السلطات الفرنسية تختار التشدد في مواجهة المهاجرين التونسيين
إعتمدت السلطات الفرنسية الحزم مكثفة عملياتها الأمنية ضد المهاجرين التونسيين القادمين من إيطاليا في سياسة نددت بها جمعيات تناضل من أجل تسوية أوضاع هؤلاء المهاجرين البائسة.
ومنذ فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في 14 يناير، وصل أكثر من عشرين ألف تونسي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية بنية التوجه منها إلى فرنسا القوة المستعمرة سابقا لتونس (1881-1956) حيث يقيم نحو 600 ألف تونسي.
وقررت السلطات الفرنسية في الأسابيع الأخيرة التشدد في التصدي لهؤلاء المهاجرين وبدأت تترصدهم على الحدود الإيطالية الفرنسية وإخلاء مبان أقاموا فيها هذا الأسبوع والقيام بعمليات اعتقال في نيس (جنوب شرقي). ويتم وضع بعضهم في مراكز احتجاز قبل طردهم والبعض الآخر يفرج عنه مع أمر بمغادرة البلاد خلال سبعة أيام.
وقال وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان الجمعة “كل يوم هناك ما بين ستين وسبعين شخصا يغادرون البلاد سواء باتجاه إيطاليا أو باتجاه تونس”.
غير أن السلطات القضائية أفرجت عن عشرات منهم بسبب خلل في الإجراءات إذ أن العديد من عمليات التوقيف تمت على أساس “المظهر” أو لأن المحاضر لم تكن فردية، بحسب منظمة سيمادي غير الحكومية التي تنشط داخل مراكز الإحتجاز.
ودعا عشرات النواب ومسؤولي النقابات وجمعيات المجتمع المدني الجمعة الحكومة الفرنسية إلى “وقف التدخلات البوليسية” ضد المهاجرين التونسيين وإيجاد “حل كريم ومسؤول للمشكلة التونسية”.
وقدم المعارض التونسي مصطفى بن جعفر إلى باريس لتسليم الرئيس الفرنسي رسالة يندد فيها بـالمعاملة المسيئة للكرامة بحق المهاجرين التونسيين. غير أن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون رد مساء الجمعة بقوله أن “السخاء” الفرنسي “ليس بلا نهاية” مؤكدا بذلك الخط المتشدد لحكومته.
وقال وزير الداخلية الفرنسي أنه ليس من واجب الدولة منح الإقامة للمهاجرين التونسيين لكن “هناك مساعدة على العودة قيمتها 300 يورو تمنح لكل شخص في وضع غير قانوني”.
وأشار بعض هؤلاء المهاجرين إلى أنهم أنفقوا أكثر من ألف يورو لعبور الحدود وطلبوا رفع المساعدة على العودة المقدمة لبعض المهاجرين الذين لا يستهدفهم قرار طرد إلى ألفي يورو. وفي انتظار التوصل إلى حل يعيش معظم هؤلاء المهاجرين في ظروف بالغة السوء. وينام كثيرون في الحدائق بباريس في العراء بحسب شهادات جمعتها وكالة فرانس برس.
وقالت المحامية سامية مقطوف “إنهم لا يحصلون إلا على وجبة واحدة يوميا، هم منهكون، هذا غير إنساني”. ويقول نبيل (23 عاما) القادم من العاصمة التونسية أنه أمضى 50 ليلة بلا مأوى. وقال “لا نملك شيئا، في كل يوم تأتي كاميرات التلفزيون، لكن لا شيء يتغير”. من جهته قال ناصر (24 عاما) أنه يريد “العودة إلى البلد” مضيفا “لم أكن أتصور أن فرنسا هي ما رأيت”. ولا يفهم هؤلاء المهاجرون التونسيون رد الفعل الفرنسي ويذكرون بأن بلدهم استقبل نحو 200 ألف لاجىء فروا من ليبيا.
وهبت جمعيات وحتى أفراد، من التونسيين في الغالب، لمساعدة هؤلاء المهاجرين وتوفير فرش وغطاء وأدوات صحية لهم. وأقامت منظمات غير حكومية بباريس مراكز طبية وقانونية لمساعدة هؤلاء المهاجرين خصوصا على إيجاد مأوى.