أغضبت ربي لكي أنال رضى زوجي فهجرني واختار غيري
سيدتي الفاضلة نور، لك أن تعاتبيني وتوبخيني، افعلي بي ما شئت لأني أستحق ذلك، فقط لا تدبري عني لأني في أمس الحاجة لوقفتك معي بعدما تقطعت بي الأسباب وتفرق عني الأحباب . أنا امرأة أصاباها داء الغرام بعدما وقعت صريعة حب رجل عديم الإنسانية والآدمية، لم أكن أراه على هذا النحو أبدا، كان بالنسبة لي الفارس الشهم صاحب النخوة والمروءة، لأنه يوم قرر الارتباط بي تخلى عن أقرب الناس وأعزّهم على قلبه، ترك زوجته وأبناءه ليهنأ بقربي، كانت قراءتي لما حدث قراءة عمودية لم أتمعن الكلمات جيدا ولم أدرك المعنى الحقيقي لأنه اعتمد الأسلوب المجازي، هكذا أوقعت نفسي بين براثن من يحمل سكين الجزار، ذهبت لكي أعيش مع ذلك «الشيء» شيء لأني لم أستطع تصنفيه ضمن أي صنف من المخلوقات التي تدب على الأرض، من فرط الأنانية وحب النفس جعلني مجرمة مع سبق الإصرار والترصد بعدما قتلت أبناني الواحدة تلو الآخر، حرمتهم من رؤية النور، فكلما حملت أجبرني على الإجهاض، بل كنت أفعل ذلك عن طيب خاطر، فلو رفضت لن يكون في وسعه تمزيق أحشائي واستخراج ما بها، كانت حجته الوحيدة الظروف وعسر الحال، جعلني كآلة تلبي رغباته وطلباته الغريبة ولولا احترام هذا المقام لأفصحت عن أفعاله الشنعاء. خمس سنوات عشتها بأيامها وساعتها أقترف الذنوب والمعاصي لكي يرضى عني ويواصل العيش معي لأنه في الآونة الأخيرة بدأ يتذمّر، مما جعلني أجتهد في إرضائه ولا بأس من كل شيء لأن الغاية تبرر الوسيلة ولأن عينه الكبيرة لا يملأها إلا التراب، ولأن نفسه خبيثة لا يمكنها العيش من دون خبث وضغينة، فقد تنكر للعشرة وطلب مني الابتعاد عنه، لأنه ملّ من استجابتي المستمرة ولم يعد يرغب بي، لذلك فإنه هجر البيت الذي أدفع ثمن كرائه من راتبي، وقد علمت أنه على علاقة بامرأة أخرى، بل ضحية أخرى سوف ينال منها الوطر ويلقي بها في قعر النسيان والأهوال مثلما فعل معي، لذلك عقدت العزم أن أتصدى لهذا الظالم ولن أتركه يهنأ بحياته، سأفعل المستحيل لكي أسترجعه وسأرضى بكل عيوبه، فقط لكي أفوت عليه فرصة أخرى لكني لا أعرف السبيل إلى ذلك ساعديني أرجوك.
نجية من البليدة
الرّد:
اسمعيني جيدا، لن أجعلك تفرضين عليّ نوع المساعدة ولن أخضع لطلبك، لأن الناس ليسوا سواء ولا أظن أن ثمة امرأة عاقلة يمكنها الاستمرار على هذه الوتيرة المنضبطة من الظلم، ظلم النفس لنفسها والأكثر من ذلك اقتراف الجرائم والتفاني لدرجة التمرد على فطرة الأمومة، فكيف رف جفنك بإراقة دماء أبرياء ذنبهم الوحيد أن الله زرعهم في أحشائك بعدما اسأت اختيار الشريك الذي أعرب منذ البداية عن نيته في عدم البناء وتأسيس هذا الارتباط على أسس صحيحة، بدءا بمعاملته السيئة إلى ما وصلت إليه من دون أن تحفظي لنفسك حق الكرامة بل أعطيته السكين ومددت عنقك لكي تسهلين عليه مهمة ذبجك والتنكيل بقيمتك كامرأة وزوجة أكرمها الله وجعل الجنة تحت أقدامها.. لقد وصل الأمر إلى نقطة النهاية فلا يوجد أبخس وأدنى من هذا الوضع الذي تبكين عليه رغبة في اسمراره فما الذي يحملك على هذا الجنون من أجل أن تحظي بجب سافل أغضبت الله من أجله، منحط دأب على الخطإ وظل متشبثا به. عزيزتي، قرأت رسالتك بكل تمعن ـ وليس قراءة عمودية مثلما فعلت ـ، فأدركت أنه لم يظلمك بل أنت من فعلت بنفسك ذلك، بل أعطيته يد العون ليكون بعيدا عن موقع الجريمة، يتفرّج عليك ببرودة دم ليقع كل شيء على عاتقك لقد أطعته وعصيت ربك، على الرغم من ذلك تمادى في حبه لذاته وإن كان الأمر على حساب علاقتكما التي لم ولن ترتقي أبدا إلى علاقة زوجية جعلها المولى عز جعل أقدس رابطة على وجه الأرض.لذا يجب أن تدركي أن هذا الرجل منذ البداية جعلك مجرد فسحة في حياته ولن تطول مهما كانت ممتعة ومسلية والدليل على ذلك ما أقدم عليه بالتخلي عنك. عزيزتي ماذا تتوقعين من رجل تنكر لأبنائه ـ ليس زوجته فحسب ـ فهل يرتقى هذا إلى مصاف رجال نلعق التراب لنحظى بالعيش معهم لأن الواحد منهم جدير بذلك، ماذا تنتظرين من زوج لم يكن قائما على شؤونك حتى البيت أنت من وفّره ولابد أنك من توفرين المأكل والملبس وغير ذلك من متطلبات الحياة اليومية، من أجل هذه الأسباب وغيرها، ولأنه يصعب حصرها لكثرتها، أكتفي بهذا القدر لأقول لك انفدي بجلدك من هذه العلاقة فلا طائل منها، ولا نفع من الاستمرار على هذا النحو، فأنت بحاجة لما تبقى من سنوات العمر لكي تشرق عليك شمس الأمل، فحرام عليك أن تهدري عمرك في انتظار أن ينقلب الأسود أبيض، هذا اعتقادي وسأترك أمرك شورى بين القراء لمزيد من التدخلات، أما المعاصي فلك رب كريم رؤوف عليه بمناجاته والاجتهاد في ذلك.
ردت نور