نصائح لتخف حدّة الخلاف بين الأم والابنة المراهقة
كثيرا ما تشب الخلافات بين الأم وابنتها، في حركة مد وجزر دؤوب، نوعية اللباس مثلا محور أساسي للخلاف، فالأم غالبا ما تميل إلى اللباس المحتشم، أمّا الابنة - لقلة وعيها وخبرتها وتعدد المؤثرات عليها – قد ترغب في الجديد لمسايرة الموضة، من ناحية أخرى؛ فإنّ الخروج من المنزل يشكّل مجالا آخر للخلاف، فالأم لها أماكن تفضل الذهاب إليها دون غيرها، وقد لا ترغب في ذلك، فيتمثل النزاع في رفض البنت للخروج ورفض الأم لبقاء الابنة بمفردها بالمنزل خوفا عليها، وهكذا تتعدد مجالات الخلاف بين طرفين، لا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر.
بالطبع لا نستطيع ترجيح كفة إحداهما على الأخرى، فكلاهما عرضة للصواب والخطأ، غير أن للخلاف سببا رئيسيا، ألا وهو الفارق الزمني بين الأم وابنتها، فكل منهما تنتمي إلى جيل له ظروف ومتغيرات خاصّة به، لكن هذا لا يعطي الأم الحق برفض كل ما تريده الابنة، وفرض الرأي عليها سواء كان صائبا أم لا، كذلك فإنّه لا يعني رفض الابنة الإنصياع لكل ما تطلبه منها الأم.
ما الحل إذا؟
الخلاف الدّائم بين الأم وابنتها، يمكن أن تخف حدّته إلى درجة كبيرة، ومن الممكن أيضا أن يختفي، وذلك من خلال تمرين بسيط لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، فيكون لزاما على كل منهما التراجع عن بعض الآراء والتضحية من أجل الطرف الآخر، في إطار شرعي واجتماعي مناسب، وليس معنى ذلك أن تتنازل الأم عن آرائها، أو أن تتخلى الابنة عما تراه صحيحا من أفكارها، لكن على الأم أن تتنازل بعض الشيء وتتجاوب مع ابنتها فيما تريده، ما دام ذلك لا يمثل تجاوزا للشرع، ولا يتم من خلاله تخطي حدود الأخلاق والأدب.
كما يمكن للأم التقرب من ابنتها وإقناعها بالتجاوب معها، من خلال تلبيتها لبعض الطلبات المقبولة للابنة، ولو لم تكن على المستوى المطلوب، أو مرافقتها للأماكن التي تريدها ولو لفترات متباعدة، المهم ألا يتخذ التقارب والتفاهم جانبا إيجابيا لصالح إحداهما دون الأخرى، بل يكون منصفا وتتعادل فيه المصلحة وتحقيق المراد للطرفين.
ويأتي الجانب المهم في موضوع الخلاف، وهو من قبل الابنة، فقد لا تدرك الفتاة عند وقوع أي خلاف بينها وبين أمها، أن الأم كثيرا ما تعارضها بدافع الحب والحرص على مصلحتها، ولن يكون اعتراضها على آراء ابنتها من قبيل العناد أو لأي سبب آخر، بعكس الفتاة التي غالبا ما تتمسك برأيها لمجرد العناد وإثبات الذات.
قد تجهل الابنة أن خوف الأم عليها أمر طبيعي، فالأم من خلال خبرتها وتجاربها الكثيرة في الحياة، تعرف مواطن الخطر، فتنأى بابنتها عنها، وتحاول حمايتها، لا سيما وأنّنا أصبحنا في زمن تحيط فيه المخاطر بالبنات من كل جانب، فعندما تمنع الأم ابنتها من الذّهاب إلى مكان معين، أو تحاول إبعادها عن صديقة ما، فلا بد أن يكون لها وجهة نظر غالبا ما تكون صائبة، وأقرب إلى مصلحة الابنة.
هنا تتساءل الفتاة عن المطلوب منها تجاه أمها عند الخلاف معها، وبأن من واجبها طاعة أمها واحترامها، وهو ما حث عليه ديننا الحنيف، وكذلك احترام ما يصدر عنها من آراء وأفكار، فإن كان رأي الأم جائرا بعض الشيء في نظر ابنتها، فمن المؤكد إنّه للمصلحة.
ولا تنسي عزيزتي الأجر والثواب الذي يترتب علي طاعة أمك، وأنّها أحق الناس بحسن صحابتك، ولا تنسي أيضا عدد المرات التي تقوم فيها أمك بحبس قناعاتها، وكتمان رغباتها، من أجل أن ترسم الإبتسامة على وجهك، أو تزرع الفرحة في قلبك.
فليتك تتجاوزين عن بعض رغباتك إرضاء لها، وتخبرينها أنّ ذلك قد لا يصدر منك عن قناعة بقدر ما هو ابتغاء رضاها، واعلمي أن ذلك سيكون مرضيا لها وسيجعلها في المستقبل وفي كل مناسبة، تراجع حساباتها وتبذل كل ما في وسعها لإسعاد ابنتها البارة.
مشاركة الأستاذة راضية عوادي