أخبرته بسرّي فأصبح يساومني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدتي.. لم أجد ما أستهلّ به رسالتي لك سوى أن أشكرك على الجميل الرائع الذي تسدينه لقرّائك المتعطّشين إلى ردودك، وعلى كل ما تقدّمينه لهم من حلول تثلج الصدر وتريح الأفئدة المتعبة. فأدامك الله سيدتي منبرا للصراحة والراحة، وحفظك لكل قرّائك الأوفياء.سيدتي.. أنا فتاة آمنت بالحب وجعلته نبراسا في حياتي، فاستأمنت أول من طرق باب فؤادي ومنحته كل غال لأجد نفسي وقد فقدت أعزّ ما تملكه الفتاة، لا أنكر أن الأمر لم يكن بالسهل علي، حيث أحسست بأني خنت ثقة والداي اللذين ظنا أني على ما ربياني محافظة، فأخفيت ما ألمّ بي عليهما وخاصة على أمي، وقبلت بمن قصد بيتنا خاطبا على أن أجد فيه من العيوب ما يمكنني من فسخ الخطوبة لاحقا.إلا أني وبمرور الوقت تفاجأت بأن قلبي دق للخطيب، فصرت أحبه حبّا لا يوصف؛ خاصة وأنه منحني الكثير من الراحة والأمان، كما أني حسبت نفسي وقد وجدت ضالّتي في حب يأخذني بعيدا عن الصدمة التي عشتها في الماضي، وحتى لا أبني حياتي إلى جانبه على الكذب، قمت بمصارحة خطيبي بحقيقتي، فوجدته يتعاطف معي في الأول إلا أنه سرعان ما تغيّر.فبعد أن أحسست بأني وجدت الراحة والأمان، وبعد أن أحسست بأني عانقت السعادة والراحة، وجدت خطيبي ينقلب عليّ رأسا على عقب، فبعد أن أبدى تعاونه معي وبعد أن وعدني بتجاوز هذه العقبة، تفاجأت به وقد تحوّل إلى كتلة من العقد والشكوك، حيث أصبح يسألني أمورا في البدء فسّرتها على أنها نوع من الرغبة في إشباع الفضول، لأكتشف بعدها بأنه لم يهضم فكرة أن يكمل مشوار حياته إلى جانب فتاة باعت شرفها وسمعتها لشاب أدار لها ظهره.أكثر ما حزّ في نفسي سيدتي، أني وعلى الرغم من كل الحب الذي أكنه للخطيب، و على الرغم من مصارحتي له بذلك مرارا وتكرارا إلا أني تفاجأت به يخبرني بأني أمثّل عليه الحب لا لشيء إلا لأنال مأربي منه، فيتزوجني درءا للعار والفضيحة، فهل يعقل هذا؟، أنا في حالة يرثى لها سيدتي، فخطيبي قد بلغت به الجرأة أن بدأ في الإلحاح علي أن أفسخ خطوبتنا، وإلا سوف يكون مضطرا لإخبار والداي بالحقيقة التي أخفيتها عنهم، وهذا ما لا أريده، فأي طريق أسلكه سيدتي وهل يجوز لي أن أبقى بين مدّ مشاعري وجزر خيبة أملي دون أن أصل إلى حلّ يشفي غليلي، أنيري دربي سيدتي فأنا في أمس الحاجة إليك.
الحائرة من العاصمة
الرّد:
لا يوجد ما هو أسوأ من أن نساوم على مشاعرنا على يد أعزّ الناس علينا، ولا يختلف اثنان أختاه من أنك في موقف لا تحسدين عليه؛ حيث أنّ قيام الخطيب بمثل هذا التصرّف يبيّن عن سوء نيّته وأنه قام بالإصطياد في المياه العكرة.من الجيّد أنك لم تفقدي الأمل في الحياة والحب بعد الحادثة التي ألمّت بك، لكن هذا الأمل لم يكن ليدعوك أبدا للتسليم لأول من دنا منك، حيث إنك تسرّعت وفتحت له قلبك وقمت بمصارحته بسرّك من دون أن تفكري في العواقب، وها هي الأمور تسير عكس ما كنت تتوقعين؛ حيث إن أحلامك سرعان ما هوت وسقطت كمثل برج من الكريستال تحطّم على وقع خدش بسيط، إلا أني لا أظن جرحك بمثل هذه البساطة، فألم جرح القلوب أوجع من كل وجع.ليس من السهل أن يعلم والداك بما أخفيته عليهما، كما أنه ليس من السهل أيضا أن تعيشي على هاجس وخوف أن يأتيك يوم يعايرك فيه هذا الخطيب أو الزوج على ماضيك الذي لم يكن مشرّفا، حيث إنك منحت أغلى ما يمكن للفتاة أن تتباهى به يوم زفافها في لحظة طيش، وما من رجل في هذه الدنيا يقبل أن يربط مصيره وشرفه وسمعة عائلته لمن فرطت في شرفها، ومن هذا المنطلق أنصحك بضرورة أن ترضي بالأمر الواقع وتنصاعي لأوامر هذا الخطيب التي أظنها أحسن من البقاء إلى جانبه، فلتفسخي خطوبتك معه ولتلتفتي إلى أمور أخرى في حياتك لا تقلّ أهمية عن الزواج؛ كالنجاح في الدراسة أو التألّق في العمل إلى أن يلاقيك القدر بمن سيأخذ بك إلى عش الزوجية والذي سيكون أهلا لاحتواء همومك وكل جراحك، والذي سيكون لظهوره في حياتك كمثل عثورك على الترياق الذي يداوي كل ما هو مؤلم؛ فلا تفقدي الأمل أختاه واحتسبي أمرك له عزّ وجل.ومن هذا المنبر ليس في وسعنا سوى أن ندعو بناتنا بضرورة التريّث والحذر في العلاقات العاطفية التي يقعن ضحية لها، حيث إن غالبيتهن تسلمن بأنهن وجدن حقا الصدر الحنون الذي يحتوي أحلامهن وآمالهن، لتقعن بعدها فيما لا يحمد عقباه من الندم والحسرة والفضيحة.
ردّت نور.