بدانتي سبب تعاستي
السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
سيدتي.. أنا فتاة أكاد أفقد صوابي من فرط كلام الناس الذي بات يقضّ مضجعي ويقضي على كلّ جميل في حياتي.فأنا سيدتي فتاة في مقتبل العمر، أتمتّع بروح عالية؛ كما أني بشوشة ومحبّة للحياة والألوان، إلا أني سيدتي أتخبّط في مشكل؛ الله وحده أعلم أنه لا ناقة لي فيه ولا جمل، فأنا سيدتي وبعد بلوغي سن العاشرة من العمر، ونظرا للتغيرات الهرمونية التي تصيب الفتاة وجدت نفسي أدخل في حالة من النمو غيّرت من شكلي الخارجي إلى درجة لا يتصوّرها العقل، حيث إني اكتسبت الكثير من الوزن وصرت بدينة.ولمعرفة تفسير للحالة التي أصابتني قصدت العديد من الأطباء، فوجدت الجميع يخبرني بأن ما أعاني منه حالة مرضية نادرة لا علاج لها.ولأني مؤمنة بقضاء اللّه وقدره، ولأني مدركة بأن المؤمن مصاب، صبرت على حالتي وتعاملت معها بالكثير من التلقائية لدرجة أثارت انتباه أفراد عائلتي وكل من يعرفني، فكان حب الجميع لي هو أكثر ما شجعني وحفّزني على الصمود.مشكلتي الحقيقية بدأت بعد إنهائي دراستي الجامعية التي كلّلت بالنجاح الباهر، حيث باشرت رحلة البحث عن منصب عمل أجني منه قوتي وأكوّن به نفسي التواقة إلى النجاح، لأتفاجأ بالجميع يرفض توظيفي على الرغم من مؤهلاتي والسبب في ذلك شكلي، وكأني بالوظيفة مرتبطة بالرشاقة والمظهر الخارجي.وليت الأمر توقّف عند هذا الحدّ سيدتي، حيث إن السخرية وكلام الناس اللاّذع لم يدعنِ وشأني، لدرجة انغلقت فيها على نفسي وبت رهينة 4 جدران ولا أبرح المنزل، بعد أن كنت كالفراشة التي لا تسكن إلا على أجمل الزهور والورود.أنا في حالة نفسية سيئة، كما أني أكاد أستسلم لليأس والقنوط، فما السبيل للخروج من هذه الحالة، أنا في أمسّ الحاجة إليك سيدتي فلا تبخلي علي بما ينير دربي.
التائهة من الغرب.
الرّد:
في كلام الناس الكثير من الإساءة للنفوس والأفئدة، لأن هناك من يقصدون ضرب الآخرين في الصميم، وهذا من خلال الحديث عن عيوبهم أو التشهير ببعض الأسرار في حياتهم، ممّا يتسبّب لهم في الكثير من الحرج والألم.ولأن الإنسان الحسّاس بطبعه يتأثّر ولو بالشيء القليل، فأنا أفهم بنيّتي سبب هبوط معنوياتك ويأسك وكل القنوط الذي بات يأبى مفارقتك، ولأنه لا يقدّم ولا يؤخّر في شيء، فالحريّ بك أن لا تهدمي كل ما بنيته منذ سنوات طويلة من صبر وقناعة وتسلّح بالإيمان بسبب الغير، فأنت تعرفين نفسك حق المعرفة، كما أنك ملمّة بأسباب الحالة التي تعانين منها، والتي لا تعدو أن تكون ابتلاء من اللّه سبحانه وتعالى، فلتتأكدي بنيّتي أن من سخر منك إنما يسخر من خلق اللّه.متأسفة أنا من أحوال الناس الذين باتوا لا يعيرون أهمية إلا للمظاهر والهندام أو ما يصطلح على تسميته بـ”اللوك”، حيث إن الكل يهرع نحو من تبدو عليه مظاهر الترف والبذخ، فيما يتهرّبون من كل من في قلبه الكثير من الطيبة والأخلاق حتى لمجرد أنه بسيط أو لأنه ليس على قدر كبير من الوسامة أو الجمال، وأظن أنه إن تغيّرت هذه المعايير التي تحكم أواصر العلاقات في مجتمعنا، فلنقرأ على الدنيا السلام.عزيزتي.. تشجّعي ولا تجعلي من كلام الناس مثبّطا لك لأخذ كل ما ترغبين فيه من الدنيا، وليكن في قلبك نوع من التحدّي حيال كل شيء حتى تثبتي وجودك وكيانك، فأنت أعلم بمستواك وقدرتك على تبوّء أعلى المناصب عن جدارة واستحقاق.تيقّني عزيزتي أنّ من يزدري إنسانا أو يحتقره إنما يحتقر نفسه أولا، كما أن العديد ممن يعبثون بمشاعر الناس وينكّلون بقلوبهم سيأتيهم من سيعاملهم بنفس المعاملة لا محال يوما ما، فكما تدين تدان، وما من أحد منّا بمنأى عن المرض أو أي شيء يمكنه من أن يكون محطّ الشفقة أو السخرية لدى الناس، فرأفة بالناس رجاءً .
ردّت نور