الفتنة وراءها شبكات انترنيت غذت عقول الشباب وأضعفت شيوخ وأعيان بريان
كشف أحمد بوخاري، رئيس المجلس الشعبي لولاية غرداية، في هذا الحوار الذي أجراه أمس مع “النهار”، بمقر مكتبه الكائن بالولاية، أن التقارير التي ستعدها اللجنة الولائية
المكلفة بمتابعة ملف”بريان”، ستعد تقارير مفصلة عن مطالب وانشغالات سكان المنطقة التعجيزية، سترفع مباشرة إلى الرئيس بوتفليقة قريبا للفصل فيها، معلنا أن تلك اللجنة قد باشرت عملها الإثنين الماضي بأحياء بريان، أين سيتم تركيز المجهودات في “الإصغاء” للطرفين سواء المالكيين أو الإباضيين، للتوصل إلى حلول نهائية للأزمة.
النــهار: بداية سيدي؛ ما لاحظناه في اليومين الأخيرين، أن الحياة قد بدأت تعود
تدريجيا إلى منطقة بريان، بعد المواجهات الدامية التي نشبت بين الإباضيين والمالكيين الجمعة الماضي، خاصة بعدما تم تسجيل خسائر في الأرواح والممتلكات، ما هي الإجراءات الاستعجالية التي تم اتخاذها لتهدئة الأوضاع؟
أحمد بوخاري: لا بد أن أوضح فكرة جد مهمة، وهو أن الأمر ليس إطلاقا بالبسيط ، وقد اجتمع مكتب المجلس مباشرة فور وقوع المشكل، إثر نشوب المواجهات بين المالكيين والإباضيين في دورة طارئة، أين تمت دعوة المواطنين إلى ضبط النفس والتعقل وكذا ضرورة الرجوع إلى طاولة الحوار لأنه السبيل الوحيد للبحث عن الأسباب الحقيقية للخلاف، والقضاء عليها نهائيا.
النــهار: ألا تعتقدون أن المشاكل الاجتماعية، قد ولدت الإنفجار لدى سكان بريان وأثرت بشكل مباشر على فئة الشباب خاصة؟
قبل ذلك لا بد من التأكيد أن الصراعات القائمة ببريان، ليست وليدة اليوم وإنما المشكل يعود لسنوات عديدة، ويمكن الجزم أن المشاكل الاجتماعية كالبطالة مثلا، قد ساهمت بشكل كبير في تأزم الأوضاع بالمنطقة، والتي أدت بشكل مباشر إلى بروز آفات اجتماعية خطيرة، كتناول المخدرات، وعليه فقد استوجب تكتل جهود الجميع للخروج من الأزمة.
النــهار: ألا تظنون أن أعمال الشغب يمكنها أن تنتقل إلى خارج بريان؟
لا أظن ذلك، لأننا دعونا كافة البلديات للعمل على تطويق القضية ببريان فقط والمحافظة على أمن واستقرار المناطق المجاورة لها، من خلال العمل على تحسيس وتوعية السكان .
النــهار: وماذا بخصوص المؤسسات التعليمية، التي لازالت مغلقة لحد الساعة في وجه التلاميذ خاصة المدارس المختلطة بين الإباضيين والمالكيين، فهل من إجراءات استعجالية حفاظا على مستقل الأبناء؟ أم أن الأوضاع ستبقى على حالها؟
بدون شك لن تبقى الأوضاع على حالها، بل ستتحسن، غير أن الأمور تتطلب أياما إلى غاية أن تعود الأمور إلى مجراها، وعليه فإن أبنائنا لا يزالوا تحت صدمة الأحداث، وصعب جدا على الأولياء أن يبعثوا بأبنائهم إلى المدارس خوفا عليهم من المواجهات وحتى التجار لا يزالوا متأثرين بالأحداث، خاصة بعد تعرض محلاتهم للتخريب. ومن هذا المنبر أدعو أولياء التلاميذ بالسماح لأبنائهم الالتحاق بأقسامهم.
النــهار: في نفس السياق، هناك بعض الأطراف ببريان، تطالب بفصل المدارس المالكية عن الإباضية، ببناء مدارس لأبناء الإباضيين وأخرى للمالكيين، ألا ترون هذا المطلب سيدعو لا محالة إلى تأزم الأوضاع أكثر فأكثر ببريان والتفريق بين أبناء الشعب الواحد؟
النــهار: نحن ضد تفرقة أبنائنا بالمؤسسات التعليمة، ولا بد من تفادي هذه المطالب لأنها تكرس التفرقة بين أبناء بريان، على اعتبار أن اللجنة الولائية التي تم تنصيبها، وتضم أعضاء من جميع التشكيلات السياسية، عازمة على حل كافة المشاكل، عن طريق الإصغاء للطرفين ومن دون أي لون سياسي أو طائفي.
النــهار: ألا تعتقدون أن أعضاء اللجنة سيواجهون مشاكل في الميدان؟
نعم، نتوقع حدوث مشاكل في الميدان، لأن القضية ليست بالسهلة على الإطلاق لأن هناك بعض الأطراف قد نجحت في إشعال نار الفتنة ببريان، ومن ثمة فإنه ليس كل المطالب التي سيطرحها السكان قابلة للاستجابة، فقد تكون هناك مطالب تعجيزية،غير أننا سنحاول حلها على المستوى المحلي و إذا تعذر ذلك سيتم رفعها في شكل تقارير إلى السلطات العليا للبلاد وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، لكن الجدير بالذكر أن تنصيب “هيئة محلية” ببريان أمر جد ضروري، لكي تلعب دور الوسيط بين الإدارة والسكان.
النــهار: نقطة أخرى أجد أنه لا بد من التطرق إليها، ألا ترون أن أعيان وشيوخ المنطقة قد عجزوا في احتواء الوضع، بالتأثير على السكان عموما وفئة الشباب على وجه الخصوص؟
لا أقول أنهم عجزوا عن احتواء الوضع بالمنطقة، ولكن لا بد من التأكيد دور الأعيان والشيوخ بالمنطقة قد تراجع نوعا ما، مقارنة بالسنوات الأخيرة لعدة أسباب، على رأسها هو الانتشار الواسع للعولمة ولشبكات الأنترنيت التي أثرت بشكل مباشر في عقول الشباب، مما أدى إلى نشوب نار الفتنة ببريان.