إعــــلانات

أوباما يسعى إلى تحديد سياسة واضحة إزاء “ربيع العرب”

أوباما يسعى إلى تحديد سياسة واضحة إزاء “ربيع العرب”

يسعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس إلى رسم سياسة مقبولة للتعامل مع المطالب الجديدة غير المتوقعة والمعقدة وحتى المتناقضة التي تفرضها حركة الإحتجاجات التي يشهدها العالم العربي. وسيحاول أوباما في كلمته أن يرد على الإنتقادات الداخلية وعلى التردد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حول ما ستكون عليه طبيعة السياسة الأمريكية. وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن أوباما يرى فرصة لأخذ مسافة وتقييم ما شهدناه جميعا من تغيير تاريخي.

وأضاف كارني أن أوباما سيتناول بشكل خاص أفضل السبل لمساعدة هذا التغيير الإيجابي مع التركيز على مبادئنا الجوهرية أي اللاعنف ودعم حقوق الإنسان والإصلاح السياسي والإقتصادي. وقال أن الخطاب سيشكل حدثا وسيتضمن أفكارا جديدة محددة حول السياسة الأمريكية الجديدة إزاء المنطقة.

لكن يبدو أن أوباما لن يحاول الإستفادة من فرصة هذا الخطاب لإعادة إطلاق المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية العالقة مع أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اعتبر النزاع الثلاثاء القضية الجوهرية في المنطقة، ومع أن أوباما يأمل بالتركيز على الثورات في العالم العربي فإن إعادة التذكير بالفشل في عملية السلام يمكن أن يخفف من قوة رسالته مما حمل بعض المحللين على التساؤل حول توقيت هذا الخطاب.

وقال ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية أن المقياس الذي ينظر من خلاله عدد كبير من العرب إلى الولايات المتحدة هو ما نقوم به في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وأضاف لا أعتقد أن هناك فرصة كبيرة فعلا هنا لإتخاذ منحى مختلف يمكن أن يحقق نجاحا.

ومنذ إندلاع ثورة الياسمين في تونس والإطاحة بنظام حسني مبارك في مصر والقمع الدموي في سوريا والبحرين ناهيك عن الحرب التي تشهدها ليبيا، وأوباما يحاول تحديد رسالة أمريكية بمضمون متماسك. وفوجئت واشنطن تماما على غرار القادة في المنطقة بالسرعة الفائقة والبعد التاريخي للتغيير المفاجئ الذي عصف بها.

وقال رامي خوري كاتب المقال في إحدى الصحف والمحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت أعطي الولايات المتحدة علامة جيد جدا على الطريقة التي تعاطت بها مع ربيع العرب بعدم التدخل فيه، لكنه أضاف أن (السياسة الأمريكية) كانت مترددة وغير منظمة وحتى غير متماسكة. وإذا أتت السياسة الأمريكية متناقضة ومعقدة فذلك لأنها كانت إنعاكسا للثورات غير المتوقعة التي توالت في العالم العربي.

وأثارت الإحتجاجات ضد قادة متحالفين مع الولايات المتحدة مثل مبارك والرئيس اليمني علي عبد الله صالح الحليف الأساسي ضد الإرهاب، معضلة لما سيكون عليه رد الولايات المتحدة لأن هؤلاء القادة يقمعون شعبهم لكنهم في التالي حافظوا على الإستقرار طيلة عقود. وبات أوباما الذي اتخذ من الأمل شعارا لحملته الرئاسية حائرا بين الأنظمة القديمة ومطالب الشباب بإحلال تغيير في منطقة غنية بالنفط وفيها مصالح أمريكية كبرى. واعتبر العديد من الأمريكيين أن أبرز حدث في الخارج هذا العام كان مقتل أسامة بن لادن في باكستان وهي نقطة مهمة في خطاب الرئيس الخميس في مقر وزارة الخارجية.

ويمكن أن يعتبر أن مقتل أسامة بن لادن إشارة إلى أن الميول الأكثر إيجابية التي برزت من خلال “ربيع العرب” طغت على الجهاد الذي كان دعا إليه تنظيم القاعدة. وصرح أوباما الذي كان يحدد أطر سياسته تماشيا مع تسارع الأحداث أن الولايات المتحدة ستظل تدعم الحق في التظاهر وحرية التعبير. لكنه حاول في الوقت نفسه أن يتفادى أن تبدو الولايات المتحدة التي تراجعت صورتها في المنطقة وكأنها تدير اللعبة في منطقة عانت من الإستعمار ونظريات المؤامرات. وعندما هددت الثورات حلفاء أساسيين لواشنطن كان رده أن كل بلد مختلف ورافض الإلتزام بسياسة عقيدة يمكن أن تحد من مجال المناورة المتاح له.

وأوضح أوباما فكرته في فبراير بعد الإطاحة بنظام مبارك إذ قال آنذاك ما لم نقم به هو ان ندعي أن بوسعنا التكهن بما سيحصل في مصر، لأننا غير قادرين على ذلك. واضاف كنا حريصين للغاية على أنه من المهم أن يظل الحدث مصريا لا أن نصبح نحن محط الأنظار. إلا أن التصريحات الأمريكية غالبا ما تثير تساؤلات أخرى، والمحللون لا يترددون في توضيح التناقض في تحليل أوباما.

فقد تساءل العديد من المحللين لماذا إنضمت واشنطن إلى الحملة العسكرية ضد النظام الليبي متحالفة مع الثوار بينما بقيت على الحياد إزاء القمع الدموي في البحرين التي تعد حليفا عسكريا مهما لها. وتساءل آخرون ما إذا كانت المخاوف من تغيير النظام والفوضى الناجمة عنه والتي يمكن أن تهدد إسرائيل هي ما دفع أوباما إلى التخفيف من لهجته إزاء سوريا. لكن عندما أعرب أوباما عن تأييده للمعارضين ضد أنظمة حلفائه في مصر كما في اليمن فقد زج نفسه في مشاكل.

فالسعودية أبدت إستنكارها للطريقة التي تم فيها التعامل مع مبارك ويبدو أنها على غرار دول خليجية أخرى شددت تصديها لأي تغيير سياسي. لكن واشنطن لا يمكنها أن تخسر حليفا مثل السعودية. وسيتعين على أوباما أيضا أن يأخذ في الإعتبار تراجع التطلعات إزاء بلاده مقارنة مع الكلمة التي توجه بها إلى العالم الإسلامي في القاهرة في العام 2005. وقال خوري أعتقد أن هناك مللا في العالم العربي من الخطابات ولن يصغ الناس بالترقب نفسه كما حصل منذ بضع سنوات”.


رابط دائم : https://nhar.tv/5agrz