إعــــلانات

أرملة الشهيد أوصاني بالأولاد صبيحة الاعتداء كأنه شعر بقرب ساعته

أرملة الشهيد أوصاني بالأولاد صبيحة الاعتداء كأنه شعر بقرب ساعته

تنقلنا منتصف

نهار الخميس إلى قرية إشيعوضن بعرش سيدي علي موسى، التي استيقظت على المجزرة، توجهنا إلى مسكن الشهيد ونادي عمار، البالغ من العمر 40 عاما، أب لـ 8 أطفال؛ 3 بنات وخمسة ذكور: شريف 3 سنوات، إسماعيل 19 سنة، كمال 22 سنة، بلال 14 سنة، نسيمة 20 سنة، شريفة 13 سنة، وتسعديت (متزوجة) كانت الساعة تشير إلى حدود الثانية ونصف زوالا، ساعات بعد المجزرة كان البيت مكتظا بالمعزّين، تتوسطهم زوجة المروحوم المسماة ”علجية ” البالغة من العمر 36 سنة، لم تتوقف عن البكاء والصراخ والعويل، وهي تردد:”لقذ ذهب أب أولادي، من يرعاهم الآن، لقد رحل عنّي وتركني…”  وبعدما قدّمنا هويتنا، التقينا المدعو كمال 22 سنة، يشتغل كبناء بالمنطقة، هو إبن الشهيد كمال، وبالرغم من الصّدمة، أبى إلا أن يفتح صدره لـ ”النهار”، وردا عن أسئلتنا قال أنه وبفعل ارتباطه بالعمل، لم ير والده منذ شهر، قبل إبلاغه هاتفيا من طرف شقيقه اسماعيل 19 سنة، على الساعة التاسعة إلا عشرين دقيقة صباحا، بأن والده أصيب بجروح فقط، كما كشف أنه كان يحمل معه دوما سلاحه المتمثل في بندقية مضخية، وبعد لحظات التحق بنا رشيد القاطن بالمدينة الجديدة وهو شقيق أرملة الشهيد، وقال لنا أنه لم يره منذ حوالي ثلاثة أشهر، وآخر لقاء بينهما كان في حفل زفاف، قبل أن يبدأ يذكر خصال المرحوم المحبوب لدى الجميع لطيبته رغم عوزه، كما كان معيل أبنائه وعائلته حيث اختار هذه المهنة لضمان مستقبل أولاده، لأنه كان مستفيدا من الضمان الإجتماعي. 

لقد تردد في خروجه ثلاث مرات، وأوصاني على أولادي

تمكنا بعد مدة من وجودنا في المنزل من لقاء علجية، التي تحولت إلى أرملة بين عشية وضحاها، تقول أنه في تلك الليلة التي سبقت استشهاده ضحك كثيرا، على غير عادته مع أولاده، وسهر إلى غاية الثالثة فجرا، واستيقظ على الرابعة صباحا، تقدم منه طفلة شريف طالبا منه إعطائه 100دج، إلا أنه قدم له 50 دج، وهو ما كان بحوزته، -وتواصل- تناول فطور الصباح وشرب الحليب كله، وهو يردد لم يسبق أن أحسست بشهية في الأكل كاليوم،  لترد: ”إشرب بصحتك”، غادر البيت ومعه كيسين من الحليب، خرج لإقتنائهما لأولاده، وظلت تردد لقد أحس بقدوم أجله… أحس بموته، لقد كان تصرفه غير عادي، وأثناء مغادرته للمنزل على الساعة السابعة صباحا بإتجاه المحل التجاري، وهو المكان الذي يمر عليه سائق زملائه، خرج وعاد أدراجه إلى البيت ثلاث مرات، وكان قلقا ومتوترا، لقد نصحته ألا يذهب إلى العمل، وأن يمكث بالبيت، لقد كان بطني يتمزق بشعور لم يسبق وأن عشته، لكنه أصر على الذهاب لأداء واجبه، وعلى غير العادة قال لي إني ذاهب أوصيك على أولادي وبيتي، إنني راحل وكمال لم أره -في إشارة إلى عدم رؤية إبنه كمال منذ شهر- وبعد مرور ساعات تلقت الخبر عن طريق سائق سيارة ”كلانديستان” كان مارا بالمكان، ليبلغها بالنهاية المأساوية لـ”عمار”، خاصة وأنه تحصّل منذ يومين على راتبه الشهري المقدر 18 ألف دينار، وقدمه لإبنه إسماعيل قائلا له: ”هذا الأحد ستذهب إلى السوق، لشراء كبشين لعيد الأضحى”، قبل أن تنتفض علجية لماذا مات لماذا قتلوه؟ لماذا غادرنا لو أصيب بإعاقة جسدية سأتكفل به.  من جهته إبنه إسماعيل الذي يشتغل ميكانيكيا، قال أنه اتفق مع والده للذهاب إلى السوق غدا، لشراء كبشين للعيد، مضيفا أن والده قد شعر بقدون أجله، لقد ظل يردد في تلك الأمسية نصحه والده المرحوم ألا يخرج السيارة من نوع ”305”، كونها فارغة من الغاز، وأوصاه على أشقائه ووالدته والجميع.  وتجدر الإشارة؛ أن الشهيد كان يشتغل سابقا تاجر للخضر بسوق الإثنين، قبل أن يلتحق منذ أربع سنوات، كعون أمن ليلي بتلك الشركة التي عمل بها طيلة عام، قبل أن يتوقف عن ذلك، ليتم بعدها إدماجه مجددا.

رابط دائم : https://nhar.tv/h75HI