بسبب عقدتي… سأظلمها معي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيّدتي الفاضلة نور.. اسمحي لي أولا أن أتقدّم لك بجزيل الشكر على هذا الفضاء القيّم الذي أعدّه أنيسا أستمد منه الطاقة والقوّة للمواصلة والمقاومة أمام العراقيل والموانع التي تصادفني يوميا، أمام ما يتخبّط فيه الناس جرّاء قسوة الحياة عليهم، ولعلّ ما دفعني لمراسلتك هو خوفي من أن أكون سببا في تعاسة من ستكون رفيقة دربي…سيّدتي الفاضلة.. لقد منّ الله عليّ بفتاة لم أعرف في مثل أخلاقها ولا مثل تفهّمها قط في حياتي، رزقني الله بعد ذلك حبّها.. تعلّقت بها لأقصى الحدود وهي الأخرى أحبّتني وهذا ما زادني تمسّكا بها، ولأن كلّ شيء جميل لابدّ أن تكون بدايته أجمل؛ بات الزواج هو الحلّ المنطقي مع هذه الفتاة، تقدّمت لخطبتها ورحّب بي أهلها وكل شيء جرى على أحسن ما يرام.. لكن الفتاة سيّدتي وإلى حدّ اليوم لم أُطلعها على موقفي من موضوع الأطفال، فأنا ضدّ أن يكون لدي أولاد بعد الزواج، لأني كثير العصبية منهم، والحياة في وسطهم لا تروق لي وهذا ما ألاحظه يوميا في نفوري من الأطفال، وعدم صبري معهم، فلا أنا أداعب أحدا منهم، ولا ألاطف آخر، وكلّما تحدّثت البنت عن الأطفال ومدى شوقها إلى أن تصير أمّا، كلّما زاد عذابي انفطر وجداني، لأني لا أرغب فيهم.. سيدتي لست أدري هل عليّ أن أصارحها بما يُعقّد حياتي أم لا؟، لكني في نفس الوقت جدّ خائف من ردّة فعلها، فلربما وضعت البنت حدّا لعلاقتنا وأنا لا أنوي أن أخسرها لأنها فتاة أحلامي، مما يعني يعني الضياع بعدها.أرجوك.. لا تبخلي عليّ بحلّ يزرع الأمل في دوام ما بيننا، والنجاة من ورطة اسمها خسارتها.
حائر من العاصمة
الرّد:
أخي الكريم، لقد استغربت كثيرا لرسالتك لدرجة أن أعدت قراءتها أكثر من مرّة، باحثة عن كلمة من بين كلماتك تشير إلى رغبتك في التحرّر من عقدتك لكن دون جدوى..
أخي.. اسمح لي إن قلت لك بأنك مخطئ كثيرا في حق نفسك قبل أن تكون مخطئا في حق الفتاة التي حقيقة ستظلهما معك وتظلم أمومتها إن أنت أصرّيت على أمر هو في الأصل بيد الله عزّ وجلّ، فقد تمنّيت كثيرا أن يكون سؤالك عن كيفية التخلّص من رغبتك غير المنطقية؛ وليس عن طريقة لإخبار الفتاة بعقدتك وتحرمها من رغبتها في أن تكون أمّا، أخي الفاضل إن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، فكيف لك أن تحرم نفسك ما فيه خير وبركة كبيرة للآباء، وفيه أجر وثواب أكبر إن أنت أنشأت أولادا في غاية التخلّق، فتربية الأطفال وتنشئتهم تنشئة حسنة يُعدّ تقرّبا من الله، ثم هل فكرّت فيمن سيحمل اسمك ويُشرّف نسبك بالفعل الطيب والسيرة الحسنة إن أنت أصريت على موقفك؟، كيف لك أن تمقت نعمه من نعم الله يتعذّب من أجل نيلها كثيرون..؟، أخي إن ما تفكّر فيه هو عين الجهل؛ إذ لا يوجد في الحياة ما هو أروع من طعم الأبوّة ولا يوجد ما هو أجمل من أن ترى نجاحك في فلذّات كبدك، فقبل أن تخسر رضى الله وبعده فتاة أحلامك، حاول أن تُعيد حساباتك في الموضوع، وحاول أن تغتنم الفرصة التي أعطاك اللّه إياها؛ لتتدارك خطأك وتستغفر لذنبك؛ فما الفتاة التي منّ بها اللّه عليك إلا فرصة لتتراجع عن رأيك.أخي الكريم.. أنا لن أقول لك حاول أن تصارحها، أو حاول أن تقنعها لتعيشا في سلام وآمان، بعيدا عن المشكلات والمنغّصات، بل سأكلّم الضمير الحي فيك، أكلّم قلبك الذي يملؤه الإيمان وحبّ اللّه فكيف لم تتوانى عن إغضاب ربّك بإصرارك وتمسّكك بأمر لا حول ولا قوّة لك فيه، حاول أن تتفاءل خيرا في الغد وأن تترك الأمور تسير على حالها وأن تُخطّط لما فيه خير لك ولزوجتك والذي صدّقني أنكما لن تجداه إلا في ثمرة حبكما الصافي، فلتقف مع نفسك وقفة محاسبة قبل فوات الأوان، وأنا متأكدة أن رسالتك هذه جاءت بعد إحساسك بالذنب، وهذا مؤشّر طيب على ما في قلبك، وعلى رغبتك الجامحة في التغيير، كان الله في عونك وسدّد خطاك، ووفقك لما فيه صالح لدينك ودنياك.
ردّت نور