أم معاذ .. العائدة من جحيم ''القاعدة'' تروي لـ''النهار'' قصتها
تنقلت، أول
أمس، ”أم معاذ” من شرق البلاد إلى الجزائر العاصمة لتحكي لـ”النهار”عن تجربة دامت أكثر من 09 سنوات في معاقل الجماعات الإرهابية، تنقلت فيها بين مختلف السرايا والكتائب الإرهابية، كانت حصيلتها 04 أطفال يتامى كلهم لا يعرفون أباءهم.
”أم معاذ”، كما كان يطلق عليها في المنطقة الثانية، هي ابنة 36 ربيعا تبكي بمرارة عند حديثها عن تجربتها وسط ما أسمتهم بالذين لا يخافون الله،همهم الوحيد استهداف المواطنين العزل ونصب الكمائن لدوريات مصالح الأمن وإشباع نزواتهم.
إلتحقت بالجماعة مجبرة بعد أن قرر والدي وشقيقي الصعود إلى الجبل
لم أكن أفكر أبدا في الصعود إلى الجبل، والدي هو الذي أجبرني رفقة شقيقي الالتحاق بالجماعات الإرهابية سنة 95، بهذه الكلمات بدأت أم معاذ حديثها لـ النهار” عن رحلة التنقل والمطاردة رفقة الجماعات الإرهابية لفترة زادت عن الـ 09 سنوات. التحقت في بادئ الأمر بالجماعة الإسلامية المسلحة ”الجيا” ضمن كتيبة الأهوال، بقيت معهم لمدة قاربت السنتين، كنت أحاول التأقلم رغم عدم قناعتي بجدوى الأعمال التي يقومون بها لكني أكرهت على ذلك. في بادئ الأمر كنت أسهر على إعداد الطعام وغسل ثياب ”الإخوة”مع بقية نساء الجماعة، ثم بعد فترة زوجني أبي من أحد الإرهابيين المدعو ”يحي” هذا الأخير خرج مرة مع أفراد الجماعة ولم يعد، حيث قيل لي أنه قتل في كمين لمصالح الأمن في الوقت الذي كان يحي قد أفشى لي خوفه من التصفية الجسدية بسبب مناقشاته الكثيرة للأمير من الناحية الشرعية لما وصفها بالمخالفات لعدد من تصرفات الأمير وحاشيته في استهداف الأبرياء. ”
كنت الفريسة لنزواتهم الجنسية أمام أعين أطفالي
بعد مقتل والدي وشقيقي من طرف قوات الأمن في كمين بولاية عين الدفلى تحول”مجاهدي” الأمس إلى وحوش، كل واحد منهم يتربص بي لإفراغ شهواته الجنسية، خاصة وأني أصبحت دون حماية وأنجبت طفلين في الجبل، فقد كان أمير السرية يراودني ويؤكد لي أن طاعة الأمير ”واجبة”، بكيت خلال تلك السنوات عوض الدمع دما حسرة على سنوات عز الشباب الذي ضاع بين من يتمسح بالدين وأفعاله لا تمت بصلة له أبدا. ذات ليلة بعد عودة الأمير من إحدى عملياته سمعته يتكلم بكلام بذيء لا يمت بأي صلة للدين، بسبب كمين مضاد نصبته لهم قوات الأمن المشتركة، ومن فرط حقده الدفين تحول إلي ليشبع رغباته الجنسية أمام أعين أبنائي، وبعد ساعة من الزمن جاء أحد رجال الحاشية لينال مني هو أيضا، أحسست حينها أني لم أعد كيان ابشريا بسبب الممارسات التي أصبحت تسلط علي يوميا تحت غطاء الشرعية الدينية.
إخوة الجهاد أعداء باسم الدين ونساء بعضهم سبايا
كانت نهاية التسعينيات أكثر السنوات دموية في تاريخ الجماعات الإرهابية بالنظر للمذابح والمجازر التي وقعتها ”الجيا” في حق المدنيين العزل وحتى الصراعات في التوجهات الدينية بين الجماعات الإرهابية ذاتها، أم معاذ كانت شاهدة على واحدة من تلك الصراعات التي أدت بإخوة ما كان يدعى بـ”الجهاد” إلى ارتكاب مذابح في حق بعضهم، بل وحتى معارك شهدتها جبال طارق بن زياد بعين الدفلى والبليدة، المنطقة الثانية في الجماعة الإسلامية المسلحة وعناصرمن الكتيبة الخضراء وعباد الرحمان التي انسحبت إلى أماكن معزولة وأعلنت براءتها من أفعال الجيا. كنا نبيت على وقع الاشتباكات بين الجماعات الأخرى وقصف قوات الجيش لمراكزنا من جهة أخرى، كانت ”أمعيشة الميزيرية” بهذه الكلمة اختصرت أم معاذ واقعها أثناء نشوب الخلافات بين الإخوة الأعداء، لتضيف أن ظاهرة اختطاف وحجز نساء الجماعات الأخرى شهد خلال تلك السنوات رواجا بسبب فتوى تبيح سبي نساء المخالفين المثبطين للمد الجهادي أوالمشككين في شرعية أعمال الجهاد، كانت كل تلك الأفعال دفعت بي للتفكير في الفرار من معاقل الجماعة، غير أن أطفالي صعبوا من الأمر.
أكذوبة الجهاد فضحت أكثر بصدور مشروع الوئام المدني
بحلول سنة 99 وبعد سماعنا بقانون الوئام الوطني عبر جهاز المذياع الذي كان بحوزة الأمير، فكر الكثير من العناصر بتسليم أنفسهم غير أن الحاجز الوحيد كان التخوف من التصفية الجسدية بعد اتهامه بـ”الردة” والتخلي عن أكذوبة ”الجهاد”.
كانت الطائرات المروحية التابعة للجيش الوطني الشعبي تفرغ الآلاف من نداءات الوئام الوطني، غير أن من يكتشف من قبل عناصر التنظيم وبحوزته هذه الوثائق فإن مصيره الإعدام.
دجالو الجبل كانوا يروجون أكاذيب حول تعامل الأمن مع التائبين
كل هذه الأسباب شجعتني على الفرار مع أبنائي في إحدى الليالي واللجوء إلى أحد منازل المواطنين الذي سألته الرأفة والرحمة بنا، هذا الأخير الذي رتب عملية تسليمي لمصالح الأمن بمنطقة الوسط، كان يدور في ذهني الكثير من المخاوف عند تسليمي لمصالح الأمن بسبب الأكاذيب التي كان ينشرها الأميروحاشيته حول تعامل أجهزة الأمن مع التائبين.
اكتشفت شيئا مخالفا تماما لما كان يروج له ذلك الدجال، لقد تم عرض أبنائي على الطبيب، كما تم التكفل بهم صحيا ونفسيا واجتماعيا، واستفدت أنا من قانون الوئام الوطني وأنا اليوم أعيش حياة عادية، رغم نظرة المجتمع لي ولأطفالي التي لا ترحم.