يُهينني ويزدريني.. هذا هو حالي مع زوجي في رمضان

السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
سيدتي المحترمة.. أنا في أمسّ الحاجة إليك، فقلبي يكاد ينفطر بسبب زوجي الذي تتغيّر طباعه خلال شهر الصيام، حيث أنه يصبح أكثر عدوانية وغطرسة، والدليل أنه لا يكاد يمرّ يوم علينا إلاّ ويسمع القاصي والدّاني من الجيران وأبناء الحي شجارنا.لا أخفيك سيدتي.. أني حاولت احتواء الوضع في بداية زواجنا، حيث أقنعت نفسي بأن لكلّ واحد منا طبعه وطريقة تفكيره، إلاّ أن الأمر زاد عن حدّه لما بلغ ذوي ما أعانيه مع زوجي المصون الذي بلغت به الجرأة لأن يهينني على مسمع من أبنائي، كما أنه أخبر جميع من نصحه؛ بأنّي لا أصلح أن أكون زوجة، وبأن ما أتّهمه به من سوء معاملة واحتقار هو بهتان وباطل.هذا هو حالي سيّدتي خلال أيام الشهر الفضيل، والذي وعوض أن أتفرّغ فيه للعبادة والإكثار من النوافل، تجدينني في مدّ وجزر مع زوجي الذي ولولا الأطفال الذين يجمعوننا لما بقيت على ذمّته لحظة واحدة .ومن هذا المنطلق سيّدتي، قرّرت أن أراسلك حتى تنصحينني بما فيه خير لي في هذه الأيام الفضيلة التي سيُذهب فيها زوجي عليّ لذّتها، وما هو السبيل إلى أن أتسلّح بالصبر والتماسك حتى لا أتهوّر، وحتى لا أقترف ما لا يحمد عقباه، أنا في أمس الحاجة إليك سيدتي، فلا تبخلي عليّ رجاء.
الحائرة من الشرق.
الرّد:
لا يوجد هناك ما هو أصعب على المرأة من أن تحسّ بأنها أساءت الاختيار أو من أنها لم تنل زوجا تعيش إلى جانبه حياة السعادة والهناء، كما لا يختلف اثنان من أن شهر رمضان هو شهر العبادات والترفّع عن كلّ ما من شأنه أن يحطّ من قيمة الإنسان وقدره، وهذا للأسف ما لم يقم به زوجك معك، حيث أنه ينتظر فرصة شهر الصيام ليتحوّل إلى رجل لا علاقة له بالمبادئ والقيم، مبادئ رجل مسلم له زوجة أكثر ما هو مطالب به أمامها الاحترام والتقدير.لا ألومك سيّدتي على انفلات الأمور من بين يديك، بقدر ما أنا متأسّفة جرّاء المشكلات التي جعلتك تفكرين في أبغض الحلال عند الله، وكأنك بذلك تعالجين الخطأ بما هو أفدح منه وأسوأ.أشاطرك الرأي من أن تحوّل زوجك إلى رجل صعب المراس؛ أمر ليس بالسهل، خاصة خلال أيام الشهر الفضيل، إذ أكثر ما يُطلب من الإنسان المؤمن الإكثار من العبادات والتقرّب من الله عوض افتعال المشكلات وجرح القلوب وازدراء الشريكة التي لا ذنب لها حتى تتحمّل كلّ هذه التصرّفات السلبية.أفسّر تصرّف زوجك وعصبيته معك، بالنزعة الفردية التي تركته يمارسها عليك، حيث كان حريّا عليك وعلى الأقل أن تُثبتي وجودك وحضورك في بيتك وبين أفراد أسرتك الصغيرة، عن طريق رباطة جأشك وقوّة شخصيتك، فلو كان الأمر منذ البداية على هذا النحو، لما تصرّف زوجك معك بهذه الطريقة التي وإن دلّت فهي لا تدلّ سوى على غطرسة زوجك التي بلغت أشدّها ولم يعد في وسعك كبح جماحه؛ إلا إذا تحلّيت بإرادة فولاذية تقاومين بها قسوة زوجك.تعلمين سيدتي.. أن تعنّت زوجك وغطرسته لا تزيد إلا خلال شهر رمضان، وهذا ما يدفعك إلى أن تكوني مستعدة لمواجهة تصرّفاته وكل جوره وظلمه، وهذا لن يتم إلا بالصبر على الابتلاء وعدم مجابهته بما هو أسوأ، وليكن أكثر ما تقابلين به هذا الزوج الوداعة والحلم، والتماسك وعدم التهوّر إذ إن هذا الرجل سيجد نيران بركانه وهيجانه وكل طيشه وعبثه ينصهر في بوتقة المرأة العاقلة الصالحة والمتماسكة التي لن تترك فرصة للشيطان حتى يعبث بأسرتها الصغيرة مهما كانكما أنه عليك معرفة السبب الرئيسي الذي يجعل زوجك يفقد صوابه ويتحوّل إلى وحش كاسر، فقد يكون من النوع المُدمن على التدخين أو القهوة، وقد تكون عصبيّته الزائدة مردّها بعض المشكلات في العمل، وكما يقال أختي “إذا عرف السبب بطل العجب”، فلا تعطي الموضوع أكثر من حقه، وحاولي أن تطوّقي المشكلة حتى لا تعرف أبعادا أكبر، وتذكّري أن العديد من الرجال يفقدون السيطرة على أعصابهم خلال الشهر المبارك، كما أن عديد العلاقات الزوجية تُصبح على المحك بسبب نرفزة، غطرسة و جشع الزوج، فلا تصبّي الزيت على النار وتماسكي ما استطعت حتى لا تهدمي بيتك.افتحي معه باب الحوار حين تهدأ نفسه، ولتخبريه بأنك تحبّينه وتقدّرين تضحياته في سبيلك وسبيل أبنائك الذين لا يرغبون سوى في حضن دافئ لأب حنون وأم عاقلة، أخبريه بأنك مستعدّة لتحمّل كلّ شيء في سبيل سعادة أسرتك، وبأنك محتاجة إليه خلال هذا الشهر بالذات، لتكونا معا في طاعة اللّه وابتغاء رحمته وغفرانه، فماله يأبى أن يظفر بهذه الفرصة؟، وماله يدير ظهره لك وأنت تمدّين له يديك وكل عمرك على الرغم من أنه أساء إليك.استثمري عاطفتك كأنثى لجذبه إليك، وكوني دائمة الاستعداد للحوار معه، كما لا يفوتني أن أخبرك بأنك مطالبة بجعل أهلك بعيدا عن الموضوع رفعا للحرج الذي قد يصيب هذا الزوج الذي وإن كنت تظنّين بأنه في موقع القوّة، فإنه لم يظهر سوى ضعفه وعدم قدرته على تحمل الصيام ولا حتى كتم غيضه أو التحكّم في أعصابه.وفي الأخير، عليك أن تعلمي أختاه.. أنّ ما أنت فيه ابتلاء خصّك اللّه به، فلتحمديه ولتعملي على محاولة الخروج منه عن طريق تسلّحك بالإيمان والصبر، ولا تنسي أن الحياة الزوجية جهاد، فهنيئا لكلّ من فازت بهذا الجهاد ونالت رضى اللّه.
ردّت نور