مسحوق مصابيح ''النيون'' و''الباراسيتامول'' لترويجها على أساس هيروين
خلصت العديد من تحريات مصالح الأمن المتخصصة في مكافحة المخدرات والتحقيق في ملفات بارونات، أن هناك العديد من التجاوزات في حق المدمنين والمتعاطين، فبالرغم من خطورة ترويجهم للمخدرات بكل أنواعها وتهديدهم لحياة ومستقبل الشباب إلا أنه يتمادون في الجريمة بالغش في المخدر بمزجه بمواد صيدلانية، وأخرى غذائية ومنها الغامضة، لحصد المزيد من المال، من دون حساب النتائج الوخيمة التي قد تنجر عن تناولها، وتأثيرها ”القاتل” على مستهلكيها.”النهار” وقفت عند حقيقة هاته التجاوزات من خلال ملفات قضائية عالجها القضاء الجزائري مؤخرا، اكتشف فيه رجال الأمن بعد تحويل المحجوزات إلى المخابر الخاصة للشرطة العلمية أن كميات المخدرات غير خالصة، وأنما ممزوجة بمواد أخرى منها ”الباراسيتامول” الحليب الجاف، مسحوق مصابيح ”النيون” والزجاج، مما يحولها من مواد مخدرة إلى مواد قاتلة، يستهلكها المدمنون عن جهل قد تنهي حياة الفرد بمجرد استعمالها، وهو ما ستتطرق له ”النهار” في ملف الحال على سبيل المثال لا الحصر، كما ستنظر في حقيقة بناء المتابعة القضائية التي تنطلق من المتاجرة بالمخدرات والتي تصبح محل جدل بعد اكتشاف أن المخدر ما هو إلا مواد أخرى، هل ستكون المتابعة قائمة بنفسها وتبنى متاجرة وحيازة للمخدرات أو غير ذلك، وكيفية تأثير نوع المادة على مدة العقوبة المسلطة على المتورط؟ وهل يجوز بناء متابعة قضائية من مدمنين على تجار نصبوا واحتالوا عليهم ببيعهم موادا ممزوجة بمواد قاتلة.
امرأة تبيع ”الباراسيتامول” على أساس ”هيروين ” بالدواودة
استطاعت مصالح الشرطة القضائية قسم مكافحة المخدرات مؤخرا من ترصد امرأة تنحدر من سيدي موسى، متزوجة وأم لطفلين، تقدم منها رجل أمن لبس ثوب زبون من أجل التحري في شكوك تشير إلى أنها ضمن عصابة لترويج المخدرات، وتمكن من الاتصال بها وطلب منها كمية مخدرات من أجل الاستهلاك واتفقا على الالتقاء بمدينة الدواودة، حيث أحضرت له المتهمة قرصا من الهيروين الصلب، وفي تلك اللحظة ألقي القبض عليها وتوقيفها، حيث وبعد تحويل المتهمة على التحقيق، وخلال مواصلة التحقيق في الملف، أثبتت الخبرة العلمية أن القرص أو الكبسولة التي كانت المتهمة بصدد تسليمها في بادئ الأمر للزبون ما هي إلا ”باراسيتامول ” ولا تحمل أي ذرة من الهيروين، وأنها كانت بصدد النصب على الشخص المدمن وبعدها بتهمة تكوين جماعة أشرار، والمتاجرة بالمخدرات من نوع الهيروين الصلب والتبليغ عن جريمة وهمية لذكرها أسماء أشخاص لا علاقة لهم بالقضية.
‘كوكايين” مغشوش يروّجه ”طوليي” للمتعاطين والمدمنين في برج الكيفان
من جهة أخرى تمكنت مصالح أمن العاصمة خلال التحقيق في ملف مخدرات من توقيف كهل تجاوز الأربعين سنة، يشتغل دهان سيارات أو ما يعرف بـ”طوليي” وذلك بناءً على معلومات بلغت مصالحها من طرف شخص مجهول ببرج الكيفان تفيد بوجود كهل مسبوق قضائيا يروج المخدرات من نوع ”الكوكايين”، حيث باشرت مصالح الأمن تحرياتها للتوصل لهذا الأخير واعتقاله بعد العثور على 300 قرص مهلوس ومواد كيماوية يعرضها للبيع على أنها ”كوكايين” ببيته، إضافة إلى مبلغ مالي ضبط بحوزته قدر بـ19 ألف دج، وقد كشفت مصالح الأمن لدى تحويل هاته المواد للخبرة العلمية إلى أنها مادة صيدلانية تتمثل في ”البراسيتامول” مسحوقة للنصب على المتعاطين، وبيعها على أساس ”كوكايين”، حيث مثل ”الطوليي” أمام محكمة الحراش لمواجهة تهمة حيازة المخدرات والمتاجرة بها، وأنكر علاقته بها ووضح أنه أطلق سراحه مؤخرا من السجن بعد 18 سنة عقوبة.
وفاة كهل بعد تعاطيه ”هيروين” مغشوش
وإن كان بعض تجار المخدرات الجزائريين يحتالون على المدمنين بالغش في السلعة، إلا أن الرعايا الأفارقة متخصصون في المعاملات غير المشروعة والمشبوهة، حيث في فحوى ما سلف تحرى قاضي التحقيق بالغرفة الثانية بمحكمة الحراش ملف شبكة أفارقة باتت تشكل خطرا على الشباب الجزائري بترويجها للمخدرات بكل أنواعها وبالأخص ”الهيروين”، من خلال استيرادها من الخارج بالاعتماد على رعية نيجريي تم توقيفه من طرف شرطة الحدود على مستوى المطار الدولي هواري بومدين، بعد العثور على كمية تقدر بـ220 غرام من المواد الكيميائية بحقائبه تبين بعد إخضاعها للخبرة العلمية أنها مواد أولية خام، تتعلق بتحضير مادة الهيروين، حيث صرح المتهم أثناء التحقيق الأمني معه أن مجموعة من الأفارقة الماليين والنيجيريين المقيمين في الجزائر كلفوه بتزويدهم بكمية من المواد الكيميائية الخام الخاصة بصناعة الهيروين، جلبها لهم وفقا لطلبهم، وأشار الإفريقي أن المادة المحجوزة يتم مزجها مع أنواع أخرى من المواد منها البراسيتامول، الكافيين، ومواد أخرى ليتم استخلاص في الأخير مادة الهيروين التي يتم تسميم الشباب بها بترويجها في الأوساط المدمنة. وذكر مصدر”النهار” أن الأفارقة باتوا يشكلون خطرا كبيرا على صحة المتعاطين، بعدما باتوا يلجؤون إلى الغش في تحضير مادة الهيروين بإضافة مادة سامة قاتلة مستخلصة من مسحوق المصابيح ”النيون”، وسرد ذات المتحدث عن مقتل كهل مدمن توفي إثر تعاطيه مادة الهيروين التي اقتناها من رعية نيجيري، أثبت التشريح الذي خضع له أن سبب الوفاة هو تواجد مادة قاتلة عبارة عن مستخلص من مصابيح ”النيون” المعطّلة، ولا يزال التحقيق في القضية ساريا للبحث عن الأطراف الإفريقية التي تعمل على ترويج هذه المادة الخطيرة في أوساط الشباب الجزائري الذي بات مهددا بالموت المحتم من جراء تناول بعض المدمنين مواد مغشوشة التي يقوم الأفارقة بمزجها وبيعها على شكل مخدرات.
الحليب الجاف ممزوج بالهيروين للنصب على المدمنين في برج الكيفان
وغير بعيد على ”الباراسيتامول”، اكتشفت التحريات الأمنية أن بعض تجار المخدرات يمزجون مادة صغيرة من الهيروين مع الحليب الجاف، وإضافة بعض المواد الصيدلانية مثل المؤثرات العقلية بعد هرسها، وهو ما تطرق إليه دفاع أحد المتهمين في ملف يتعلق بالمتاجرة بالمخدرات مشيرا إلى أن الرعايا الأفارقة لا يزالون ينصبون على الجزائريين بترويج السموم ببيعهم مخدرات مغشوشة من هيروين ممزوج بالبراسيتامول والحليب الجاف، وهو ما توصلت إليه مصالح الأمن قسم مكافحة المخدرات خلال تحرياتها في ملف المخدرات، وبعد معلومات بلغتها عن وجود مجموعة من الرعايا الأفارقة من جنسيات مختلفة يقومون بالمتاجرة بالهيروين في المنطقة، حيث ضبطت كميات متفاوتة من الهيروين في أكياس بلاستيكية وتم إلقاء القبض على 5 أفارقة مقيمين في نفس العمارة ببرج الكيفان، بالإضافة إلى 3 جزائريين ينحدرون من برج الكيفان ورايس حميدو ومتابعتهم بحيازة المخدرات من نوع الهيروين مع الاستهلاك والترويج. حيث أنكر الأفارقة خلال استجوابهم التهمة وأكدوا أن المواد التي عثر عليها في بيتهم هي عبارة عن دواء باراسيتامول المسكّن لآلام الرأس، قاموا بتفتيته من أجل أن يسهل استهلاكه، فيما أشار آخر أنه يقوم بمزجه بالهيروين لزيادة الكمية وحصد الربح السريع من خلال استغلال حاجة المدمنين للمخدر.
المحامية ”نجاة مرناس” تكشف لـ”النهار”: ”انتفاء وجه الدعوى في الخبرة السلبية والجريمة قائمة في مزج المخدر بمواد أخرى”
وفي سياق ذي صلة وإثراءً للموضوع ارتأت ”النهار” أخذ رأي القانون في كيفية تكييف الوقائع في ملفات المخدرات سواء كانت متاجرة أو ترويجا أو حيازة، في حالة إثبات الخبرة العلمية أن المخدرات خالصة أو مغشوشة، وفي حالة إثبات أن المادة غير مخدرة أصلا، أكدت المحامية ”مرناس نجاة ” في حديث لـ”النهار” أنه ”إذا خلصت الخبرة العلمية إلى أن المادة المزعومة مخدرات حقيقة فإن القانون الجزائي يطبق على المتورطين في المتاجرة بالمخدرات، أو الترويج بعقوبات تتراوح بين 5 سنوات حبسا نافذا في الجنح وقد تصل إلى 20 سنة.وإذا كانت المادة المخدرة مختلطة أي ”مغشوشة مع مواد غير مخدرة ” تبقى الجريمة قائمة ويعاقب عليها القانون من سنوات 5 فما فوق، لأن المادة أصلا تحتوي على مخدر. وفي مقابل ذلك تشير المحامية وفي حال ما كانت الخبرة سلبية فإن المادة لا تدخل ضمن المادة المشار إليها من القرار الوزاري المتضمن لمواد تعتبر مخدرة، لأنه إذا رجعنا إلى القانون الجزائي إذا كانت التهمة استهلاكا، أو إذا كانت متاجرة فمن أركان قيام التهمة يجب توفر المادة المخدرة تسمى في القانون الجزائي جسم الجريمة أو محل الجريمة، مشيرة، القاضي في حاته الحالة يجد نفسه أمام وقائع لا تنطبق مع المواد القانونية 12 و17 قانون الوقاية من المخدرات، أي هنا لابد من أن ينفذ الانتفاء في الدعوى العمومية، مستفهمة إذا كانت المادة المخدرة غير موجودة ”فعلى أي أساس يبقى القاضي متمسكا بالتكييف القانوني الخاصة بالمتابعة بالحيازة، الاستهلاك أو المتاجرة أو ترويج المخدرات. وفيما يخص نصب تجار ومروجي المخدرات على المستهليكن ببيعهم مخدرات مغشوشة، فقد أكدت المحامية أنه لا يمكن أن يتابع المستهلك التاجر لأن محل البيع غير مشروع فما بني على باطل فهو باطل.