تملّكني الخوف… وأنا على عتبة الزواج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيّدتي الفاضلة نور، إنها أول مرّة أراسل فيها صحيفة، وإنك أوّل امرأة بعد أمي الغالية، من أفتح لها قلبي وأُسرّ لها بما يكتمه من ألم غيّب الابتسامة عن وجهي، إذ على الرغم من أني على عتبة “فرحة العمر” وهذا ما تتمنّاه أية فتاة، إلا أنّي أعيش نوعا من القلق فيما يخصّ مستقبلي في بيت الزوجية…سيدتي.. أنا فتاة في ربيع عمرها، مقبلة على الزواج وأوشك على إنهاء دراساتي العليا، إلا أن خبرتي في الحياة محدودة جدّا، خاصة وأني الأنثى الوحيدة وسط إخوتي الأربعة، فأمي الغالية كانت تحرص دوما على أن أتألّق في دراستي وأنجح فيها، فلا أنا ولا هي كنّا نتوقّع هذا النصيب الذي جاء مصادفة، والذي عوض أن أفرح به؛ زاد من قلقي وحدّة توتّري، فأنا سيدتي أحسّ بأني سأكون فاشلة كزوجة وأمّ، ولا أنكر سيدتي، أني قد تأثّرت كثيرا بحالة والدتي التي كان الطلاق من نصيبها منذ أن كنّا صغارا، فبعد أن بدأت أدرك الأمور جيّدا، صرت أرى أن الحياة الزوجية أو السعادة الزوجية، أمر ليس بالهيّن، ومن الصعب التحكّم في سيرها، خاصة وأني نشأت في بيئة مختلفة وزواجي سيكون في منطقة معيّنة، علما أن خطيبي يتمتّع بصفات طيبة ورائعة، إلا أنه سريع النرفزة والعصبية، وهذا خلق لديّ تخوّفا كبيرا من طريقة التعامل معه.أرجوك سيدتي.. هل ما أمُرّ به مجرد أفكار سلبية قد تزول بمجرّد أن أجد نفسي أمام الأمر الواقع؟، فأنا جدّّ خائفة من أن تؤثّر هذه الوساوس على استقراري وسعادتي المستقبلية.
حائرة من العاصمة
الرد:
بُنيّتي.. أشكرك جزيل الشكر على الثقة التي وضعتها فينا، كما لا يفوتني أن أهنّئك على التخرّج، إذ إن اللّه أفادك بالعلم والذكاء، وكان لك السراج المنير، لكن أدعوك أولا أن تُخفّفي عنك هذا القلق اللذي سيفقدك تركيزك، ويجعلك تفكّرين بطريقة سلبية قد تُفسد عليك فرحتك.عزيزتي.. لقد أُعجبت كثيرا بصراحتك، وبطريقتك في تحليل الأمور، لكن تأكدي أن الحياة ليست بالعلوم الدقيقة، بل هي مجموعة من المواقف والمشاعر والأحاسيس التي تُؤثّر بدورها على ردود أفعالنا وتصرّفاتنا مع المحيطين بنا، فلا يجب عليك أن تقومي بعملية إسقاط تجربة أمك الفاشلة على تجربتك الشخصية، لأنه على الرغم من ذلك، لمست أن لك أمّا رائعة تحرص كل الحرص على الأفضل لأطفالها، وأظن أنّك قد حظيتي منها ما يكفيك لتكوني أنت كذلك أروع زوجة، وأحنّ أم على وجه الأرض بحول الله.لا يجب بُنيّتي أن تُقيمي أي أهمية للمنطقة التي ستستقرّين بها، فالفتاة كالبذرة الطيبة، تزرع في أي أرض لتأتي بأجود الثمار وأحسنها، فقط ما عليك أخذه بعين الاعتبار، هو أنك ستدخلين عالما فيه أناس جدد، وعليك التعلّم منهم والأخذ بنصيحتهم، خاصة وأن الله قد منّ عليك بزوج حسن السيرة ورفيع الأخلاق، وهذا سيُساعدك كثيرا على خلق التوافق والتكامل بينكما، كما أنصحك أن لا تهتمّي كثيرا للصفات السلبية الموجودة في زوجك، ولا يجب أن تضعيها تحت المجهر، ولتحاولي أن تُفكّري حول ما يتمتع به هذا الزوج من صفات إيجابية، ولتتأكّدي أن الكمال لله عزّ وجلّ، ولا تَعُدّي النرفزة والعصبية لغة صعبة عليك، بل يمكنك تجاوزها بالتّفهم والمسامحة، ولا تنسي ما للكلمة الطيبة والعبارات الدافئة من دور كبير لتمتين الروابط الزوجية والأسرية، فلا تُهوّلي عليك الأمور ولتعملي على إيجاد حلّ لها بالتعقّل.بُنيّتي.. لا تتركي منافذ للشيطان ليفرّق بينك وبين زوجك، كما لابدّ أن تثقي في نفسك، وفي قدراتك الأخلاقية التي ستكون إن شاء الله مفتاح سعادتك وهناء زواجك، ونورك نحو الاستقرار والسكينة وراحة البال، فلا تُفكّري كثيرا وحاولي أن تستمتعي بكل لحظة؛ بدل التفكير فيما سيُعكّر عليك صفو حياتك الزوجية.تفاءلي بنيتي.. فالحياة لا تحتاج لكل هذه الأفكار السوداوية التي بإمكانها أن تُفقدك الأمل وترمي بك في حالة من اليأس والقنوط، كما أنّك في أمسّ الحاجة إلى التشجع بدل التراجع للحفاظ على استقرارك الأسري.
ردت نور