المحكمة العليا تفصل قريبا في طعون 7 جمركيين متهمين في ملف تصدير النفايات الحديدية
سليماني محمد: التجاوزات استمرت قرابة عشرية كاملة وشملت الغش في النوع والكم
أفادت مصادر مطلعة “النهار” أن المحكمة العليا ستفصل، خلال الأيام القليلة المقبلة، في الطعون المقدمة من قبل سبعة متهمين جمركيين في ما يعرف بقضية النفايات الحديدية وغير الحديدية المتورط فيها حوالي 19 متهما بينهم 12 جمركيا وخمسة مصدرين بميناء الجزائر، وذلك لإعادة النظر في طبيعة التهم المنسوبة إليهم.
وأوضحت المصادر ذاتها أنه سيتم خلال الأيام المقبلة الكشف عن القرار المتوصل إليه بخصوص الطعون التي تقدم بها المتهمون احتجاجا على ما جاء في قرار الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام في 15 أكتوبر 2006 ، حيث وجهت لهم جناية التزوير في محرر رسمي، الإهمال الواضح في ضياع أموال عمومية ومنح إعفاءات من التكاليف والرسوم العمومية بغير ترخيص من القانون.
وقد تم تأجيل القضية خلال الدورة الجنائية المنقضية منذ أسبوع إلى غاية الفصل في الطعون المقدمة من طرف الجمركيين السبعة أمام المحكمة العليا، وتتمثل الأفعال المتابع فيها هؤلاء في التملص من دفع الرسوم الجمركية بحقيقتها، التهرب الجبائي، مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، مع عدم إعادة رؤوس الأموال إلى البنوك الجزائرية وذلك مخالفة لنص التعليمة الصادرة عن البنك الوطني الجزائري المؤرخة في 12 أفريل 1994 التي تنص على ضرورة إدخال نصف العملة الصعبة المحصل عليها من المنتوج المصدر فيما يسمح له باستغلال النصف الآخر من حسابه الخاص.
وقال السيد سليماني محمد، مدير الاتصالات والعلاقات بالمديرية العامة بصفته أحد المشاركين في إنجاز التحقيق التلفزيوني لحصة المحقق المنجزة يوم 22 نوفمبر 2000 ، إن الأسعار المعمول بها بالمطار من طرف أعوان الجمارك لم يتم تحديدها من طرف وزارة التجارة بصفتها الهيئة الوصية على مثل هذه التعاملات، وذلك قبل سنة 2001 تاريخ إجراء التحقيق معه - حسبه – بشأن التجاوزات التي عرفها قطاع الجمارك خلال تلك الفترة أين أثبتت التحريات التي أجرتها مصالح الأمن وكذا الخبرة المنجزة بشأن الخسائر التي لحقت بالخزينة العمومية أن القيمة وصلت إلى 3000مليار سنتيم، و قد كشف السيد سليماني محمد عن هذه الحقائق، أولا بصفته المكلف بالاتصالات والعلاقات العامة بالمديرية، إلى جانب عمله في مجال تصدير النفايات الحديدية وغير الحديدية المصدرة عبر الميناء، وقد حضر هذا الأخير جلسة المحاكمة التي كانت مقررة خلال الدورة الفارطة بتاريخ 11 جوان 2008 كشاهد في القضية، أبدى خلالها استنكاره لهذه الأفعال التي تحدث بميناء الجزائر قائلا “لقد كانت لي الجرأة الكافية في فضح مافيا العقار بميناء الجزائر”. وأضاف “إن جرأتي كلفتني التخلي عن منصبي قبل أن يتم استدعائي للعودة مجددا لشغله”. وأشار ذات المتحدث إلى أنه يتعين على المصدر أو الوكيل المعتمد لدى الجمارك تحرير تصريح مفصل (رمز دي أش) يحدد فيه الكمية المراد تصديرها وكذا قيمة البضاعة بالعملة الصعبة ويتم وضعها أمام مفتشية الجمارك التي يكون لها الحق في معاينة وتفتيش البضاعة قبل تعبئتها إذا رأت ضرورة لذلك.
وأشار ذات المتحدث إلى أن المصدرين كانوا يعتمدون على النحاس، الرصاص، الألمنيوم والحديد في تجارتهم مما سهل عملية التلاعب بقيمة البضاعة ونوعيتها، التي كثيرا ما تكون مربحة حسب ما جاء في الملف المقدم من طرف مصالح الضبطية القضائية، وذلك بالنظر إلى الفرق في أسعار البضاعة بالعملة الصعبة، خاصة أن ثمن الكيلوغرام الواحد من الألمنيوم هو 1 فرنك فرنسي، النحاس 1 فرنك فرنسي، والرصاص 0.5 فرنك فرنسي، بالنسبة للقيمة المصرح بها أمام مصالح الجمارك على مستوى الميناء، في حين تصل القيمة الحقيقية للبضاعة إلى 11 فرنكا فرنسيا للكيلوغرام الواحد بالنسبة للنحاس و8.30 فرنك فرنسي للألمنيوم و4.80 فرنك فرنسي بالنسبة لمادة إينوكس. كما تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المعاملات بهذه الطريقة استمرت طوال 6 سنوات كاملة مما يوحي بحجم الخسائر التي ضربت هذا القطاع، خلال فترة التسعينات وحتى بداية العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين حين اتضح الأمر جليا من خلال الحصة التي كانت ستبث على شاشة التلفزيون بخصوص الفضيحة التي اعتبرت حينها الأكبر على مستوى القطاع بحصة المحقق، حيث تم إثرها توقيف الحصة وإحالة الملف مباشرة على التحقيق وقيل حينها إنه أمر رئاسي.
وأضاف المصدر (ب. محمد)، من جهته، أن المصدرين كانوا يعتمدون طرقا احتيالية في الغش والتهرب من قبضة البنك الجزائري بخصوص تهريب العملة الصعبة نحو الخارج، كما كشف عن طبيعة التعاملات التي كان ينتهجها هؤلاء في تصدير بضاعتهم، مشيرا إلى أنه قدم لهم ملاحظات بخصوص التصريحات والغش في القيمة المصرح بها أمام المصالح المختصة في الميناء بمكافحة الغش والتهريب، وضرب على ذلك مثالا بعض الحاويات التي كانت مشحونة ببضاعة مغشوشة في الوزن والنوعية خاصة وأن هذه الحاويات كانت على أهبة الشحن على متن باخرة (آني)، الراسية بالقرب من الرصيف رقم 18.