الحسابات البـنكية حكـر على ''الخدامـين''
المؤسسات البنكية العمومية الوحيدة التي التزمت بتنفيذ قرارات بنك الجزائر
رفضت البنوك الخاصة، تطبيق تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال، القاضية بتسهيل إجراءات فتح حسابات بنكية ببطاقة الهوية، وشهادة الإقامة، حيث طلبت وثائق أخرى غير تلك التي جاءت في قرار بنك الجزائر، منها شهادة عمل وكشوفات الراتب للأشهر الأخيرة، في حين تبرأت أخرى من تلقيها أي تعليمات في هذا الصدد.وقفت ”النهار” خلال جولتها عبر الوكالات البنكية الخاصة والعمومية، المصادف لبداية استقبال الملفات بحسب تعليمة بنك الجزائر، التي أمرت كل البنوك التي تنشط بالجزائر، في الشروع بالعمل بداية من يوم 2 جانفي من السنة الجارية، حيث تقدمنا إلى هذه الأخيرة كوننا مواطنون قصد فتح حسابات بنكية، وفقا لما يتداول إعلاميا وبحسب تعليمات الحكومة، بعيدا عن هويتنا كصاحفيين لمعرفة مدى التطبيق الفعلي للتعليمات.البداية كانت من وكالة ”البنك العربي”، الواقعة بساحة القدس بحيدرة، حيث دخلنا وسألنا أعوان الدخول عن رغبتنا في فتح حساب بنكي جديد، أين وجهونا إلى أحد المكاتب الذي زودنا بالمعلومات الخاصة بالوثائق المطلوبة، والتي تعذر كتابتها بجهاز الإعلام الآلي، كونه مشغول وقام بكتابتها بالقلم، وتضمن شهادة الميلاد رقم 12، نسخة طبق الأصل لبطاقة الهوية، شهادة الإقامة، كشف الراتب للشهرين الأخيرين، إضافة إلى شهادة العمل، بالرغم من أني أخبرته أنني لا أزاول أي نشاط.وليس بعيدا عن ساحة القدس، توجهنا مباشرة، إلى وكالة بنك ”بي أن بي باريبا”، بحيدرة التي تضم الإدارة العامة للبنك، زودونا عون الاستقبال بورقة كتبت باللغة الفرنسية فيها المعلومات الخاصة بفتح حساب بنكي جديد لكل الراغبين في ذلك سواء كانوا جزائريين أو أجانب، لكنها نفس الوثائق المطلوبة في البنك الخاص الأول، والتي لم تكن نفسها الوثائق المطلوبة في تعليمة بنك الجزائر، التي وجّهت لجميع البنوك.أما وكالة بنك ”نيتكسيس” الخاص المتواجدة بنفس المكان، أخبرونا أنه علينا العودة بعد يوم 8 جانفي للاستعلام، كونهم لم يتم الشروع في تطبيق أي إجراء بهذا الخصوص، لم نتوقف عند هذا الحد وفضلنا الدخول إلى وكالات بنكية أخرى فكانت وجهتنا التالية، وكالة ”ترست بنك” المتواجدة بشارع ديدوش مراد، التي سلّمت لنا أيضا ورقة تضم الوثائق المطلوبة، والتي من بينها شهادة الميلاد، نسخة طبق الأصل لبطاقة الهوية، الإقامة، تبرير ممارسة نشاط ما، وأبلغونا أنه في حالة عدم اكتمال الملف بهذه الوثائق، فلن يتم فتح أي حساب.وفي الموضع ذاته، قصدنا، أيضا وكالة ”سوسيتي جنيرال” بسيدي يحيى بالعاصمة، من دون إظهار هويتنا دائما، وفوجئنا، بعد أكدوا لنا أنهم لا يفتحون في الوكالة ذاتها الحسابات البنكية وعلينا بالتوجه الى وكالة أخرى، أما بخصوص تعليمة بنك الجزائر، فأوضحوا أنه لم يصلهم شيء.وفي السياق ذاته، توجهنا أيضا إلى العديد من الوكالات البنكية التابعة للبنوك العمومية، والتي لم نجد فيها أشخاصا كثر جاءوا لفتح حسابات خاصة، إلا عدد قليل، توجهنا إلى وكالة البنك الوطني الجزائري بشارع ديدوش مراد، التي وجدناها قامت بتعليق تعليمة بنك الجزائر مكتوبة بالبنط العريض فيها الوثائق المطلوبة والتي لم تكن تضم شهادة عمل أو شهادة كشف الراتب، التي تطلبها البنوك الخاصة، ونفس الشيء بالنسبة لوكالة القرض الشعبي، وبنك الجزائر الخارجي والصندوق الوطني للتوفير والاحتياط.وفي هذا الصدد، تساءلنا إن كان هذا حال الوكالات البنكية في العاصمة، التي هي قريبة من مراقبة بنك الجزائر ومفتشياته، فكيف سيكون حال الوكالات المتواجدة بالولايات الأخرى.
مصدر مسؤول ببنك الجزائر لـ”النهار”:”البنوك الخاصة مجبرة على تطبيق تعليمات بنك الجزائر ولجان تفتيش للوقوف على مدى تنفيذها”
قال مصدر مسؤول ببنك الجزائر، أن التعليمات الخاصة بفتح حساب بنكي ببطاقة الهوية والإقامة يطبّق بجميع البنوك العمومية والخاصة، وفقا لتعليمات الوزارة الأولى، وفي حال امتنع أي مؤسسة عن تطبيق القرار، فإنه سيقوم بنك الجزائر بالتحرك بعدما يتلقى شكاوى من قبل المواطنين الذين رفضت ملفاتهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة، كما أنه حسبه- سيتم إيفاد لجان تفتيش للتأكد من مدى التطبيق الفعلي لهذه الأخيرة.وأكد، أمس، المصدر ذاته، في اتصال مع ”النهار”، أن القرارات التي جاء بها بنك الجزائر، واضحة وتضم إلزامية التطبيق لكون القانون واضحا، وأي مخالفة فانه ستترتب عقوبات عن ذلك في حال ثبت ذلك، كما أضاف محدثنا، أن محافظ بنك الجزائر، اجتمع سابقا مع جميع مدراء البنوك العمومية والخاصة حول هذا القرار، وطالب بتسريع تطبيق القرار، وفق ماجاء في تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال، والشروع في استقبال ملفات المواطنين بداية من الثاني من الشهر الجاري.وفي السياق ذاته، أوضح المسؤول ذاته، أن البنك حاليا لا يمكنه التحرك إلا في حالة تلقي شكوى رسمية من قبل المواطنين، الذين تقدموا إلى وكالة ورفضت ملفاتهم بالصيغة التي جاء فيها البنك، وعليه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
خبير في الشؤون الاقتصادية:”امتناع البنوك الخاصة عن تنفيذ تعليمة بنك الجزائر يتعلق بقرارات سيادية”
قال الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد الرحمن مبتول، في اتصال مع ”النهار”، أن البنوك الخاصة مجبرة بتطبيق قرارات بنك الجزائر، لأنه يتعلق بقرارات سيادية، كما انه فتح الحسابات البنكية لصالح المواطنين لا تترتب عليه أي أضرار على البنك.وأوضح مبتول، أن قرار الحكومة بتقديم تسهيلات لفتح الحسابات والتقليص من مدة دراسة منح القروض للمؤسسات المصغرة، قرارات سديدة، لكن من ناحية منح القروض سيكون له تأثير على البنوك التي لن تقبل بذلك بدون تقديم ضمانات، لأنه سيؤثر عليها ويقودها إلى الإفلاس، أما فتح الحسابات البنكية، فإنه أمر عادي، وقد يعود -حسب مبتول- بالفائدة على البنك من خلال ادخار الأموال.
جمعية حماية المستهلك: ”تلقينا شكاوي من مواطنين رفضت بنوك أن تفح لهم حسابات بنكية”
أكد الناطق الرسمي لجمعية حماية المستهلك، الدكتور مصطفى زبدي، أنه تلقى شكاوي من قبل مواطنين تقدموا إلى الوكالات البنكية لفتح حسابات بنكية وفقا لتعليمات الحكومة، إلا أنهم تفاجأوا بردود فعل هذه الأخيرة بطلب وثائق أخرى غير تلك التي جاءت في التعليمة، بينما أبلغتهم وكالات أخرى أنه لم يصلهم أي شيء بهذا الخصوص.ودعا أمس، الدكتور زبدي في اتصال مع ”النهار”، الحكومة إلى التدخل العاجل لفرض قراراتها، وإرسال لجان تفتيش إلى كل البنوك للتأكد من مدى تطبيق التعليمة، لأن العديد من الوكالات ترفض حتى استلام الملفات، بينما تتحجج أخرى بعدم تلقيها قرارات في هذا الشأن.