الحلقة 10: معركة المكان
كانت الطبيبة في الثلاثين من العمر، بملامح شقراء، وعيون زرقاء تخفيها تلك النظارات ذات الإطارات الكبيرة، التي تخفي كل ما هو جميل في وجه المرأة الشابة… وتحجب فتنتها البريئة.. تفحصها ببطء وعيناها لا تنزل من عيون “صفية” التي كانت متعبة ومحمرة من كثرة البكاء.
- ضغطك مرتفع، هل تشكين من ارتفاع ضغط الدم؟ تقول الطبيبة لـ”صفية” وهي تنزع آلة قياس الضغط من ذراعها.
– نعم، منذ عامين وأنا أعالج من “ارتفاع ضغط الدم”،
ثم تسألها إن كانت تشكو من مرض مزمن، وتجيبها “صفية” بلا، فتكتب لها على الدواء وتوصيها بأن تأخذه في موعده…
ترجع “صفية” إلى الحارسة، تدخلها إلى رواق طويل، مخيف وبارد وعند الزنزانة رقم 10 تتوقف وتفتح لها الباب، فتدخل زنزانتها، مكانها الجديد وعالمها الجديد، وجوه جديدة وغريبة، العشرات من النسوة مكومة أمامها، صفوف من الأسرة مرصوفة فوق بعض بشكل طوابق من البشر، يجعل المكان ضيق ومحاصر بنظرات الاستفهام والغموض، عشرات النسوة يشاركنها هذا المكان المقيت، بقضاياهم المختلفة، وطباعهم مختلفة. وفجأة تدرك أن منذ هذه اللحظة معركتها لن تكون فقط مع “جاك شربوك” بل أصبحت معركتها مع المكان أيضا…
تتجه إلى أحد الأسرة الشاغرة وهي تحمل بيدها أغطية سريرها، تحس بالإحراج من النظرات التي ترصدها من النسوة، تحاول أن تكسرها فتنشغل بترتيب سريرها، إذ كانت محظوظة أن وجدت سريرا في المستوى السفلي..
“عبد الله” عمل بوصية والدته، يجب أن يخفي “صفية الصغيرة” عن عيون الشرطة التي كانت تتردد على البيت عشرات المرات لمعرفة مكانها ولكنها لم تصل إلى شيء، أخذوا “عبد الله” ومارسوا عليه الضغط لكنه رفض أن يخبرهم بمكانها…
في الزيارة التي جمعت “أشواق” بوالدتها أخبرتها أن الشرطة أخذت عبد الله للتحقيق معه وأنهم مارسوا عليه كل الضغوط…
هذا الخبر أخافها وسبب لها ارتفاعا في الضغط فنقلت إلى العيادة الطبية، أين التقت مجددا بالطبيبة الشابة التي رأتها في أول يوم…
هذه المرة حاولت الطبيبة “نادية” أن تتقرب من “صفية” وأن تجيب على البعض من تساؤلات ظلت تطرحها على نفسها بخصوص هذه السيدة..
– تعلمين جيدا أن حالتك الصحية لا تسمح بأي توتر، تقول “نادية لـ “صفية”..
– ليس باليد حيلة، لا أستطيع أن أتمالك نفسي وأنا أرى عائلتي تقف وحيدة أمام قوة هذا الرجل وفوق ذلك فإن القانون يدعمه..
– من هو هذا الرجل، أ هو السبب في دخولك السجن؟
– إنه السبب في وضعي وفي وفاة ابنتي…