بلخادم وراء استقالتي من جريدة “الخبر “..و”الآيياس”ظنوا أنني سأفجر معقل مدني مرزاق
ليس سهلا أن تحاور شخصا متمرسا و محترفا مثل أنيس رحماني مدير جريدة و تلفزيون ” النهار فالرجل يعتبر من أكثر الإعلامين الجزائريين إثارة للجدل ،منذ أصبح جزءا من الواجهة الإعلامية خاصة و أنه يدير جريدة كبير و قناة قالت بعض الإحصاءات أنها الأكثر مشاهدة في الجزائر ،هذه الوضعية طرحت العديد من الأسئلة حول شخص أنيس رحماني ،علاقته بالأجهزة و بالعصب الحاكمة ، ناهيك عن التفسير “الجاهز ” الذي رفعه في مجهه خصومه الذين يربطون نجاحه مباشرة بعلاقته بجهاز المخابرات ، و أجهزة أمنية أخري …أنيس رحماني و في الحوار “الإستثنائي “و الجريئ مع” الصوت الآخر ” فتح قلبه بشكل غير مسبوق ليضع النقاط على الحروف ،وربما هي المرة الأولى التي يتكلم فيها محمد مقدم دون تحفظ ، ولا مبالاة بأي رد فعل قادم من قصفهم بالثقيل … من عمر بلهوشات مدير جريدة “الوطن “إلى جريدة “الخبر” وصولا إلى مغامرة أنيس رحماني في “الفجر ” و في “الشروق”، حيث لعبة الجنرال و قصة الـ” دي، أر، أس “مرورا بمن يسميها بالمليشيات الإعلامية و علاقات بعض مدراء الصحف ببارونات المخدرات بالإضافة إلى ولاء البعض للسفارات الأجنبية . الحوار جريئ جدا ،و هو أقرب إلى القنبلة الإعلامية التي ستصيب شظاياها كثيرا من الأطراف ،وحق الرد مكفول للجميع .. بلا إستثناء.
أنيس رحماني أصبح إسما كبيرا في الصحافة الجزائرية ، كيف كانت البداية ؟
تتقصد بالبداية مشواري الاعلامي ؟وحتى أختصر للقارئ الكريم الطريق ، فإن علاقتي بالصحافة بدأت نبكرا من أيام الصبا ،حيث كنت أشتري جريدة “الشعب “في ثمانينات القرن الفارط وكنت مولوعا بتتبعها ، يعني من طفولتي و علاقتي بالصحافة علاقت إنتماء طفولي ، تجسدت أول ثمارها في بداية دراستي بالجامعة ، و بالضبط في بداية التسعينيات ، حيث كنت لا أزال طالبا في السنة الثانية جامعي ، و نظرا للإنفتاح الإعلامي ،كانت لي فرصة أن أسس مجلة ” الأمة “و أن لا أزال طالبا ، رفقة بعصض الأصدقاء ممن كان لهم باع في الصحافة بعد ذلك ،حيث المغامرة الإعلامية بدأت مع مجلة “الأمة” و اذكر بعض الأسماء ممن كانوا لبنة المشروع وقتها ،على سبيل الذكر لا الحصر ، عبد القادر جمعة مراد أوعباس ، عز الدين سايج ، مراد محامد و غيرهم .
مجلة “الأمة” حسبت على صحيفة “النبأ “لسان حال حركة حماس في ذلك الوقت ، ويقال أن بدايتك كانت في “النبأ”؟
ليس كذلك ، المجلة كانت تابعة لجمعية بالعاصمة لاعلاقة لها بحماس و ربما من ضمن المغالطات التى يرددها البعض لغايات سنتكلم عنها لاحقا ، وسبق و أن نفيت في لقاءات إعلامية سابقة أي علاقة لي بجريدة “النبأ”لأنني لم أتعامل يوما معها و أتحدى من يثبت العكس ،سواء بمواجهتي بمقال موقع بإسمي الحقيقي أو إسمي المستعار ولو كان ذلك في صفحات التسلية ..
ألم تكن مناضلا في حركة حماس؟
لم أكن في صحيفة ،حماس ولا مع حركة حماس ،لكنني كنت أحترم واقدر وسطية الشيخ نحناح رحمه الله،لقد كان نموذجا لزعيم لم يستعر نضاله من الخارج ..كان رجلا صادق مع بلده.على ذكر الإسم المستعار كيف أصبح محمد مقدم أنيس رحماني ؟قبل أن أروى لك قصة أنيس رحماني مع محمد مقدم ،أعجبني تحليل أحد “دونكيشوتات” الإعلام المكتوب منذ أيام بقناة “المغاربة “وهو المدعو “هشام عبود “حيث لم يجد هذا (المستوطن) الإعلامي ، إلا قشة “الاسم المستعار ” وذلك بعد أن أتهمني في تدخله بأنني أستحي من اسمي لذلك غيرته ، و الحقيق أن لإسمي المستعار قصة ، بدأت سنة 1994و هي المحطة االثانية لرحلتي الإعلامية التى بدأت من مجلة” الأمة “الشهرية التتى كنت مديرها وأنا لا أزال طالبا ،حيث أنه في سنة 1994ووبعد أن دخلت الجزائر في مرحلت الإنفلات الأمني و الإنزلاق السياسي ،عملت مراسلا لدورية “قضايا دولية “وهي مجلة أكاديمية محترفة تصدر بباكستان ،و نظرا للوضع الأمني المتردي ، فقد أخترت التوقيع بإسم أنيس رحماني ، مع العلم أنه في حالتي على الاقل أخترت إسما مستعار و هو أمر متعارف عليه في الإعلام و السياسة و الفن ، فماذا عمن أختار هوية وهمية و حياة مستعارة ليزايد على آخرين بعد أن “تفرق السوق “بأنهم يكتبون بأسماء مستعارة ،كحال الضابط الفشل ،هشام عبود ،رغم أن فصله وأصله ضابط يتجول من العلام إلى المعارضة السياسية إلى كل مكان بهويات و أسماء مستعارة …مع التذكير أنه في تلك الفترة كان الجميع يتحرك بإسم مستعار ، و لعل الضابط هشام عبود ،كان يستعير يومها هوية “خباز” أو “حلاق “،فهل أنيس وحده من أستعار إسما؟وهل الإسم المستعار عيب ؟ في الفن ،في الاعلام، في السياسة، يمكن أن أعدد لك المشاهير من واحد الى مليون في كافة المجالات ،ابداها لك بهواري بومدين ،محمد بوخروبة ،بالعقيد شعباني، محمد الطاهر ،آيت أوعراب محمد أودير ،هل يعلم عبود أن الحاج محمد العنقا ؟…على كل حال سأعود إلى هشام عبود، في موقع آخر ،وحينها سيعلم القارئ حكاية الميليشيات الإعلامية التى أصبح لها ضابط شرعي يفتي لها على طريقة الجماعات الإرهابية ،فأين الفرق بين أمير جماعة حملت السلاح لتقويض النظام ،و بينن إعلامي (بين قوسين)صرح أنه لن يدخل الجزائر إلا ونعش الرئيس (شفاه الله)فوق كتفه،هذا هو الإعلام المستعار و االوقت المستعار …
دورية “قضايا دولة “كنت مراسلها الأمني إن صح التعبير و يؤخد على أنيس رحماني أن عمله الإعلامي أختزل في الأخبار و التحليلات الأمنية ؟
من يتاجرون بهذا الطرح هم من أسميهم “الحرس القديم “في الصحافة ، يتناسون أنه في فترة التسعينات حيث الخبر كان هو الرصاص ،لم يكن من الممكن أن أتخصص في الكتابة عن زقزقة العصافير ،فالأخبار الأمنية كانت هي السبق الصحفي ،و الوضع كان يقتضي ذلك هذا من جهة و من جهة أخرى ، من يوزعون صكوك الإعلام في الجزائر ويصنفون الإعلاميين هذا صحفي أمني و الآخر سياسي و الآخر فكري ، فليخبرونا كم حسنين هيكل وكم مالك بن نبي بعث في وقتهم ..من يطلقون هذه التصنيفات عليهم أن يخبرونا ماذا فعلوا هم في المجالات الصحفية الأخرى ..ألم تكن صحافتهم صحافة أمنية تشتري حتى أخبار الدم من السفارات الأجنبية ،من المصادر المجهولة .. مع العلم أنني لو أدع يوما بأنني “رب”الصحافة و “مح ” في كل مجال و “منو حبست “،أنا صحفي ،أينما كان الخبر ،أسعى لأن أكون ..خبر أمني اجتماعي سياسي ..عقيدتي الإعلامية أختصرها في الوصول إلى الأخبار المؤكدة ومن مصادرلا تشوبها شائبة الخلفية الجغرافية أو السياسية أو خلفية العصبية لجهة أو طرف ما …
لكن احتكارك للأخبار الأمنية ، وخاصة في فترة إلتحاقك ب”الخبر ” طرح تساؤلات بعلاقتك بالمخابرات ،و بالجنرالات و بشخصيات نافذة في السلطة ؟
حتى أضع النقاط على الحروف ،ال”دي ،أر،أس “مؤسسة جمهورية مثلها مثل أي مؤسسة أمنية أخري ، ولي الشرف أنني عرفت ،كما عرف ويعرف غيري ، الكثير من إطاراتها المخلصين ،لكن ذلك لايعني أبدا أن كتاباتي كان مصدرها رجال من ذلك الجهاز أو غيره من الأجهزة الأخري ،فالمعلومة الأمنية في فترة التسعينيات و حتى الألفية ،كان مصدرها أن تكون موجودا حيث حياتك في كفة ،و “الخبر “في الكفة الأخري ..على سبيل الذكر لا الحصر ،أنا وصلت إلى معقل أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ و غامرت بحياتي و بت ليالي في العراء قبل أن التقي معه لأجري معه حوارا حصريا ،فهل من هؤلاء المزايدين من بات خارج المحميات الأمنية يوما؟؟ أذكر،و مداني مرزاق شاهد على ما أقول أن عناصر ما يسمي الجيش الإسلامي للإنقاذ،ارتعبو من مغامرتي يومها ،وشكو أن السيارة التى جئتهم بها مفخخة فحملوها بعيدا ،وفتشوها بشكل دقيق ..كانت تلك إحدى المغامرات التى لن أنساها أبدا ،حيث حياتي كاننت على كتف عفريت ،مغامرة مجنونة تعلمت منها ان الاعمار بيد الله …و حتي أغلق هذا القوس المتعلق بعاقتي بشخصيات في الأجهزة الأمنية :أظن ان الصحفي لايكون ناجحا إلا إذا امتلك شبكة من العلاقات الكبيرة التي تمكنه من التحري على معلوماته و التأكد من صحتها ،فهل هذه تهمة ،وهل نسمي الصحفي صحفيا إذا لم يكن له في كل موقع علاقة و وصدر موثوق فيه ؟أنا أتعامل مع الجميع ،و لا أستثني لا السياسي و لا المواطن ولا أي مؤسسة يمكن أنتكون مصدرا للخبر …
ماذا عن تجربة “الخبر “؟
محطة الخبر كانت هي المحطة الرابعة في مشواري الإعلامي ،فبعد تجربة ” الأمة “ودورية “ملفات دولية “التحقت بأسبوعية “المستقلة ” سنة 1995و حتي 1999 ، و بالمقابل انضممت إلى جريدة “الخبر” سنة 1997 و كان أول مقال نشر لي حول التوجهات الأساسية للحملة الإنتخابية لتشريعيات 1997،قراءة لا علاقة لها بالأخبار الأمنية ،حيث تصدر المقال الصفحة الأولى في اليوم الموالى لإرساله إلى الجريدة ،و منها عشت مغامرة اعلامية فيها الجميل و فيها السيئ ،وليس السيئ فقط،حيث أنتهت بإستقالتي لأنني في” الخبر” كما تعلمت الكثير ،اكتشفت الصورة القذرة للمشهد الإعلامي في الجزائر من خلال صحيفة يقال عنها كبرى وتحمل شعار الصدق و المصداقية …ولم اكشف لك سرا بأنني استقلت و عدت لـ “الخبر “،أكثر من مرة ،لكن آخر استقالة كانت علامة فارقة بالنسبة لي لأنني أقتنعت بأن المشكلة ليست في الظل و لكن في “العود” الأعوج ،فمثلا اضطررت سنة 2000للإستقالة من “الخبر ” بسبب رفضها نشر تحقيق مطول حول الفساد في إدارة الجمارك لأن شخصية عسكرية مهمة كانت متورطة في القضية وهي الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني وقتها …سأكشف لك عن سرا أفصح عنه لأول من مرة عن السبب الحقيقي لإستقالتي النهائية من “الخبر “،ويتعلق بإكتشافي أن عبد العزيز بلخادم الذى دعته “الخبر “لإجراء لقاء مطول معها بعد رئاسيات2004 ،اشترط أن لايراني و لا يلتقيني ،و هو ما حدث حيث تم تهريب بلخادم إلى وجهة أخرى خوفا من أن يقع بصرة علي ،و بدلا من أن تتخد الجريدة موقفا معي ،قامت بالتطبيع مع بلخادم من على ظهري ،هذه كانت القطرة التى أفاضت الكأس أما ما سبقها فوقائع كثيرة ,لعل أهمها انني تلقيت رسميا من الشرطة إشعارا بأنني كنت مشروع عملية إرهابية ،و حين أعلمت مسؤولي الجريدة تجاهلوا الخطر الذي كان يهدد حياتي ،بالإضافة إلى قضية الراتب ،فقد كنت اتقاضىى 33 ألف دينار شهريا ،وكنت أؤجر بيتا بي 30ألف دينار ،وسف أصدمك حين تعلم أن تكلفة الهاتف كانت تتجاوز راتبي الشهري ،و لولا تعاملي مع الصحافة الدولية و مساعدة االعائلة لكان الأمر أقرب إلى الجوع منه إلى الفقر …كل تلك الظروف السابقة التى أتسمت بالمؤامرات و بعدد تقدير الجهد و الحماية ،زادتها قضية تقديم رأسي هدية لعبد العزيز بلخادم لإجراء لقاء مع “الخبر ” كانت السبب في استقالة لارجع فيها و المهم ،أن “شعار االصدق و المصداقية “.