أعظم سيـدة في حيـاتي تقف في وجـه سعـادتي
السّلام عليكم ورحمة اللّه تعالى وبركاته سيدتي نور، بقلب ينفطر حزنا وبروح تعيش يأسا، أكب لك ألمي وشجني، وفي نفس الوقت خوفي من مصيري، فأنا حقاً بين المطرقة والسندان، بيم أمي التي رضاها من رضا ربي، وبين حب حياتي والرجل الذي يريدني أميرة في بيته…سيدتي الفاضلة إخواني القراء، فبعد أن ضاقت بي الحياة بما رحبت أردت أن أشارككم اليوم مأساة حقيقية تكاد تأتي على نفسيتي، فبعد أن بلغت الأربعين من العمر ظننت أنه آن الأوان لأفتح قلبي للحياة وأبحث عن الاستقرار الذي طالما حلمت به، ليصطفّ القدر إلى جانبي ويهبني قلبا رأيت فيه بهجتي، كان زميلا في العمل الكل يشهد لأخلاقه والكل يتحدث عن حسن سيرته، صدقوني إن قلت أنني أحببته حبا أنساني كل ما فات علي من آهات وآلام، أحببته بكل ما لدي من مشاعر، تلك المشاعر التي كتمتها طيلة سنوات الشقاء والتعب، أحببته وعزمت الأمل على مشاعره التي كانت تفيض حنانا ووفاء وإخلاصا، أغدق ولم يتأخر ليظهر صفاء ما كان يتخلل صدره من نوايا طيبة.. غمرتني الفرحة وكأنني فتاة مراهقة تطل للتو على الحياة وترغب في معانقتها وتأبى في نفس الوقت التخلي عن حقها في تحقيق طموحها.. حقها في التحرر من الضغوطات التي عاشتها في ظل الحرمان، أجل أقول الحرمان لأنني ترعرعت يتيمة مسؤولة عن أمي وأخي فوفاة والدي وأنا في الخامسة عشر أجبرني على مقاسمة أمي حمل الحياة وما أثقله من حمل، فلم يكن أمامي سوى المكافحة الاجتهاد الحصول على علامات ممتازة في مشواري التعليمي لأتصدر قوائم الناجحين في نهاية كل سنة دراسية وليسهل عليّ في نفس الوقت التقدم بخطى ثابتة نحو راحة البال وراحة أمي التي ضحّت بشبابها وبحقوقها في الحياة من أجل سعادتي وسعادة أخي، حصل كل ما خططت لأجله والحمد لله واصلت دراستي العليا وكعادتي تخرجت بامتياز والأولى على دفعتي، ليبتسم لنا القدر وأوفق لأول مرّة وبفضل الله عزّ وجلّ في الحصول على منصب لائق زرع في بيتنا القليل من السكينة والأمان من جديد وبدأ ذاك المنصب يكبر سنة بعد سنة وبدأت حياتنا تتحسن يوما بعد يوم، حرمت نفسي من أمور عديدة ووفرتها لأمي وأخي الذي كنت له الأم الثانية، كرّست كل وقتي للعمل في الخارج وداخل البيت ولم أبخل على أمي تلك السيدة العظيمة؛ كيف لا وهي التي كانت تحرم نفسها لنأكل نحن تحرم نفسها لأدرس وأظهر كالفتيات في المدرسة، صدقيني سيدتي إن قلت لك أنني كنت في غاية السرور وأنا أتعذب من أجل عائلتي لأنني وإلى حد اليوم لن أوفيّ ولو مقدار ذرة من تلك التضحيات التي قدمتها أمي من أجلنا… لكن أن تقف ضد سعادتي وأن تحرمني اليوم وأنا في الأربعين من العمر من أن أحس أنني أنثى لي الحق في أن أحُب وأن أُحَب هذا أمر لا أستسيغه ولا أراه من حقها، تخيلي سيدتي أنها رفضت الرجل الوحيد الذي أحببت واخترت في حياتي، الرجل الوحيد الذي أتحت له فرصة التقدم لخطبتي منذ أن تخرجت والتحقت بالحياة العملية، مبررة رفضها بأن الرجل لا يرغب بي إنما طامع في منصبي.. فهل يعقل سيدتي أن تقمع أحلامي على يد أعظم سيدة في حياتي، أمي التي رضاها من رضا ربي، فمهما قلت ومهما وصفت لا يمكنني وصف النار التي تشتعل في صدري لأنني لا أستطيع أن أقف في وجهها وأناقشها في أبسط حقوقي، فرفضها لرجل كان بمثابة الصدمة التي لم أستفق منها لحد اليوم، فتلك أمي وتلك سعادتي، فلا أنا أريد أن أخسر حب حياتي ولا أريد أن أعصيَ أمي..؟ فهلا أنرت دربي..؟
أسيرة الألم من الشرق