نحيا حياة الأغراب… من دون أن أعلم الأسباب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدتي نور.. بلهجة التفاؤل ولغة الصراحة المطلقة أراسلك اليوم علّني أجد عندك حلاّ لما يؤرقني ويحرم النوم من عيني من شدّة التفكير في الحال الذي أنا عليه، وفي علاقتي مع من أَعدّه تاج رأسي.فأنا سيدتي.. أعيش في الآونة الأخيرة معاناة نفسية سبّبها لي جفاء زوجي وبرودة مشاعره، تصوّري سيدتي، أننا نعيش تحت سقف واحد ومنذ أكثر من 5 سنوات.. طالما كانت حياتنا خلالها كما نحب، لكن مؤخّرا أصبحت المسافة بيننا بعيدة وملامح الشراكة تلاشت في علاقتنا، فأنا صدّقيني بتّ أشعر كأنني خادمة في بيتي، أُشرف على شؤون المأكل والغسيل…إلخ، ومشاهد كثيرة للحياة الزوجية أُلغيت، وكأنه إعلان صامت من طرف زوجي، عن انفصال أقامه جمود عواطفه وتجاوبه وتفاعله السلبي، فقد غاب عنا التفاهم ولغة الحب كذلك، وساد بيننا التنافر، فلم يعد يجمعنا سوى الالتزامات المادية فقط للحفاظ على الصورة العامة.سيدتي، أنا مستاءة ولم أعد أقوى على التحمّل، لأنني وبعد تمعّن وتحليل مطوّلين لم أصل إلى ما أثلج به صدري، فأنا لم أجد السبب أو التقصير المُقنع الذي صدر مني والذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه، خاصة وأن زواجنا كان بعد علاقة طيّبة عفيفة جمعتنا مع بعض، لكن الغريب في الأمر هو أني لم أمسك عليه ولا أمرا يُثبت خيانته لي، فهو يدخل ويخرج كالمعتاد.صدّقيني سيدتي، لقد حاولت مرارا وتكرارا؛ مدّ جسور المودّة من جديد، لكنني في كل مرّة أخاف من ذلك حفاظا على كرامتي التي لا أريدها أن تهان، فأنا لم أقم بشيء…سيدتي نور.. إن ما يزعجني في المقابل هو أنني فقدت حتى التركيز مع طفلي، اللذان صرت أتعامل معهما بعصبية، ولا أطيق التجاوب مع متطلّباتهما. أرجوك سيدتي.. ساعديني، فلا شيء يهمني سوى شمل عائلتي والحفاظ على هنائها، فهلاّ أرشدتني إلى السبيل، فإني لن أطيق المزيد؟.
سيدة من الشرق
الرد:
سيدتي.. أشكرك جزيل الشكر على ما احتوته رسالتك، فأنا قد احترمت كثيرا نضجك وحكمتك في ضبط أعصابك، إن ما يقهر كل زوجة هو جفاء زوجها وتعنّته.سيدتي، إن الحياة الزوجية جهاد في سبيل الله، ولا يجب عليك بأي حال من الأحوال أن تستسلمي أمام أول عقبة تقف في طريقك، فأنا أظنّ أن ما تمرّين به؛ سحابة صيف عابرة بإذن الله، وصدّقيني إن قلت أن أكثر ما لفت انتباهي وما أعجبني فيك، هو أنك لم تتهوّري ولا تتّهمي زوجك بالخيانة مثلما تفعل الكثيرات، فتريّثك هذا أظنه قد حلّ نصف المشكلة.عزيزتي.. اعلمي أن استقرار الحياة الزوجية والعلاقات الأسرية هي مسؤولية تقع في غالب الأحيان على عاتق الزوجة، لذا فإن أول ما أنصحك به هو المحافظة قدر المستطاع على هدوئك وعلى ابتسامتك، فإذا حلّ النكد والكراهية محلّ السعادة، أصبحت الحياة بشكل عام متعبة ولا طعم لها، وأنت وأنا والكلّ يعلم أن سعادة أي بيت أو تعاسته قائم على درجة تفهّم المرأة ودرجة احتوائها للاختلافات التي لا يخلو منها أي بيت.لذا عزيزتي، أدعوك لأن تُهوّني عليك، وأن تبحثي عن سبل المشاركة مع زوجك، بمعنى أن تشركيه في بعض الأعمال المنزلية، وليكن أولادكما هما الطعم الذي ستستغلّينه لفك أبواب صمته الذي يخيّم على رفيق دربك، وحاولي وبذكاء أن تخلقي من خلال ذلك فرصا لمداعبة مشاعره وإعادة إحيائها من جديد، وبالتالي إخراجه من ذلك العالم الذي يرهقك ويرهق تفكيرك.عزيزتي.. حاولي أن تتفهّمي زوجك، فربّما هو يعاني بعض المشكلات في العمل، أثّرت عليه وعلى مشاعره، لذا اسعي قدر المستطاع إلى إعادة إحياء مشوارك الأسري من جديد من خلال أفعال وسلوكيات قائمة على الشفافية، معتمدة في ذلك على الحوار الهادف غير المملّ، غير متناسية ما للكلمة الطيبة من أثر طيب في نفوس الآخرين، ثم إنه لحقًّا ضرب من الجبن منك حين وضعت حواجز الكرامة بينكما، فليس هناك كرامة وعزّة نفس بين الزوجين، فهو صورة منك وأنت صورة منه كذلك، بمعنى أن نجاحه هو نجاحك والعكس، وإلا لما رضيت بأن تقضي ما تبقى لك من العمر معه.عزيزتي.. اعلمي أن الوصول إلى قلوب أقرب الناس إلينا، هو مغامرة شاقّة تحتاج منك النفس الطويل والإيمان لتحقيق النجاح، حاولي عزيزتي أن تشعريه بأهمّيته في حياتك، وإياك أن تذكّريه بجحوده ولا ببرودة عواطفه.كما لا يفوتني أن أنصحك من جهة ثانية، أن تفصلي تفاعلك مع المواقف الحياتية، فأطفالك لا ذنب لهم إذ فقدت معهم نعومة الأم، ورونق أحاسيسها، واعلمي أنهما دوما في حاجة إلى حنانك، فاحجبي عنهما ذلك الانفعال السلبي، ولا تقحميهما فيما لا يفهمانه.
تحلّي بالحكمة والصبر والإيمان، وكان الله في عونك وساعدك للنيل من سعادتك إنشاء الله.
ردت نور