زكية محمد، ضيفة “النهار”
التقت “النهار” المطربة المتألقة “زكية محمد” التي تعتبر من بين الفنانين القلائل الذين يتحدثون بصراحة ويقدمون انتقادات وملاحظات دون تزييف. استقبلتنا زكية في بيتها وأجرينا معها حوارا شيقا إليكم أهم ما جرى فيه.
قمت بجولة مؤخرا قادتك لأكثر من عشر ولايات وتعتبرين من بين الفنانين القلائل الذين حظوا بهذا الشرف؟
الحمد لله تجربتي والسنوات الطويلة التي قضيتها في الساحة الفنية جعلتني أتصرف باحترافية أكثر، لكن لا يخفى عليكم أنني منذ مدة طويلة لم أغني في المدن النائية وهذه المرة ربما كانت غلطة من المسؤولين عندما برمجوني لأنني مهمشة منذ فترة ولا أدري لماذا.
ولكن، الكثير يتكلم عنك ويقول بأنك مدلّلة المسؤولين وتتكبرين حتى على زملائك الفنانين؟
هذا غير صحيح وهذه إشاعة بكل أسف، الفنانون هم الذين أطلقوا علي هذا الكلام لأنني إنسانة صريحة ولا أنافق، والخطأ الكبير الذي ارتكبته في حياتي هو دفاعي عنهم. في كل مرة أذكر مشاكل الفنانين والصعوبات التي نتلقاها في كل المناسبات حتى أصبحوا يلقبونني بـ “محامية الفنانين” لكن.. الله غالب خيرا تعمل شرا تلقى!
الأخبار تقول أنك طلبت إجراء لقاء مع الوزيرة للتحدث عن هذه المشاكل لكن لا حياة لمن تنادي؟
صحيح، أكثر من مرة طلبت لقاء السيدة الوزيرة، لكن في كل مرة طلبي يلقى الرفض، وأغتنم هذه الفرصة لأوجه لها نداء آخر، فعندي كلام كثير يخص الفنانين والساحة الفنية، كفانا “بريكولاج”، الفنان الجزائري أصبح لا يحض بأي اهتمام في الخارج لأنه “محقور” في الداخل، حيث وضع أشخاص من الثقافة في الأماكن الحساسة والأماكن الخاصة بالثقافة، هذا جزء من بين الكلام الذي أريد أن أنقله للسيدة الوزيرة.
تتكلمين عن الإحترافية ومعظم الفنانين الموجودين في الجزائر بكل أسف ليسوا محترفين، سواء في عملهم أو حتى في تصرفاتهم، وربما هذا هو سبب التدهور الكبير الذي وصلت إليه الأغلبية الجزائرية.
أنا شخصيا لا أعتبر نفسي محترفة.
لماذا؟
لأنني لا أعتمد على الغناء فقط في حياتي الشخصية والحمد لله، ما زلت أعتبر نفسي هاوية، لأن الغناء بالنسبة لي هواية وليس عملا، أما البقية فيعد مصدر رزقهم الوحيد، لهذا أطلب من المسؤولين الإلتفات إلى هؤلاء، طلبنا تكوين نقابة للفنانين لكنه لقي الرفض، طلبت عدة أشياء كلها اصطدمت بمسؤولين لا علاقة لهم بالثقافة والفن والإحترافية، وعندما تتكلم زكية يقولون عنها طويلة اللسان، التدهور الكبير الذي وصلنا إليه نحن المسؤولون عنه والمسؤولية نتحملها جميعا حتى المستمع الذي أصبح هو كذلك يشجع الرداءة ويستمع إليها. يجب وضع حد لأشباه الفنانين الذين شوهوا صورة الفنان الجزائري، يجب وضع قانون لإيقاف الشاب كوكو والشابة توتو وووو.. إلى أين نحن ذاهبون بهذا المستوى المنحط.
وهذا ما دفع بالعديد من الفنانين لهجرة البلاد سواء لأوربا أو الوطني العربي؟
بكل أسف، هؤلاء الذين توجهوا إلى الخارج هم المفضلون عند الجميع، طلباتهم أوامر، شروطهم كلها مستجابة.. أظن أنهم يعاقبوننا لأننا بقينا في الجزائر في العشرية السوداء التي عرفتها بلادنا. الكل يلاحظ أن المطربين الذين توجهوا إلى فرنسا وأوربا، هم الذين يحضون بالمشاركة في كل المناسبات الكبرى أو يتم إحضار مطربين من الوطن العربي وكأننا غير موجودين. لماذا كل هذا، هل لأننا بقينا في الجزائر فى أصعب الأيام وغنينا في أخطر الأماكن نعاقب هكذا؟ الجمهور يجب أن لا تلومه لأنه يستهلك المادة التي تقرض عليه في المسارح والقاعات.
وما ألاحظه أنه لا توجد علاقة قوية بين المطربين وربما لهذا لا يوجد تعاون بينكم؟
ربما هذا مع الآخرين، أنا شخصيا تقريبا كل شهر عندي مأدبة عشاء في بيتي لجمع عدة مطربين نتناقش حول موضوع الأغنية الجزائرية والجديد الذي يجب إدخاله فيها، “حسيبة عمروش” تأتي عندي باستمرار، “يوسفي توفيق” وزوجته كذلك، “كمال المعطي” و”هشام”، شفيق وابن المرحوم المعطي بشير.. وطبقا الغيرة والحسد موجودة في الوسط الفني مثلما هي موجودة في كل المجالات الأخرى.
وحسب رأيكم أنتم القدامى، ماذا ينقص الفنان الجزائري حتى يصل إلى المستوى المطلوب؟
الفنان الجزائري تنقصه الإحترافية، ينقصه البحث وصقل المواهب، المادة الأم موجودة والأصوات موجودة لكن التوجيه والصيحة غائبة، حتّى وإن قدّمت أنا أو إحدى المطربين القدامى نصيحة لأي شاب يضحكون علينا ويقولون أننا “قدامى”، أفضل أن يقال علينا “بيريمي” على أن أقدم فنا ضعيفا وأي كلام.
ما رأي المطربة زكية محمد وهي خريجة مدرسة “ألحان وشباب” في الطبعة الجديدة التي ظهر بها البرنامج هذا الموسم؟
بكل صراحة، أفضّل المدرسة القديمة التي تخرجنا منها، الصبغة الجديدة صحيح أنها متطورة ويتلقى فيها الطلاب دروس وتوجيهات لكنها تظلمهم في المقابل، لأننا زمان كنا نؤدي الطبع الذي نشعر به وننتقيه ونحبه خاصة، لكن اليوم يفرض على الطلاب أداء أنواع ليست من اختصاصهم، وهذا ما يظلمهم، مثلا أنا تخرجت بأغنية أم كلثوم، لأنني كنت وما زلت أحب هذا النوع وأتقنه، وربما لو اقترحوا علي أداء أغنية صحراوية أو أندلسية أو فلامينكو كنت سأرفض. ونفس الشيء بالنسبة للمطرب “محمد لعراف” الذي تخرج معي بالنوع الذي ما زال يؤديه اليوم. ومن جهة أخرى، التلاميذ أعمارهم بين 20 و 25 سنة… كثير، لا نستطيع أن نقول على شخص عمره 20 أو 25 سنة تلميذا. أنا في هذه السن كنت أغني في مصر وسوريا ولبنان. كنت في قمة الأداء والعطاء، كنت نجمة كبيرة بكل تواضع، أظن أنه من المفروض إعادة النظر في القوانين لكي لا يظلم أحد.. ومن فضلكم أريد أن أضيف شيئا، كنت أتمنى أن يذكر اسم المرحوم وصاحب فكرة “ألحان وشباب” ولو مرة، كنت أتمنى تقديم تكريم للمرحوم “عبد القادر طالبي” الذي أفنى حياته في خدمة الفن الجزائري، أنا واحدة من تليمذاته وبناته، فمنذ خمس سنوات من وفاته لم يتذكره أحد، حرام.
ما رأي زكية محمد في الأصوات التي تصنع الحدث في الوطن العربي، ما هي الأصوات التي تشيخك؟
أحب أمل ماهر، صوت ممتاز، وطبعا أصالة التي كانت تفتتح الحفلات التي كنت أحييها في سوريا، أحب ماجد المهندس وتامر حسني، أحب صوت فؤاد ومان، وطبعا أحب ميادة الحناوي، وردة، أم كلثوم، كل هذه الأصوات تذهبني إلى بعيد، كما أنني أتمنى تسجيل أغنية ثنائية مع المطرب عبدو درياسة، فنان ابن فنان.. كما أنني لا أشجع “الدعارة” الموجودة حاليا عند بعض الفنانات.
ماذا عن أمنية زكية محمد ونحن في بداية 2008؟
أن يحل مشكل المؤسسات الثقافية ويوضع كل رجل مناسب في الماكن المناسب، وأن يأخذ كل ذي حق حقه، توجد “حقرة” كبيرة في المجال الفني لعدم وجود رقابة ولا نقابة تحمي حقوق الفنانين.. أتمنى أن تكون هناك نهضة فنية وأن تطلبنا السيدة الوزيرة وتستمتع إلينا، وننسى المثل القائل “الدينا بالوجوه والآخرة بالفعايل”.