بعد أن أحببتـــها… وقف ماضيها هاجسا بيني وبينها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدتي نور، أشكرك على هذا الفضاء الواسع والكبير، الذي ارتاحت له النفس واطمئن له القلب، فأنا أرى فيه دواءً شافيا لكل همّ وغم، وهذا ما جعلني أسلّمك قلبي الحزين المجروح، راجيا أن أجد له سبيلا أو ملجأ، فأنا لم أعد أطيق المزيد.سيدتي، أنا شاب نشأت بين أحضان أسرة محافظة ومتواضعة، من حيث الدخل وأسلوب المعيشة، عشت طفولة صعبة نوعا ما، لكن الحمد لله على كل شيء، فقد شغلت وقتي بحفظ القرآن والدراسة، وكانت حياتي بلا مشكلات، إلى أن تعرّفت على فتاة، الله وحده يعلم سيّدتي، أنّي أحببتها حبّا صادقا وصافيا من أية شوائب، لكن حدثت الفاجعة وخانتني وتركتني في الدنيا تائها وضائعا، فقرّرت أن أعتزل الناس وأن لا أحبّ مجدّدا، فعشت بعدها في عزلة تامّة؛ أكتب الشعر وأتقاسم أحزاني مع مذكّرتي، لكن شاءت الأقدار أن تهتمّ لأمري فتاة أخرى، حاولت التخفيف عني ومشاركتي أشجاني، لا أنكر أنني أُعجبت بها إلى درجة أن تحوّل ذاك الإعجاب إلى حب والحب إلى هُيام، وما زادني تعلّقا بها، علمي أنها كانت تُحبّني وتتألّم طيلة 5 سنوات مضت لم أكن أحسّ فيها يوما بها، حينها قرّرت أن أتقدّم لخطبتها مادام الحب قائما بيننا، وما دامت تتمتّع بكل صفات الزوجة الصالحة. لقد حاول كثير من الناس التفرقة بيننا لكن من دون جدوى، لأن حبّنا كان أقوى، ولكن ما يؤرّقني وما يُحزن قلبي سيدتي، هو أني علمت مؤخرا أنه لديها ماض مع أحدهم ولم تخبرني به، وهذا الأمر لم يُعجبني بالمرّة، وحين واجهتها وفاتحتها في الموضوع، أصبحت تتجنّبني، ولست أعلم لماذا؟، سيدتي أنا في حيرة من أمري، ولا أدري على أي رأي أستقرّ ؟، فأنا في دوّامة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، أرجو أن أجد عندك تفسيرا لما أعيشه، وكيف لي أن أتصرّف مع فتاة أخفت عني ماضيها؟.
المعذب طارق
الرد:
أخي الفاضل، نحن من يشكركم على ثقتكم فينا وعلى مقاسمتكم لنا لما يُتعب قلوبكم، ومصارحتنا بما يعكّر صفو أيامكم، ونحن بدورنا نأمل أن نكون دوما عند حسن ظنّكم، وإيصالكم إلى برّ الأمان.أخي، كم هو جميل الحب حين يكون خاليا من كل الشوائب ومن كل المنغّصات، والأجمل أن يكون عفيفا ومقصده نبيل، لكن هكذا هي الحياة، كما أن الرياح قد تأتي بما لا تشتهيه السفن، فالمرء لا يستطيع أن يُدرك كل ما يتمناه، ولا أن يُحقّق كل ما يصبو إليه، لكن يا أخي، هذا لا يعني تماما أن نستسلم ونفشل، أو أن نعاقب أنفسنا بسبب أخطاء غيرنا، وهذا ما فعلته أنت حين حرمت نفسك ملذّات الحياة طيلة 5 سنوات، كما أنك حكمت عليها حكما غير عادل بالعزلة والانطواء؛ وهذا بسبب من؟!، بسبب من لم تُقدّر حبك، ولم تصن وفاءك، وها قد أناب الله عليك بحب جديد أحبّك في الستر وحنّ عليك وقت الشجن، وقاسى لوحده سنوات بلا كلل ولا ملل، منتظرا فقط ساعة الأمان… لكنّك رُحت تحطّم كل الآمال.أخي، ألم يكن لك أنت أيضا ماضٍ؟، ألم تحب أنت بدورك وأغدقت في مشاعرك على فتاة هي أيضا تُعدّ ماض؟، ألم تتألم ولم تتأثّر لفراق حبّك الأول؟، وهل قارنت كل هذا مع من أحبّتك من دون أن تحاسبك وهي تعلم عن حبك القديم؟، أحبتك على الرغم من تيقّنها أنها ستتعذب في سبيل كسب حبك ومودّتك من دون أن تدري ما هي النتيجة، حتى تقوم أنت بمحاسبتها على أمر صار من الماضي ولا وجود له، ألم تفكر أن البنت لم ترد أن تجرح رجولتك؟. أخي الفاضل، حاول أن تتخلّص من كل هذه الهواجس ومن كل ما يتعلّق بماضي هذه الفتاة، ولتثق في نفسك وفي هذه الفتاة التي تحترمك ولا ترضى غيرك رفيقا.لا ذنب لهذه الفتاة أخي، إن هي منحت قلبها لشخص أحبّها ثم صدمها، كما أن الأمور لم تصل لديها إلى أن يُمسّ شرفها أو سمعتها بسوء، ولا تنسى أيضا أخي، أن المجروح في الحب يحسّ بجرح الآخر، فلما كل هذا التفكير الذي قد يُفقدك فرصة العمر، التي من شأنها أيضا أن تجعل الحب الذي منّ الله به عليك أن يذهب هباءً منثورا، تخلّص من الشكوك وافتح قلبك للدنيا، فليس هناك ما يدعو إلى القلق أو الحيرة، كما أنه لم يعد لديك ما تُفكّر فيه سوى التحضير للزفاف الذي سيُدخلك عالم السعادة والسكينة التي طالما كنت ترجوها.
تمنياتي لك بالتوفيق أخي، وأملي أن يكون مستقبلك واعدا وجميلا.
ردّت نور