استغفلنا العام ورحل.. فسرق من العمر زمنا

عامنا يمضي ومعه العمر ينقضي، ساعات ونودع العام، نشيّعه إلى مثواه الأخير، بقلوب راضية مجبرة على هذا الفراق الأليم، عام يمضي أخذ معه من العمر سنة، فرحنا فيها، بكينا وتأثرنا، أصبنا وأخطأنا، اجتمع البعض وافترق بعض آخر، ظلمنا وظُلمنا… أذرفنا الدموع حسرة وندما وضحكنا فرحا وسعادة.
محطات وقفنا عندها لجلد الذات مرة، وللتمسك بالإثم ربما أكثر من مرة، اتبعنا أهواء النفس الأمارة بالسوء، وهزمنا الشيطان الذي سعى طوال العام كي يزين لنا سوء الأعمال…
مضت الأيام ولن تعود، هي الآن في مملكة الماضي الذي يتسع عرشه كل يوم وساعة، كل دقيقة وثانية، ولا نملك أن نرد منه مقدرا جزء من طرفة عين، ولو استطعنا لفعنا.. نعيد الزمن إلى الخلف ربما لنكون أحسن بعدما تعلمنا الدروس وأخذنا العبر.
آه يا عام، ما كنا نظن منك هذه القسوة استغفلتنا وذهبت سريعا، سرقت من العمر زمنا ليتك لم ترحل.. ليتك بقيت جامدا متوقفا لكي نعيد الأمور إلى نصابها.. نعبد ونصلي … نصفح ونقابل الإساءة بالحسنة، ليتك نسيت أو تناسيت لتمنحنا وقتا إضافيا حتى نستخرج كل الأوراق ونلعب منها الرابح فقط، كنت أمينا كنت سيفا على رقابنا، استغفلتنا ومنحتنا الأمان، فهذا السيف ألف العنق عاش معها ولن يضرها.. وها أنت بعد أيام صاحبتنا فيها تنسحب في صمت.. أكثرنا قطعتهم والقلة القليلة من قطعتك، إنك لم تظلم أحد ولكننا من ظلمنا أنفسنا، كنت معنا كريما سخيا، فما كان منا سوى الاستهتار، أنفقنا منك زمنا في القيل والقال، لم نقدر قيمتك، لأنك ملك لنا انشغلنا عنك بك، ولم نترك دقيقة تمضي من دون أن نسيئ لك، ولكن العدل اقتضى أن في الزمن نفسه فينا من أكرمك، بصلاة في جوف الليل والناس نيام، بدعاء ومناجاة لله رب العاملين… برجاء وبكاء.. فكان الاختلاف الذي جعله الله رحمة بين الناس.
آه يا عام، لو يبقى في العمر نصف أو ثلث الذي مضى، لن نهدر منه لحظة كي نعيش الصفاء والنقاء، الارتقاء إلى دنيا التسامح والفضيلة والمحبة في الله، الاستثمار والتنافس من أجل الفوز بجنة قال فيها العلي القدير «ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المنافسون»، آه با عام لو أن العمر يمتد أكثر لنعيش نورانية العبادة، ونور الإسلام واليقين بأن الدنيا بكل بهارجها وزخارفها.. بكل ألوانها ومتاعها ما هي إلا معبر ضيق إلى دار الحق والخلود، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم أصحاب قلوب حية وسليمة ـ يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ـ ونفس لوامة تحاسبنا قبل أن نُحاسب، فتقول للمخطئ إنك أخطأت وللمحسن إنك أحسنت.. أسأله العلي القدير أن يرزقنا الصحة والعافية، ألا يجعل مصيبتنا في ديننا وخير ما أختم به كلامي التعوذ بالله من زوال النعمة وفجأة النقمة.
@ نـــــــــــور