مهري وآيت أحمد يدعوان إلى مصالحة تاريخية مع فرنسا
في بيان حصلت ” النهار ” على نسخة منه و نشر على أعمدة صحيفة ” لوموند” الفرنسية دعت شخصيات جزائرية و فرنسية مرموقة على ر أسها الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري و زعيم جبهة القوى الإشتراكية حسين آيت أحمد و المؤرخ الفرنسي بنجمان ستورا ووزراء فرنسيون سابقون و حقوقيون
إلى تجاوز الخلاف التاريخي بين الجزائر و فرنسا سيما و أنه يقف عائقا في سبيل مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين .
وورد في البيان الذي جاء على خلفية الأزمة الدبلوماسية التي أثيرت بسبب تصريحات وزير المجاهدين محمد الشريف عباس حول زيارة الدولة المرتقبة التي يزمع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القيام بها للجزائر بداية ديسمبر المقبل ” أن التاريخ الإستعماري ما فتئ يطفو على السطح , ليعيق مسار بناء علاقات ودية بين فرنسا و مستعمراتها السابقة ” و يرى أصحاب البيان ” أن الجزائر تحتل مكانة خاصة في خضم هذه الصيرورة بسبب المآسي التي عانت منها أكثر من غيرها خلال الحقبة الإستعمارية , الآن و كما كان عليه الحال دائما يخضع التطرق لحرب التحرير لمنافسة محمومة بين ضحاياها بآلامهم و ذاكرتهم , فيما يتوق المواطنون في كلتا الضفتين إلى آفاق أخرى , لكن - يستطرد موقعوا البيان – و لبناء مستقبل مشترك يجب أولا أن ننظر بتمعن في الماضي . و بلهجة واضحة عددت الشخصيات الموقعة على البيان مساوئ الإستعمار في إشارة إلى قانون 23 فيفري الممجد له معتبرين أن النظام الإستعماري يتناقض تماما مع مبادئ الجمهورية الفرنسية , فباسمه ارتكبت مجازر راح ضحيتها مئات الآلاف من الجزائريين و نهبت ممتلكاتهم و شردوا و حرموا من المواطنة و التعليم و أخضعوا لقانون الأنديجينا .
و في قسم آخر من البيان يتعرض الموقعون إلى بعض المآسي التي تسبب فيها الإستعمار للفرنسيين أنفسهم في إشارة إلى عمليات التهجير التي تعرضت لها فئات باتجاله الجزائر لأسباب سياسية و كذا أولئك الذين خضعوا لقوانين التجنيد الإجباري لإقحامهم في حروب المستعمرات , و لم يستثني البيان ” الحركى ” الذين أضافهم إلى قائمة الضحايا في الخانة نفسها مع الفرنسيين المؤيدين لاستقلال الجزائر .
و بعد الإسهاب في شرح الآثار المدمرة للإستعمار جاء في البيان ” أن اللائمة لا ينبغي أن تلقى على المجتمع و إنما على القوى العمومية التي حكمت فرنسا من 1830 إلى 1962 تحت لواء الجمهورية الخامسة التي احتلت الجزائر و ليس العكس .
في جزء آخر منها حذر الموقعون على الوثيقة من مغبة السقوط في فخ ” بعض التوجهات القومية و الفئوية التي تسعى إلى الجعل من التاريخ أداة لها كما حذروا من القراءات الرسمية للتاريخ التي تستخدم ذاكرات الشعوب لتحقيق مبتغيات سلطوية تجعل من فرنسا المستعمر الأبدي و الجزائر المستعمرة الأزلية .
و خلص الموقعون في خاتمة بيانهم إلى أن عمل الذاكرة لا يمكن أن يكون عملا أحاديا يسعى فيه كل طرف إل تفضيل طرف من الضحايا إنما ينبغي كتابة التاريخ بصرامة بين الطرفين , و في ذلك دعوة إلى رمي الكرة في مرمى المؤرخين و هو مايحتاج يضيف الموقعون إلى قرار سياسي يجب أن ينأى عن مفهوم التوبة ذو الصبغة الدينية كما ينبغي أن يكون بعيدا عن مطلب الإعتذار الرسمي . ليطالبوا الجمهورية الفرنسية بالإعتراف علنا بتورطها في الصدمات التي تسببت بها في الجزائر , إعتراف ضروري يجب أن يسبق أي حوار بين فرنسا و الأمم المستقلة التي كانت منضوية تحت إمبراطوريتها الإستعمارية.