إعــــلانات

إبنتي على حافة الضياع بسبب الخوف من المجهول..

إبنتي على حافة الضياع بسبب الخوف من المجهول..

سيّدتي، بعد التحية والسلام، إسمحيلي أن أشكرك على طيب خاطرك وسعة صدرك فما تقدمينه من خلال منبر قلوب حائرة لهو السلاك للعديد من الحيارى والمنهكين نفسيا. انا من الأوفياء لهذا المنبر ولعل هذا ما دفعني اليوم أن أستدلّ بك حتى أخرج من حيرتي وبؤسي، فالأمر يتعلق بإبنتي وأنا والله مستعدة للعمل بأي نصيحة تسدينها إليّ
سيدتي، مشكلة إبنتي هي أكثر ما ينغص علي أيامي ويقضي على أجمل أحلامي. فأنا أم لبنت مراهقة تحيا الأمرّين بسبب بعض الأمور النفسية التي قلبت حساتها رأسا على عقب.
ففلذة كبدي سيدتي فقدت شغفها في الحياة وباتت كالشمعة التي أفل نورها، لا يوجد من سبب أراه يستحق كل هذا التغيير لكن صدقيني أنني لا أجد مثلا عذرا يجعلها تفكر في ترك مقاعد الدراسة، فهي بذلك وحسب رأيها ستأمن على نفسها من الإحتكاك بمن لا يحبونها ولا تحبهم، كما أنها ستكون بمنأى عن نظرات الغير.
عدا ذلك سيدتي، لا أخفيك من أنه ليس في إبنتي ما يعيبها، فهي ذكية كيسة، أنيقة وسلسة التعامل.إلا انها تتهرب من مجهول أخشاه. توجس كبير باتت إبنتي تحياه،فهي دائمة التساءل في مواضيع لا يمكنني أن أجيبها عنها، ولعلّ الطامة الكبرى أنها مترددة في إتخاذ القرارات حتى البسيطة منها،وما أخافه أنها تلوم نفسها على أي شيء تقدم عليه، فتخبرني أنها لو لم تقم بذلك الأمر مثلا لكانت تجنبت أمورا ومشاكل لم تحدث أصلا.
من جهة أخرى سيدتي، فقد نصحني العديد من الناس بعدم إقحام نفسي في المتاهات التي تحياها إبنتي وتركها لوحدها كونها في فترة مراهقة، وهي تبني شخصيتها، لكنّني كأمّ لم استطع تحمّل رؤيتها على هذا الحال وأنا أفكر في عرضها على أخصائية نفسانية أو راق يخرجها من هذه الحالة التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم. أريد منك أن تبثي السكينة في قلبي سيدتي فما أنا فيه محنة فما بالك بفلذة كبدي؟
أختكم ن.ربيعة من الوسط الجزائري.

الرد:
عديد الأطفال والمراهقين الذين لا ينعمون بالدفء العاطفي أو الإحتواء، تجدهم يعانون في فترة المراهقة بالقدر الذي ينجرّ عنه مشاكل لا تحصى ولا تعد لدى أوليائهم. ولأنّ الأمر خرج عن السيطرة سيدتي، وبعد أن تيقنت من أنّ حالة إبنتك لا تسرّ تواصلت معي، فنتمنى أن يكون لدينا من الحلول ما يجعل فلذة كبدك تهدأ وترتاح، فترتاحي أنت أيضا.
تكلمت عن كل ما تعانيه كريمتكم من خوف ووجل، هواجس و وساوس، لكنك سيدتي لم تذكري قطّ طريقة تعاملك معها قبل الأزمة ولا حتى أثناء ما تمرّ به من حيرة وخوف. أدرك أنك زوجة وأم، وأعي أن لديك من المسؤوليات ما يجعلك قد تتقاعسين نوعا ما في مهامك ومسؤولياتك، لكن عليك أن تعلني حالة الطوارئ في البيت وبين أفراد أسرتك حتى تتظافر جهودكم وحتى تلفوا هذه الفتاة بالحب والإحتواء لتخرج من حالتها التي قلبت حياتها رأسا على عقب.
في البدء عليك أن تحتوي إبنتك بالمشاركة مع زوجك، حيث عليكما أن تطمئناها وتجعلانها تحس بوجودكما لأجلها وعدم تخليكما عنها مهما كانت الظروف. كما أنه على إخوتها أن يجالسوها ويحدثوها، وأن لا ينصرفوا عنها مهما كان خاصة في ظل ما نعرفه من إستفحال لإستعمال الهاتف النقال والأنترنت ما خلق هوّة كبيرة بين أفراد الأسرة الواحدة.
من جهة أخرى، وبما أننا في فترة عطلة، وبما أننا نمر بجائحة جعلت الموت تحصد الأرواح يوميا مما دفعنا إلى الإنغلاق على أنفسنا، حاولوا أن تخلقوا لها نشاطات وتمارين تملأ عليها وقت فراغها وتجعلها تحسّ بكينونتها. أيضا، عليك أن تكوني لإبنتك صديقة حميمة تحملين عنها ما في قلبها من حزن وهم، ولتتأكدي أن هذه أهم الخطوات التي يجب عليك إنتهاجها قبل إصطحابها إلى الطبيب النفسي. وأجزم أنك بإحتواء الأمر، فإنك ستتجنبين هذه الخطوة التي قد تصدم إبنتك وتزيد من حدة حالتها.
تعودي على خلق الحوار بينك وبين أفراد أسرتك، ولا تحسسي إبنتك ومهما كان من أنها تعاني من أي مشكل كان، ولتدركي أن تجاوزها لهذا العارض مرهون بجهودكم كأسرة تعي أن فترة المراهقة من أصعب الفترات التي قد تمرّ بها الفتاة خاصة إن لم تجد من الإحتواء والحب شيئا.
في الأخير، أكثر ما أتمناه أن تعمدي على تفهّم إبنتك وخلق الأعذار لها من باب أن تبددي عنها الإحساس بالرفض وذلك حتى تحسّ بالأمان، هذا الأخير الذي له مفعول السحر على المراهقين.
ردت:”ب.س”.

رابط دائم : https://nhar.tv/KV3CY