الظاهرة تنتشر في صمت وتحولت إلى تجارة غير معلنة:جزائريات يتزوجن بالتوانسة والإحصائيات تتحدث عن 40 عروسا سنويا
أخلاق وشمائل الفتاة الجزائرية الأصيلة تُسقط بورصة التونسيات..
تعرف ولاية الوادي، الواقعة في الشريط الحدودي مع الجمهورية التونسية، ظاهرة مثيرة تنتشر في صمت وتطورت إلى ما يشبه التجارة والتهريب بعد اقتحامها واستغلالها من قبل أناس يتقنون توظيف المستجدات واصطياد الفرص التي يمكن أن تعود عليهم بالفائدة، حيث تزايدت أعداد الفتيات الجزائريات اللواتي يتزوجن من عرسان تونسيين، وتتحدث إحصائيات مديرية الجمارك بالوادي، استنادا إلى عبور العرائس المعلن عنها، عن عدد يفوق الـ 40 عروسا سنويا وعلى مدار السنوات الأربعة الأخيرة عبر منفذ “الطالب العربي” لوحده.
وإذا كان الأمر في السنوات السابقة يخص العائلات التي تربطها علاقات اجتماعية وأسرية بحكم الموقع الجغرافي للوادي كولاية حدودية وكذا لجوء الكثير من سكان الوادي إلى تونس إبّان الاحتلال، فإن العملية خلال السنوات الأخيرة أخذت أبعادا أخرى وبرزت جماعات حوّلت الروابط الاجتماعية إلى سكك تجارية ومصدر رزق، سلعتها “الفتاة الجزائرية”.
مصدر مسؤول بمديرية جمارك الوادي أفاد لـ”النهار” أن معدل عدد العرائس يبلغ نحو 40 عروسا سنويا، وهناك حالات لم يبلغ عنها ولا تكتشف بما أن الفتاة تغادر الوطن بشكل طبيعي ثم يبرم عقد الزواج في تونس. وكان الرقم سنة 2004 في حدود 20 عروسا. وقال مصدرنا من الجمارك إن الكثير يعبرون ولا يدلون بالحقيقة ولا تظهر حتى علامات الزواج في مواكبهم. وفي هذا الشأن، التقينا أحد الأشخاص، مقيم ببلدية المقرن، رفض ذكر اسمه، يمارس حرفة توفيق رأسين مختلفين في الجنسية في الحلال ويسترزق من هذا وذاك، حدثنا فقال “أول عملية قمت بها تمثلت في تزويج إحدى قريباتي إلى صديق تعرفت عليه في تونس، وبعدما رأى التوانسة من جيرانه أخلاق وصفات وطباع المرأة الجزائرية وحسن معاشرتها لزوجها واهتمامها وإخلاصها له ولوالديه واحترامها لأفراد عائلته، وهي التصرفات التي كشفت عيوب المرأة التونسية المدللة بشعار حرية المرأة وتعتبر نفسها مساوية للرجل في كل شيء، بدأ الطلب يزيد على الجزائريات، ودخلت اللعبة وأصبحت عندي هواية وتجارة لا تخضع لا لجمارك ولا ضرائب، وكل شيء يتم على سنة الله ورسوله”.
وعن السبب وراء مساعدة التوانسة على الزواج من جزائريات قال آخر صراحة “إن تهريب النساء في الحلال دفعه إليه عجزه عن تهريب السلع والماشية وغيرها من المواد التي يتبادلها عادة سكان القرى الحدودية في البلدين”.
أما عن طريقة عمله، فقال محدثنا والعهدة على الراوي “بمجرد اقتناع بسلوكيات المرأة الجزائرية انهالت عليه الطلبات، فأصبح كثير التنقل بين البلدين، يأخذ معه صورا لعدد من الفتيات الراغبات في الزواج من توانسة، خاصة أولئك اللواتي على باب العنوسة، ويعرض الصور على التوانسة مع شرح مفصل وصادق عن صاحبة الصورة التي يمكن لها أن تكتب خلفها بعض الأوصاف في فارس الأحلام التونسي وبعد عرض الصور يختار التونسي من تناسبه جمالا ونسبا، وغيرها من المواصفات في شريكة الحياة. وفي رحلة العودة إلى الوادي يأخذ معه صور الرجال الذين وافقوا على البنات، وبعد أن تتم الموافقة النهائية بين الطرفين يأخذ الوسيط نصيبه من الطرفين بالعملة المحلية من أهل الفتاة وبالتونسية من أهل العريس، إثر هذه المرحلة يأتي الرجل إلى خطيبته ويسلمها مبلغا ماليا متفق عليه عادة في حدود 10 ملايين سنتيم جزائرية أو مليون ونصف تونسي، ثم تنتقل معه إلى تونس ويتم الزواج هناك.
وقال صاحبنا إنه يزوج سنويا لوحده ما بين 8 إلى 10 بنات جلهن من بلديات الناحية الشمالية من الوادي كحاسي خليفة والمقرن والطريفاوي الدبيلة وسيدي عون، وكشف عن استعداده لتمديد نشاطه إلى بلديات أخرى وحتى خارج إقليم ولاية الوادي التي ينحدر منها، وكانت علامات الجد بادية عليه أثناء حديثه، إلى درجة أن أحد الأصدقاء كان معنا طلب منه أن يطوف بقريتهم ويأخذ معه صورا لبنات ارتفع عددهم وتجاوز عدد الشباب.
وبالعودة إلى الجمارك تحدث مصدرنا المسؤول عن جملة معطيات شكلت خلاصة متابعة دقيقة للعملية، ولخص الأسباب في أمور مادية وأخرى معنوية، أما المادية فإن الجزائرية أقل مهرا بكثير من التونسية، حيث يدفع التونسي للجزائرية 1.5 مليون بعملتهم المحلية، وضعفها لو كانت تونسية، إضافة إلى أسباب متعلقة باحترام الزوج والوالدين والتزام البيت الزوجية والثقة.
وقال صديق تونسي، اتصلت به عبر الهاتف عن الموضوع، “إن المرأة الجزائرية أكثر محافظة على زوجها وأسراره ومطيعة له ومؤدبة معه ومهتمة به وتحترم أمه”، ومع ذلك قال “إن الشعبين شقيقان، ولا غرابة في انتشار مكثف للتناسب بينهم”، وأضاف تونسي آخر من قفصة إنه تزوج جزائرية خلال الصيف الماضي بعد أن طلبت منه خطيبته التونسية الذهاب للبحر مع بعض الأصدقاء، ولم تكن أمامه إمكانية الرفض فوافق على ذهابها مع أصدقائها للبحر واغتنم فرصة غيابها وتزوج، وقال “إن الجزائرية ترعى شؤونه بطاعة واحترام، وتجل والديه وتقدرهما”.
أما في الجانب الآخر فإن بعض الجزائريات تجبرهن الظروف على هذه الخطوة أمام كثرة العنوسة، فيما ينبهر بعضهن بتونس وينسجون علاقات عائلية واجتماعية وتتبادل الأسر الزيارات.
إذن الظاهرة تزداد من عام إلى آخر، والأسباب المادية تدفع التوانسة، والانبهار بالخارج يدفع الجزائريات، وبينهما ألف ألف سؤال يبحث عن جواب..