أنك توقفت عن الدراسة مبكراً؟
آخر موسم دراسي لي كان موسم (86 / 87) وهو العام الأخير لنظام التعليم المتوسط قبل استحداث نظام التعليم الأساسي، وبعد فشلي في الحصول على شهادة التعليم المتوسط وصلني كشف النقاط وبملاحظة (يحول إلى الحياة العملية) رغم أني لم أرسب من قبل مطلقا، وعلى ذلك لم أهتم لأنه حتى ولو سمح لي بالإعادة فلن أعود، وهذا يعني أني درست لمدة عشر سنوات بالضبط.

عندما تجلس مع نفسك، ماهي الأشياء التي تتذكرها في الوفاق قبل مغادرته أول مرة نحو شباب قسنطينة؟

الوفاق مدرسة بأتم معنى الكلمة، ففيه تربيت واكتسبت الأخلاق الحميدة. كما أنه بفضله سافرت كثيرا وتحصلت على المال الذي عوضني عن سنين المعاناة، وأكبر من كل ذلك تعرفت على الرجال لأنه كما يقولون معرفة الرجال كنوز، والحمد للّه عندما غادرت الوفاق نحو شباب قسنطينة تركت صورتي جيدة.

ولماذا غادرت الوفاق إذن؟
في ذلك الوقت أحسست أن نظرتهم إلي تغيرت، فسرار قال لي يا بلهاني أنت إبن الفريق ولايمكن أن نسرّحك، وستبقى كحارس ثالث بعد مزاير وحوشي، بالإضافة إلى إشرافك على تدريبهما، فقلت له أن هذا الأمر يحدّده المدرب وليس أنت وأنك بهذا الكلام تقول أنك لاتريدني، وقلت له إنني سأذهب إلى فريق يقدر إمكاناتي ولهذا اخترت شباب قسنطينة والحمد لله أديت موسما رائعا، حيث لعبت 30 مقابلة كاملة.

ماذا تقول عن موسمك الأول بعيدا عن وفاق سطيف؟

رغم أن شباب قسنطينة سقط في نهاية ذاك الموسم، إلا أنه كان موسما خاصا بالنسبة لي، فبالاضافة إلى أنني أكدت للجميع أن بلهاني لم ينته، فقد تعرفت على جمهور ليس له مثيل في الجزائر فهو يرهب المنافسين بضغطه الكبير ويحب فريقه بجنون، ويكفي أنه ربما الجمهور الوحيد الذي يملأ ملعب سعته 60 ألف متفرج بعد نتيجة إيجابية واحدة.

البعض يبرر سقوط شباب قسنطينة بالتكتلات التي أحدثها اللاعبين القادمين من سطيف، مارأيك؟
لا أبداً، صحيح أنه كان هناك 6 لاعبين من سطيف ولكن لم يلعبوا ولا مقابلة مع بعض، فخسراني أنهى الموسم مبكرا، وماضوي لم يلعب كثيرا. كما أن بلهامل وعشاشة حدثت لهما مشاكل كثيرة. أما لعمش فكان كثير التعرض للإصابات، وفي أغلب المقابلات كنت السطايفي الوحيد الذي ألعب. ولهذا فكل ماحدث لشباب قسنطينة راجع إلى المشاكل الكثيرة الموجودة في الفريق وكثرة المعارضين، ماجعل الرئيس غوالمي يبقى وحيداً.

في ذلك الموسم بكيت كثيرا، لماذا؟
بصراحة كل ذلك ندمت عليه فيما بعد، فأنا عندما كنت أبكي كنت أعبر بصدق عن تأثري بالهزيمة، فقد كنا نتعب لننهزم نهاية الأسبوع، وهذا الأمر يجعلني لا أقدر على مسك دموعي، إلا أن الكثير من أصحابي لاموني على ذلك، بحجة أن الأنصار سيقولون أن بلهاني يلعب بالقلب وهم لا، ورأيت أن ذلك حقيقة، لهذا أصبحت أمسك دموعي حتى لا تظهر أمام الأنصار.

ماهو الشيء الذي يبقى في ذاكرتك من ذلك الموسم؟
وقفة الأنصار معي، لقد وجدت نفسي قريبا جدا منهم، وحتى الآن وبعد موسمين عندما ألتقيهم أجد كل التقدير والمحبة، ويطلبون مني في كل مرة العودة.. الحمد للّه أن كل الناس لا يتحدثون عن بلهاني إلا بالخير وهذا ما أسعى إليه دائما.

تعتبر أحد أحسن الحراس في الجزائر، فكيف كانت علاقتك بالفريق الوطني؟

بالنظر إلى المردود الجيد الذي كنت أقدمه كل موسم، فقد كنت أنتظر دعوة الفريق الوطني في أي وقت، وذلك ماحدث، حيث تلقيت أول استدعاء في سنة (2000) من طرف مزيان ايغيل ولكن إدارة الوفاق رفضت تسريحي، بالنظر إلى أنه كانت تنتظرنا مقابلة متأخرة والفريق يوجد في وضعية صعبة، ولذلك ضاعت مني الفرصة الأولى، وانتظرت حتى تسلم جداوي العارضة الفنية للخضر ليعيد استدعائي وكانت أول مقابلة لعبتها ودية ضد رومانيا.

وماهي أول مقابلة رسمية شاركت فيها؟

هي مقابلة وحيدة وكانت بالقاهرة ضد المنتخب المصري، وأنا أسميها مقابلة النكسة لأننا خسرنا فيها كل شيء، فقد أضعنا التأهل إلى كأس العالم، ودخل الفريق الوطني بعدها في مشاكل كثيرة.

عندما طلب منك جداوي التسخين لخلافة بوغرارة، ماذا كان شعورك في أول مشاركة رسمية لك وأمام مائة ألف متفرج؟
تحضيري لتك المقابلة بعد يومين قبل موعدها، لأن بوغرارة كان أصيب في التدريبات على مستوى العضلة المقربة وكنت متأكدا أنه لن يتمكن من لعب المقابلة بالنظر إلى حساسية الإصابة رغم أنهم كانوا طوال الوقت يتعاملون معه بالحقن، إلا أني كنت متيقنا أني سألعب وأن بوغرارة لن يكون في كامل إمكاناته.

ولكن بوغرارة لعب وبقيت في الاحتياط؟
قبل المقابلة تم حقن بوغرارة من جديد لإبعاد الألم، ومع ذلك كان يبدو أنه غير قادر وقلت للبعض أنه لن يكمل المقابلة  وسيخرج وذلك ماحدث، حيث لم تمض إلا (25 دقيقة) حتى قام المدرب بتعويضه.

هل تعتقد أن جداوي أخطأ بإشراكه؟
جداوي ليس هو المسؤول، قد يكون طبيب الفريق. كما يمكن أن يكن بوغرارة أحس بتحسن بعد الإبر التي تم حقنه بها، ولكن أثناء المقابلة عاوده الألم من جديد، هذا الأمر لايمكن أن يجيب عليه إلا بوغرارة نفسه.

بعد تأكدك أنك ستخلف بوغرارة، فيما كنت تفكر؟
في تلك اللحظة كنت أقول لقد جاءتني الفرصة وعليا استغلالها، كما أني كنت سعيدا جدا باللعب في تلك الأجواء  التي أحبها والحمد للّه عندما دخلت تعاملت مع الموقف ببرودة خاصة، ولعبت آخر (20 دقيقة) من الشوط الأول كما يجب. وفي الشوط الثاني تلقيت هدفين من هجمتين معاكستين وعلى  العموم أعتبر أني أديت مقابلة مقبولة.

بعد المقابلة، ماذا قال جداوي؟
تلك العبارات الكلاسيكية التي يقولها أي مدرب بعد كل هزيمة، حيث ردد عبارات أن الهزيمة ليست مشكل وعلينا التحضير بجدية  للمستقبل وعدم اليأس. كما أتذكر أن وزير الخارجية بلخادم زارنا كذلك وشجعنا كثيرا.

بنهاية تلك المقابلة انتهت علاقتك بالفريق الوطني، لماذا في رأيك؟
لقد بقيت في الفريق الوطني طوال ثمانية أشهر شاركت في مقابتلني وديتين ولقاء رسمي واحد كان أمام مصر، وهو اللقاء الأول والأخير بالنسبة لي، لأن الفريق الوطني عرف تغييرات كثيرة بعد ذلك، حيث أقيل جداوي وتم الاستنجاد بزوبا على ما أعتقد، وكان كل بضعة أشهر يتم تغيير الطاقم الفني وهذا ما أثر على الفريق. أما بخصوص عدم استدعائي من جديد فاللّه وحده يعلم ذلك، حتى أني لم أتلق بعد ذلك أية دعوة من الفريق الوطني.

نعود من جديد إلى وضعيتك في البطولة، لماذا قبلت  العودة إلى وفاق سطيف بعد موسم واحد في شباب قسنطينة؟
أولا المكتوب هو الذي أعادني إلى الوفاق، أتذكر أنه قبل عودتي كنت على وشك التوقيع لشبيبة بجاية، حيث اتفقنا على كل شيء، ولكن اتصل بي وليد صادي وطلب مني التوقيع للوفاق، حيث أكد لي أن الإدارة قررت تشكيل فريق كبير وباعتباري إبن الفريق، فمن حقي اللعب في هذا الفريق ومساعدته، ولهذا تخليت عن عرض بجاية وعدت إلى الوفاق.

ولكن الطريقة التي خرجت بها في المرة الأولى لم تكن لائقة، حسب ماقلت؟

لقد سمعت أن سرار ندم على تسريحي وتلقيت الكثير من المكالمات طالب أصحابها مني العودة، وهذا ماحدث هذه المرة أيضا، فقد اتصل بي مقربون من سرار قبل أسبوعين وقالوا لي إن سرار سرحك وندم على ذلك، لأنه رأى أشياء لم تعجبه.

عندما عدت الموسم الماضي إلى الوفاق لم تلعب إلا مقابلة واحدة، لتفقد مكانتك الأساسية، ما الذي حدث بالضبط؟

كان التنافس كبيرا بيني وبين حجاوي مع بداية التحضيرات ولكن وقبل نهاية التربص تأكدت أني سأكون الحارس الأساسي، وهذا ماحدث في أول مقابلة ولكن المقابلة الثانية كانت أمام شباب بلوزداد بالعاصمة ونظرا للطريقة التي غادر بها حجاوي هذا الفريق، فقد طلب مني بلحوت أن يشركه مكاني على أساس أن المقابلة خاصة بالنسبة له ولهذا تم إشراكه وأدى مقابلة جيدة، خاصة أن الوفاق خرج فائزا (2 / 1).

وماذا حدث بعد ذلك؟
بعد ذلك كان الوفاق يفوز في سطيف وخارجها وعندما أتكلم مع بلحوت يقول لي إنه لايمكنه تغيير الفريق الذي يفوز وبمرور الجولات افتنعت بأن مكانتي لم تعد موجودة في التشكيلة الأساسية، فحاولت التعويض بالإكثار من التدريبات حتى أكون جاهزا في أي وقت وتحضيرا للموسم القادم، وقد نجحت في ذلك تحت إشراف مدرب  الحراس عز الدين برارمة، والمستوى الذي ظهرت به في المقابلة التي لعبتها يؤكد أني لم أضيع إمكاناتي.

ألا تعتقد أن فوزك بالبطولة والكأس العربية رغم أنك لم تلعب كثيرا مكافأة على السنوات الطويلة التي قضيتها في الوفاق دون لقب؟
هذه الفكرة تراودني كثيرا، لقد كتب اللّه أن أفوز في موسم واحد بما لم أتحمل عليه طوال عشر سنوات متتالية، أنا متأكد أني محظوظ جدا، فالكثير من اللاعبين الكبار لم يتحصلوا على ماتحصلت عليه، والحمد للّه أن عودتي للوفاق الموسم الفارط كانت مفيدة جدا.

الموسم الماضي كان موسم البطولة العربية، ماهي أهم الأشياء التي بقيت ملتصقة بمخيلتك؟
رغم أني شاركت في نفس البطولة من قبل، إلا أن بطولة الموسم الماضي كانت غير عادية على الإطلاق، شرف لأي لاعب أن يتوج بها، خاصة أن كل الفرق الكبيرة شاركت فيها، وقد استفدت كثيرا من الاحتكاك بلاعبين ولعب مقابلات دولية زادتني ثقة في إمكاناتي، ولعل الشيء المتعب فقط هو السفريات الكثيرة التي أبعدتنا عن عائلاتنا.

بعيدا عن الميدان، ماهي المواقف الطريفة التي تحتفظ بها؟
هي كثيرة ومن الصعب سردها كلها ولكني أتذكر أنه في إحدى المرات كنا سنواجه اتحاد جدة السعودي وكنت انتظر أن يكون الملعب مكتظا عن آخره بالنظر لكل مايقال عن ذلك الفريق، ولكن المفاجأة أني عندما دخلت أرضية الميان لم أشاهد إلا مجموعة من الشيوخ وأمامهم إبريق من الشاي وكؤوس صغيرة، بالإضافة إلى بعض المكسرات وهم يفترشون بساطا، وقد ضحكت كثيرا على ذلك لدرجة أني تذكرت الأنصار الأوفياء لاتحاد سطيف.

وماهي حكايتك مع أنصار غزل المحلة المصري؟
في ذلك اللقاء كان الملعب مكتظا عن آخره، وكانت النتيجة متعادلة سلبيا فكنت أحاول تضييع الوقت من أجل الحفاظ على النتيجة، إلا أنه وفجأة انفجر كل الملعب وهو يهتف (دا عبيط أهو). كنت أدرك أن الكلام موجه إليّ ولكني لم أفهم مايقولون وبعد نهاية المقابلة عرفت أنهم يصفونني بالغباء والجنون فضحكت مطولاً.

هذا يعني أن البطولة كانت ممتعة بالنسبة لك؟
ليس دائما ففي السعودية حدث أمر غريب، حيث كنت أتجول أنا وزياية وبعض اللاعبين، فشاهدنا عددا كبيرا من الناس يشكلون حلقة، فطلب مني زياية أن نذهب لرؤية ماذا يحدث إلا أني رفضت، وبعد مدة قصيرة عاد اللاعبون يرتعدون بعد أن شاهدوا جثتي شخصين تم قطع رأسيهما بتهمة المتاجرة بالمخدرات، فهذا الموقف لا أنساه أبدا، رغم أني لم أشاهده بعيني.

ماذا كان شعوركم كلاعبين وأنتم تحملون كأس العرب؟
الكأس العربية لم يفز بها وفاق سطيف وإنما فازت بها الجزائر، فهي أول كأس للجزائر بعد سنوات طويلة عن آخر تتويج كان لشبيبة القبائل، والجزائر كانت متعطشة للألقاب. كما أن الفرحة التي عمت 48 ولاية تؤكد أن الكأس لم تكن سطايفية فقط ولكن جزائرية.

وماذا تقول عن الطريقة التي استقبلتم بها في سطيف؟

تلك الجلماهير أدهشت كل اللاعبين، لقد كانت جماهير غير عادية، شيوخ كبار، عجائز، أطفال شبان، نساء، وكل السلطات من الوالي إلى أبسط مواطن، لقد صرحت في ذلك الوقت أن مايحدث لايمكن رؤيته من جديد حتى في المنام، والدليل مايحدث حاليا، فرغم مشاركة الوفاق واتحاد العاصمة، إلا أننا لانشعر بنفس الحماس الذي كان الموسم الماضي.

الفرحة الكبيرة بالكأس العربية أفقدت البطولة طعمها، أليس كذلك؟

البطولة الوطنية كانت رهاننا الأول، وبعد مرور الجولات تأكدنا بنسبة 90٪ أنها ستكون للوفاق، ولذلك نقص الاهتمام بها. كما أن الفوز بالكأس العربية أخذ كل الأفراح.

بالحديث عن البطولة، هل سبق لك أن تعرضت لحادثة ترتيب مقابلة ما؟
لقد حدث لي هذا الأمر في سطيف وكذلك في الخروب، فهذا الموسم عرض علي رئيس مبلغ مائة مليون مقابل تسهيل مهمة فريقه، أذكر أنه كان يتحدث معي في الهاتف على مسمع من زوجتي التي طلبت مني شتمه وعدم التساهل معه ولكني اكتفيت بالقول له أنه يملك فريقا كبيرا وبإمكانه الفوز علينا على  الميدان. وفي الصباح أخبرت ميلية بكل ماحدث، فقال لي أنه سيسكت لو فزنا. أما لو انهزمنا فإنه سيقلب الدنيا.

وفي سطيف، ماذا حدث؟
كان ذلك قبل 6 أو 7 سنوات، وكانت المقابلة لا تهم الوفاق فاتصل بي أحد الرؤساء وقال لي إنه سيدفع لي كل مستحقاتي العالقة عند الوفاق والمقدرة بـ (80 مليون)، لكني رفضت الفكرة لأن ذلك لايرضي لا اللّه ولاعباده.

وماهي علاقتك بالحكام؟
جيدة جدا، وأذكر أن أول موسم لبنوزة مع مقابلات القسم الأول كان في لقاء وفاق سطيف وشبيبة القبائل في ملعب “قصاب” وعندما رأيته توجهت إليه وقلت له أنت شاب صغير وجميل الوجه وتملك قامة ما شاء الله، وستكون أحسن لو أديت مقابلة في المستوى ومنذ ذلك الوقت كلما يلتقيني يتذكر تلك الحادثة.

من هو أحسن مدرب تعاملت معه؟
هناك كثيرين، ويعجبنبي كثيرا كمال عباس، فقد ساعدني كثيرا مع الأواسط وحتى عندما أصبحت أساسيا مع الأكابر. كما يوجد بيرة ولكنه يطالب بتوفير الإمكانات التي لا توجد عندنا، بالاضافة إلى حاج منصور الذي يقوم بعمل كبير ولكن النتائج دائما تقف ضده ولا أدري لماذا، ويبقى الأحسن سعدان فقد أعجبتني رزانته كثيرا.

وأحسن رئيس بالنسبة لك؟
يوجد سرار وميلية، فسرار تعاملت معه كثيرا وأعتبره صديقي قبل أن يكون رئيسا. أما ميلية فهو صادق دائما مع اللاعبين، ورغم نقص الخبرة فهو جيد في التسيير وسيكون أحسن بمرور المواسم.

المهاجم الذي تخشاه؟
يسعد بورحلي عندما يلعب ضدي، فهو خطير حتى عندما لاتشاهده على أرضية الميدان بفعل الحراسة اللصيقة، وتتوقع الخطر منه في أية لحظة لأنه لاعب ذكي جدا، فقد لعب ضدي مرتين وسجل عليّ.

اللاعب الذي يعجبك حاليا؟
يوجد حاليا لاعبان، وهما مهاجم مولودية سعيدة الموريطاني ولد تيڤيدي وعمار عمور الذي يملك إمكانات هائلة، وكان من الممكن أن يذهب بعيدا لولا الإصابات.

ومن الحارس الذي تتوقع بروزه أكثر مستقبلا؟
مستوى البطولة الجزائرية يجعل من الصعب التنبؤ، فالحراس مثل اللاعبين يبرزون موسم ثم يختفون، وحاليا أنا أتوقع النجاح لحارس شبيبة القبائل شاوشي.

بوغرارة مثل عمرك، وزميلك في الفريق الوطني، كيف تتعامل معه كمدرب؟
بشكل عادي جدا، فالعلاقة بيننا ممتازة منذ فترة المنتخب الوطني، وكنت من أشد المشجعين على استقدامه، وعندما يوجه انتقاداته أتقبلها بصدر رحب وأنسى إطلاقا أنه كان زميلي في الفريق الوطني.

في الأخير، ماذا تقول عن تتويج المنتخب المصري بالكأس الافريقية؟
مافعله الفريق المصري يجب أن يكون عبرة لنا، فقد فاز بكأس إفريقيا بلاعبين محليين وبمدرب محلي، وهذا مايجب أن يكون درسا للمسؤولين عندنا، وأن يقتنعو أن الخلل في التسيير وأن التغيرات المتوالية لا تفيد كرة القدم الجزائرية إطلاقا.

رابط دائم : https://nhar.tv/1egiX